5 دول لن تشهد انتخابات مجلس الشيوخ.. سوريا والسودان وإسرائيل أبرزهم    محافظ القليوبية يتابع أعمال النظافة ورفع الإشغالات بالخصوص    الرئيس الإيراني يبدأ زيارة رسمية إلى باكستان السبت لتعزيز التعاون الثنائي    ملك المغرب يعطي تعليماته من أجل إرسال مساعدة إنسانية عاجلة لفائدة الشعب الفلسطيني    الرئاسة الفلسطينية: مصر لم تقصر في دعم شعبنا.. والرئيس السيسي لم يتوان لحظة عن أي موقف نطلبه    فرنسا تطالب بوقف أنشطة "مؤسسة غزة الإنسانية" بسبب "شبهات تمويل غير مشروع"    القوات الأوكرانية خسرت 7.5 آلاف عسكري في تشاسوف يار    البرلمان اللبناني يصادق على قانوني إصلاح المصارف واستقلالية القضاء    تقرير: مانشستر يونايتد مهتم بضم دوناروما حارس مرمى باريس سان جيرمان    عدي الدباغ معروض على الزمالك.. وإدارة الكرة تدرس الموقف    خالد الغندور يوجه رسالة بشأن زيزو ورمضان صبحي    راديو كتالونيا: ميسي سيجدد عقده مع إنتر ميامي حتى 2028    أبرزهم آرنولد.. ريال مدريد يعزز صفوفه بعدة صفقات جديدة في صيف 2025    مصر تتأهل لنهائي بطولة العالم لناشئي وناشئات الإسكواش بعد اكتساح إنجلترا    جنوب سيناء تكرم 107 متفوقين في التعليم والرياضة وتؤكد دعمها للنوابغ والمنح الجامعية    تحقيقات موسعة مع متهم طعن زوجته داخل محكمة الدخيلة بسبب قضية خلع والنيابة تطلب التحريات    محافظ القاهرة يقود حملة لرفع الإشغالات بميدان الإسماعيلية بمصر الجديدة    نيابة البحيرة تقرر عرض جثة طفلة توفيت فى عملية جراحية برشيد على الطب الشرعى    مراسل "الحياة اليوم": استمرار الاستعدادات الخاصة بحفل الهضبة عمرو دياب بالعلمين    مكتبة الإسكندرية تُطلق فعاليات مهرجان الصيف الدولي في دورته 22 الخميس المقبل    ضياء رشوان: تظاهرات "الحركة الإسلامية" بتل أبيب ضد مصر كشفت نواياهم    محسن جابر يشارك في فعاليات مهرجان جرش ال 39 ويشيد بحفاوة استقبال الوفد المصري    أسامة كمال عن المظاهرات ضد مصر فى تل أبيب: يُطلق عليهم "متآمر واهبل"    نائب محافظ سوهاج يُكرم حفظة القرآن من ذوي الهمم برحلات عمرة    أمين الفتوى يحذر من تخويف الأبناء ليقوموا الصلاة.. فيديو    ما كفارة عدم القدرة على الوفاء بالنذر؟ أمين الفتوى يجيب    القولون العصبي- إليك مهدئاته الطبيعية    جامعة أسيوط تطلق فعاليات اليوم العلمي الأول لوحدة طب المسنين وأمراض الشيخوخة    «بطولة عبدالقادر!».. حقيقة عقد صفقة تبادلية بين الأهلي وبيراميدز    النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بعدد من مدارس التعليم الفني ب الشرقية (الأماكن)    لتسهيل نقل الخبرات والمهارات بين العاملين.. جامعة بنها تفتتح فعاليات دورة إعداد المدربين    محقق الأهداف غير الرحيم.. تعرف على أكبر نقاط القوة والضعف ل برج الجدي    وزير العمل يُجري زيارة مفاجئة لمكتبي الضبعة والعلمين في مطروح (تفاصيل)    هيئة الدواء المصرية توقّع مذكرة تفاهم مع الوكالة الوطنية للمراقبة الصحية البرازيلية    قتل ابنه الصغير بمساعدة الكبير ومفاجآت في شهادة الأم والابنة.. تفاصيل أغرب حكم للجنايات المستأنفة ضد مزارع ونجله    الشيخ خالد الجندي: الحر الشديد فرصة لدخول الجنة (فيديو)    عالم بالأوقاف: الأب الذي يرفض الشرع ويُصر على قائمة المنقولات «آثم»    تمهيدا لدخولها الخدمة.. تعليمات بسرعة الانتهاء من مشروع محطة رفع صرف صحي الرغامة البلد في أسوان    ليستوعب 190 سيارة سيرفيس.. الانتهاء من إنشاء مجمع مواقف كوم أمبو في أسوان    تعاون مصري - سعودي لتطوير وتحديث مركز أبحاث الجهد الفائق «EHVRC»    كبدك في خطر- إهمال علاج هذا المرض يصيبه بالأورام    محافظ سوهاج يشهد تكريم أوائل الشهادات والحاصلين على المراكز الأولى عالميا    الوطنية للصلب تحصل على موافقة لإقامة مشروع لإنتاج البيليت بطاقة 1.5 مليون طن سنويا    وزير البترول يبحث مع "السويدى إليكتريك" مستجدات مجمع الصناعات الفوسفاتية بالعين السخنة    هشام يكن: انضمام محمد إسماعيل للزمالك إضافة قوية    ضبط طفل قاد سيارة ميكروباص بالشرقية    حملة «100 يوم صحة»: تقديم 23 مليونًا و504 آلاف خدمة طبية خلال 15 يوماً    انطلاق المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل من محافظة مطروح    SN أوتوموتيف تطلق السيارة ڤويا Free الفاخرة الجديدة في مصر.. أسعار ومواصفات    خبير علاقات دولية: دعوات التظاهر ضد مصر فى تل أبيب "عبث سياسي" يضر بالقضية الفلسطينية    بدء الدورة ال17 من الملتقى الدولي للتعليم العالي"اديوجيت 2025" الأحد المقبل    يديعوت أحرونوت: نتنياهو وعد بن غفير بتهجير الفلسطينيين من غزة في حال عدم التوصل لصفقة مع الفصائل الفلسطينية    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل برنامج التصميم الداخلي الإيكولوجي ب "فنون تطبيقية" حلوان    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    طارق الشناوي: لطفي لبيب لم يكن مجرد ممثل موهوب بل إنسان وطني قاتل على الجبهة.. فيديو    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 31-7-2025    فوضى في العرض الخاص لفيلم "روكي الغلابة".. والمنظم يتجاهل الصحفيين ويختار المواقع حسب أهوائه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رفيق عبد السلام وزير الخارجية التونسي في حوار بمذاق الربيع العربي:
قدر مصر قيادة العالم العربي رغم انشغالها بوضعها الداخلي
نشر في الأخبار يوم 12 - 03 - 2012

رفىق عبد السلام أثناء حواره مع »الاخبار« رفيق عبدالسلام وزير الخارجية التونسي الشاب الذي لم يتجاوز نهاية الاربعينات احد وجوه تونس الجديدة، فيما بعد ثورة الياسمين احد الطيور المهاجرة التي عادت لتتولي مسئولية ملف الدبلوماسية التونسية فنجح سريعا في استعادة نشاطها، اضاف اليها حيوية الشباب المفتقدة، حيث سعي خلال الاشهر الماضية الي طرح العديد من المبادرات والافكار وفي مقدمتها حل الازمة السورية، تجاوز الرجل سريعا ما اسماه الضرب "تحت وفوق الحزام" الذي يتعرض له السياسيون عند ترشيحهم لبعض المناصب وتكليفهم ببعض المهام عندما حاول البعض في تونس عرقلة توليه للمنصب فقط لانه صهر راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة دون النظر الي قدرات الرجل وامكانياته.. جاء رفيق عبد السلام الي القاهرة ليشارك في اجتماعات وزراء الخارجية العرب فالتقته »الاخبار« لتحاوره حول عدد من القضايا في مقدمتها مسيرة عام في عمر الثورة التونسية التي يعيشها يوما بيوم وساعة بساعة بحكم قربه من دائرة صنع القرار.. والثورة المصرية التي يراقب تفاصيلها بعين المحب ورغبة المتطلع لنجاح التجربة التي ستصب في النهاية كما قال في استعادة دور مصر القيادي في المنظومة العربية .
اكد رفيق عبد السلام ان مصر وتونس تجاوزتا المرحلة الصعبة فيما بعد ثورتي الياسمين و25 يناير والتي كان من الممكن ان يتمخض عنها انهيار الدولتين وتعطيل مؤسساتهما .. قال ان حزب النهضة لديه علاقات مع الاخوان المسلمين ولكنه ليس امتدادا للجماعة ..مؤكدا ان "النهضة" حزب سياسي يهتم بالمرجعية الاسلامية..اعترف بأن الحكومة التونسية لديها مشاكل مع السلفيين لكنه توقع بأن تلك الظاهرة لن تستمر طويلا لغياب الارضية الصلبة لها داخل المجتمع التونسي.. وهذا نص الحوار:
استقرار مصر وتونس أيام مبارك وبن علي يشبه »صمت القبور«
هناك تماس بين التجربة المصرية والتونسية وبعض الناس تتحدث عن ان التجربة التونسية قد تكون الافضل في مسألة مابعد الثورة، فكيف تري وجه المقارنة بين التجربتين؟
المسار متشابه الي حد كبير وأري ان تونس هي مصر صغيرة ومصر هي تونس كبيرة فالسياقات التاريخية والاجتماعية والثقافية فيها مساحة كبيرة من التشابه واتصور ان ما يجري في تونس من تطورات وتغيرات نري شيئا شبيها او قريبا منه في في الحالة المصرية ،وربما عقبات والصعوبات التي واجهت مصر في المرحلة الانتقالية كانت اكبر من تونس ولكن ذلك يرجع الي حجمها الجغرافي وعدد السكان الكبير بالاضافة الي الميراث الطويل للاستبداد الذي جثم علي صدر المصريين من خلال حكم مبارك لمدة 30 عاما ،لكنها مسألة وقت وأري الامور تسير في نفس الاتجاه، نحن انتخبنا مجلسا وطنيا تأسيسيا افرزنا حكومة ائتلاف وطني منتخبة والامور تتشابه في هذا المنحي في مصر، فلديكم انتخابات تشريعية وبرلمانية واصبح لديكم مجلس شعب وشوري منتخبان وتتجهون الي انتخابات رئاسية، اتصور ان مصر وتونس تجاوزتا المرحلة الصعبة التي اعقبت الثورة، وكان من الممكن ان يتمخض عنها انهيار الدولة او تعطل مؤسساتها، لكننا في تونس استطعنا ادارة الدولة بقدر من الوفاق الوطني وانتقلنا الي مرحلة الشرعية الديمقراطية الشعبية، واري ان نفس المشهد يتشكل في مصر الان باتجاه شرعية ديمقراطية تعبر عن الارادة الشعبية المصرية والمسألة مجرد وقت وهذا طبيعي ومتوقع ان تشهد بعض الصعوبات في عملية الانتقال الديمقراطي.
هل تعتقد ان وجود تيار ديني يتولي السلطة وهو صاحب القرار في البلدين قد يساعد كثيرا في ايجاد علاقات متميزة خلال الفترة القادمة ام سيكون معرقلا للتعاون المصري التونسي؟
نحن في تونس ليس لدينا مايسمي بالتيار الديني ،فقط لدينا احزاب سياسية ،اذا قصد بذلك حركة النهضة فإنها حزب سياسي ،ربما يهتم بالمرجعية الاسلامية لكنه يبقي حزبا سياسيا ،اعضاؤه فاعلون سياسيون وليسوا كائنات "ميتافيزيقية" من خارج الزمان والمكان ،فهم في النهاية يتأثرون بالمحيط الذي حولهم، اذا كان المناخ السياسي المحيط بهم سليما فسيفرز في الغالب تعبيرات اسلامية سليمة ،واتصور ان الطرف الاسلامي جزء من النسيج الوطني لا يمكن استبعاده وبالتأكيد ان مناخ الانفتاح والتطور سيفرض علي الاسلاميين ان يكونوا اكثر مرونة وتطورا خاصة حينما يتحملون مسئولية الحكم ،فللمعارضة منطقها ومقتضياتها الخاصة وللسلطة والحكومة مقتضياتها وشروطها الخاصة ايضا.
هل تري ان هناك تمايزا او تشابها بين حركة الاخوان المسلمين في مصر وبين حركة النهضة التونسية؟
نحن كعرب اوضاعنا متشابهة بما في ذلك تعبيراتنا السياسية ،واحزابنا السياسية بها قدر كبير من التأثر ببعضها البعض، ولكن هناك مساحة من الخصوصية التي تتعلق بالاوضاع المحلية لكل بلد، فالنهضة هي تعبير وطني تونسي، متأثر بالسياق الاجتماعي والثقافي التونسي ،وبالتأكيد تأثرت بالرياح المشرقية وبالحالة السياسية المصرية ولكنها تفاعلت وتطورت ضمن الخصوصيات التونسية.
ولكنها ليست امتدادا لجماعة الاخوان المسلمين كما هو الحال في الادرن وفلسطين مثلا؟
لا أستطيع ان اقول انها امتداد للاخوان المسلمين، هناك علاقات تواصل مع الاخوان وغيرهم من الاحزاب السياسية الاخري، ولكن لدينا سياقات محلية ووطنية تونسية.
الا تخشي من حدوث صدام بين الاسلاميين في تونس وبين التيارات الاخري خاصة وان الوعي الديني في تونس في الفترة السابقة كان ضعيفا؟
لا اتصور ذلك ،اذا قصد حزب النهضة فهو جزء من حكومة الائتلاف الوطني وهي حركة وحزب مسئول من الناحية السياسية ومتواصل اجتماعيا مع المجتمع التونسي ومتطور ومنفتح ايضا،وهذه من العوامل التي ساعدت علي التطور الديمقراطي في تونس وما كان لها ان تصل الي تلك المرحلة بدون توجه ديمقراطي عبر عنه حزب الاغلبية وهو حزب النهضة ، اما اذا قصد ببعض المجموعات السلفية فقطعا لدينا مشكلة صعبة معهم نظرا لتوجهاتها المنغلقة التي قد لا تجد قبولا في المجتمع التونسي ،ونحن حريصون الا ننزلق الي نفس الاساليب التي كان يستخدمها بن علي من خلال حل المشكلات عن طريق التعامل الامني ،فاستخدام عصا القمع لمواجهة تلك المجموعات سيزيدها تشددا وعنفا ونحن لا نرغب في ذلك.
وتلك المجموعات السلفية في تونس ليس لها ارضية صلبة في المجتمع ،فهناك من تأثر ببعض الفضائيات او الحركات الخارجية، وتونس عانت من حالة فراغ ديني وهذه واحدة من المشكلات الاساسية ،وهو غياب دور مؤسسة دينية معتدلة ومتزنة مما ترك بعض شبابنا عرضة لرياح تأثيرات خارجية ،وهذا امر طبيعي مع وجود فحوي دينية ليس في العالم العربي فقط وانما في مختلف مناطق العالم ،ولابد ان نقدم مادة دينية متزنة ومعتدلة لهذا الشباب لكي يعبر عن حاجاته الذهنية والنفسية.
هل هناك آلية واضحة في تونس لارساء تلك المفاهيم المعتدلة ؟
نري ان الآلية تأتي من خلال استعادة دور مؤسسة"الزيتونة" كمؤسسة علمية سنية مالكية منفتحة معتدلة يمكن ان توفر ارضية صلبة لتخلق ثقافة دينية متزنة ومفيدة للمجتمع والشباب التونسي ،مثلما هو دور الازهر الشريف في مصر ،فلا يستطيع احد ان ينكر الدور الاعتدالي في توفير ثقافة دينية معتدلة ومتسامحة بالنسبة للمصريين والعالم السني بصفة عامة.
الا تعتقد ان يمثل السلفيون خصما للنهضة بسبب قلة خبرتهم مقارنة بالاحزاب السياسية الاخري؟
التيار السلفي اغلبه شباب في العشرينات من عمرهم وليس لديهم خبرة سياسية اجتذبتهم الفضائيات الخارجية وربما تأثروا بالمناخ الديني العام الموجود في منطقتنا العربية ولكن لا استطيع ان اقول ان يشكلوا بديلا ، لان الثقافة العامة في تونس هي ثقافة منفتحة لبلد متعدد ولا يمكن ان يقبل بثقافة متشددة بأي نحو من الانحاء ،وانا متفائل ايضا حتي مجموعات الشباب بعامل الوقت ستتطور وتتغير بعد 5 او 10 سنوات، لانهم جزء من المحيط ومن الثقافة العامة للبلد وسينطبعون علي نحو او آخر علي المحيط العام والثقافة العامة في تونس.
كيف يتم صياغة العلاقات بين تونس التي يحكمها حزب اسلامي مع دول الجوار الاقليمي واقصد بها اوروبا الطرف الاقرب جغرافيا لتونس والذي تعتمد عليه كثيرا اوروبا؟
السياسة الخارجية لا تعبر عن ارادة فرد او حكومة ولكنها يجب ان تبني علي معطيات موضوعية فنحن نتحدث عن موقع جغرافي وامكانيات ديمغرافية واقتصادية وبشرية وطبيعية وكل هذه معطيات يجب ان تؤخذ في الحسبان في السياسة الخارجية ،وتونس بلد متعدد الابعاد ،والبعد المتوسطي الاوروبي كان ومازال وسيبقي في مجال السياسة الخارجية 80٪ من حجم التبادل التجاري التونسي مع اوروبا، فيجب ان نضع ذلك في عين الاعتبار مع الحفاظ علي كوننا دولة عربية مغاربية افريقية ،وكل هذه المعطيات يجب ان تنعكس في سياساتنا الخارجية ونحن نتحرك في مختلف تلك الابعاد ،لدينا اتفاقية شراكة مع دول الاتحاد الاوروبي وحريصون علي تطوير علاقاتنا معهم، ولكننا بلد عربي وفي عمق العالم العربي ولابد ان ينعكس ذلك ايضا في سياستنا الخارجية.
هل حدث اي نوع من تبادل الزيارات بين تونس والدول الاوروبية عقب الثورة التونسية؟
بالتأكيد، فنحن من الاسبوع الاول الذي تولينا فيه وزارة الخارجية استقبلنا ثلاثة وزراء خارجية اوروبيين، استقبلنا وزير الخارجية الفرنسي باعتبار فرنسا الشريك التجاري الاول لتونس، كما استقبلنا وزير خارجية ايطاليا باعتبارها الشريك التجاري الثاني، واخيرا وزير الخارجية الالماني لكون المانيا الشريك الثالث لنا، ولمسنا رغبة في تطوير العلاقات معنا ودعم التجربة الديمقراطية في تونس ،ربما فرنسا اليوم منشغلة بعض الشئ بشئونها الداخلية والانتخابات ولكن علي الاقل بالنسبة لباقي الدول الاوروبية فإن العلاقات التونسية منفتحة ومتواصلة معهم وهي علي احسن ما يرام.
هل استشعرتم ان هناك قلقا اوروبيا من التجربة التونسية ؟
لا ،لمسنا رغبة في دعم تلك التجربة، وكان لديهم شعور انه اذا فشلت التجربة التونسية ستنعكس سلبيا علي العالم العربي ، والاوربيون يدركون جيدا الجغرافيا السياسية العربية وتداخلها مع بعضها ،فما وقع في تونس في 14 يناير العام الماضي اثر في كامل المحيط العربي وهذا يدل علي ان اوضاعنا العربية متداخلة ، والاوروبيون لايرغبون في ان يروا فشل هذه التجربة لانها ستنعكس ايضا عليهم وعلي اقتصادهم وامنهم ،ونحن رأينا بعض الصعوبات التي عشناها عقب الثورة ،وكان هناك هجرات من شبابنا باتجاه اوروبا واحدث ذلك لهم صعوبات وقلقا كبيرا.
هل تم مناقشة تسليم زين العابدين بن علي خلال زيارة رئيس الوزراء التونسي الي المملكة العربية السعودية مؤخرا؟
هذا الموضوع بالتأكيد هو مطلب شعبي لاستعادة بن علي وعائلته التي نهبت ثروات البلاد ولكنه لن يقف عقبة امام علاقتنا العربية ،نحن حريصون علي اقامة علاقات متميزة مع كل الدول العربية بما في ذلك المملكة العربية السعودية.
بعد اكثر من عام علي الثورة التونسية، ألم يتم طرح هذا الملف باي شكل من الاشكال او علي اي مستوي من المستويات بين تونس والمملكة؟
نحن نتحدث مع الاخوة في المملكة لكن زيارة رئيس الوزراء التونسي الاخيرة الي السعودية كانت بهدف تطوير العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين ولمسنا رغبة لدي القيادة السعودية وخاصة خادم الحرمين الشريفين بتطوير العلاقة وبخلق المزيد من الانفتاح الاقتصادي والسياسي علي تونس.
ولكن لم يسبق لهم تسليم اي شخصية لجأت اليهم من قبل فهل سيؤثر هذا علي العلاقات بين البلدين؟
كما ذكرت فان هذا الموضوع هو مطلب شعبي ،ولكن هناك تقاليد عربية عندهم حينما يستجير بك شخص فلا تستطيع ان ترفض تلك الاستجارة ،ونحن فهمنا هذا الامر ،ولكن بكل تأكيد نحن لا نملك الا ان نرفع هذا المطلب لانه مطلب شعبي وقضائي .
وماذا اذا صدر حكم قضائي ضد بن علي؟
بالتأكيد وقتها سنحيل هذا الامر الي الجهة المعنية في المملكة ولكن لانملك ادوات حتي نرغم المملكة العربية السعودية علي تسليم بن علي.
لم نتعود من الخارجية التونسية النشاط الدبلوماسي الحالي والمبادرات التي تقدمها ومنها مقترح تونس باستضافة بشار الاسد،هل تم اي نوع من الحوار مع المسئولين السوريين قبل هذا الطرح؟
هذا المقترح قدمه الرئيس التونسي باعتبار انه لو كانت العقبة الرئيسية في حل الازمة السورية هو خروج بشار الاسد فيمكن لتونس حل هذه المشكلة من خلال استضافته، ولكن تبقي المسألة افتراضية نظرية اكثر من الواقعية ،لاننا لم نجد استجابة عملية من الطرف السوري ولم نتلق اي رد علي هذا المقترح من الجانب السوري ،لانه مازال مقتنعا بانه يستطيع ان يقاوم حتي الرمق الاخير وان الاسلوب الامني والعسكري يمكن ان يحل الازمة السورية .
كانت ضمن المبادرات التونسية هو استضافة مؤتمر اصدقاء سوريا الاول ،فهل تم التنسيق من قبل حول هذا الموضوع مع جهات اقليمية ودولية خاصة وان المؤتمر كان بقيادة ثلاثية؟
نحن استضفنا هذا المؤتمر بعد التنسيق مع اطراف عربية وبقرار عربي من الجامعة العربية بالقاهرة واقترح ان تستضيف تونس مؤتمر اصدقاء سوريا الاول وقبلنا هذا المقترح ضمن اطار العمل العربي ،ونحن متواصلون مع د. نبيل العربي الامين العام للجامعة العربية ونتشاور مع كل الاشقاء العرب فيما يخص الملف السوري لان هناك مصلحة وطنية وقومية مشتركة بمعالجة الملف السوري ضمن الاطار العربي وبرؤية عربية وبأولوية عربية.
ولكن كان هناك انتقاد للتوجه العام لنتائج مؤتمر اصدقاء سوريا الذي عقد في تونس باعتباره اهتم بالبعد الانساني دون البعد السياسي،هل بالفعل المؤتمر غفل عن البعد السياسي لحل الازمة؟
اذا كان هناك لوم علي نتائج المؤتمر فلا يجب ان يوجه الي تونس ،فنحن تحركنا ضمن مبادرة الجامعة العربية وتحت الغطاء العربي ،وجددنا المقترحات العربية في معالجة المشكلة، وحدث تقدم ضمني نحو العملية السياسية من خلال اعطاء الفرصة للمعارضة السورية لأول مرة والحديث عن المجلس الوطني السوري المعارض كممثل شرعي للشعب السوري للمرة الاولي واعطائه فرصة مخاطبة اكثر من 60 وفدا ممثلا ل60 دولة عربية واقليمية ودولية حضرت مؤتمر تونس فهذا تقدم علي الصعيد السياسي ،ولكننا لا نستطيع ان نحل محل اشقائنا العرب ،وربما بعض الدول العربية التي كانت لها بعض المطالب نحن لا نستطيع أن نطرحها، لان اهم رسالة وجهتها الثورة التونسية وكذلك المصرية انها ثورة مدنية سلمية ولا نستطيع ان نطرح مطالب اخري تخرج عن هذا الاطار .
هل تعني بمطالب الدول العربية ارسال قوات عربية دولية تذهب الي سوريا؟
اذا كانت هناك قوات عربية فتونس لا تتحفظ علي ذلك لان هذا لا نعتبره تدخلا خارجيا فانه ياتي ضمن معالجة الاطار العربي لكن اذا كانت هناك تدخلات عسكرية اجنبية قطعا نحن نرفضها لاننا لا نرغب ان تكون ارضنا العربية عرضة لاي انتهاكات دولية او اي تدخل اجنبي.
وما هي رؤيتكم لحل الازمة السورية؟
الرؤية التونسية هي الرؤية العربية وهي المعالجة الشبيهة بالسيناريو اليمني من خلال تسليم الرئيس جزء كبير من صلاحياته وان تتشكل حكومة وحدة وطنية وان تجري انتخابات حرة ونزيهة.
تونس كانت اول دولة عربية تطرد السفير السوري، هل تقوم الحكومة التونسية بتنفيذ كل متطلبات الشارع التونسي حتي لو جاء ذلك علي حساب العلاقات الدولية؟
المؤكد ان الحكومة التونسية تصغي لما يجري في الشارع التونسي ونحن حكومة تعبر عن الارادة الشعبية العامة ،لكن قرار طرد السفير السوري اتخذته الحكومة بناء علي قراءة المعطيات الموضوعية وارادة الشعب التونسي ،لاحظنا وجود حالة تعاطف كبيرة من الشعب التونسي لنظيره السوري ،وهذا امر طبيعي بعد الثورة التونسية ،ثم رأينا استمرار القتل والعنف الذي يمارسه النظام السوري ، كان اضعف الايمان ان نوجه رسالة الي اشقائنا في سورية لكي يشعروا اننا نقف بجانبهم ،وبذلك اتخذ القرار بطرد القائم بالاعمال السوري وطلبنا من سفيرنا في دمشق العودة الي تونس.
كانت هناك حالة من الغضب من المعارضة السورية بعد قرار تونس بتقديم مقترح استضافة بشار الاسد، فما تفسيرك؟
اقترحنا هذا الامر بحثا منا عن ايجاد حل لمعالجة الازمة السورية ،وقد يكون فهما خطأ وان يكون هذا مغزاه ،واساسا هذا المقترح طرح في سياق تجاري ولم يكن رئيس تونس يرغب في استضافة بشار ولكنه قال اذا كان الامر متعلقا ببشار وحل الازمة سيكون من خلال تركه سوريا فلينتقل الي تونس ،لكننا في حقيقة الامر لا نرغب ان نري اي ديكتاتور او اي حاكم منبوذ من شعبه علي اراضينا.
ماذا عن المقترح التونسي بانشاء اكاديمية عسكرية عربية؟
نحن نقول ان هذا هو اضعف الايمان ،فبما اننا ليس لدينا قوات عربية مشتركة، فنعمل علي الاقل علي تبادل الخبرات العسكرية والفنية والعلمية والمهنية ونحن تقدمنا بهذا المقترح الي الجامعة العربية.
كيف تصاغ العلاقات بين تونس وليبيا خاصة مع تصعيد اللهجة الليبية حول ضرورة تسليم دول الجوار لفلول القذافي؟
علاقاتنا بليبيا جيدة واستطيع ان اقول انها متميزة فلدينا ترابط في النسيج الاجتماعي وفي المصالح السياسية والامنية والاقتصادية ،ونحن نحتاج الي رؤية مشتركة وهذا سيتم علي ارض الواقع.
هل قدمت اليكم اي طلبات من المجلس الانتقالي الليبي لتسليم مواطنين ليبيين ؟
اذا قصد بذلك رئيس الوزراء الليبي السابق البغدادي المحمودي فنحن سنخضع لحكم القضاء ،لدينا مؤسسة قضائية عالية ومستقلة، وهذا امر طبيعي فنحن نعيش في مناخ ديمقراطي وبالتالي حكومة الثورة ديمقراطية ولا نملك إلا ان نلتزم بقرار المؤسسة القضائية اذا اتخذ قرارا بتسليم المحمودي سنسلمه فورا.
هل تتولون مهمة اعادة احياء اتحاد المغرب العربي من جديد ؟
قطعنا خطوات عملية في هذا الامر ،وقد قام الرئيس التونسي بزيارة مغاربية مؤخرا توجت بالاتفاق علي عقد قمة مغاربية ،وتم اقرار ذلك في اجتماع وزراء خارجية دول المغاربة ،في الرباط ،بان تنعقد هذه القمة في تونس خلال هذا العام وبدأنا في اجراء الترتيبات العملية والاتفاق علي الموعد وتحديد جدول الاعمال ،وهناك قبول علي استضافة تونس لتلك القمة وهناك قبول من الاخوة في الجزائر والمغرب وموريتانيا وليبيا.
تري بعض التيارات السياسية وقطاع من الرأي العام في مصر ان التجربة التونسية في المرحلة الانتقالية اكثر تنظيما وايجابية ،نريد معرفة الوضع الداخلي في تونس وكيف تسير الامور هناك؟
اولا عندما يقارن المواطن المصري بين الوضع التونسي والمصري فهذا شئ ايجابي ،ويحرك النفوس المصرية مثلما حدث عند قيام الثورة التونسية ،فالمصريون قالوا ان تونس الصغيرة قامت بالثورة فلماذا لا تفعلها "ام الدنيا" ،فاذا نجحت تونس الان سياسيا فسيكون ذلك محفزا للمصريين حتي يسيروا علي نفس الطريق ،وما حدث في تونس نستطيع ان نقول ان به نسبا كبيرة من النجاح اشبه مايكون بالمعجزة السياسية ، ان ثورة خلال عام فقط تستطيع ان تستعيد استقرارها وان تجري انتخابات ديمقراطية وتشكل حكومة ائتلاف وطني تحظي بكامل الشرعية فهذا امر ليس بالهين ،الامور تسير في تونس نحو الطريق السليم ،نستعيد امننا واستقرارنا بصورة مستمرة مبنية علي اسس ديمقراطية ،وليس استقرارا مبنيا علي قوة الامن والشرطة ،فلاشك ان نظام مبارك وبن علي كان به استقرار ولكنني اسميه "صمت القبور" ،ولكن الاستقرار الان حقيقي مبني علي ارادة شعبية ،والمناخ العام في تونس جاذب ايضا للاستثمارات وكثير من المؤسسات العربية والدولية تعود الي تونس لممارسة نشاطها ،الوضع الاقتصادي يتحسن يوم بعد يوما، استطيع ان اقول ان تونس تجاوزت المرحلة الصعبة ونحن الان نسير باتجاه تأسيس دولة شرعية ديمقراطية ،ومناخ اقتصادي وتنموي سليم بما يخدم الثورة وتطلعاتها .
القطاع السياحي يمثل جزءا كبيرا من الاقتصاد التونسي ،فهل هناك اشكالية في تولي التيار الاسلامي امور البلاد مع هذا القطاع الحيوي؟
لن تكون هناك اشكالية لاننا نعلم ان السياحة تمثل موردا هاما للاقتصاد التونسي ،وتونس ستظل بلدا منفتحا علي السياحة وليس من مسئولية الدولة ان تتدخل في امور الناس وفيما يأكلون ويلبسون ،فهذا شأن متروك للخيارات الشخصية وسنحافظ علي هذه الصفات في مجتمعنا،ومستوي السياحة يتحسن ايضا في تونس ورجعنا تقريبا الي المعدل الذي كنا عليه من الحجوزات في 2010مع بعض الدول مثل المانيا ،بعد ان تراجعت نسبة السياحة بعد الثورة حوالي 35٪ واتوقع ان نشهد موسما سياحيا جيدا عما كانت عليه تونس قبل الثورة .
هل وصلتم الي شئ في قضية استرداد اموال بن علي واسرته في الخارج ؟
هناك جهودا تبذل علي هذا الصعيد ولدينا لجنة وطنية تكونت من مختلف الوزارات ويشرف عليها محافظ البنك المركزي التونسي لرصد الاموال المنهوبة وموقعها ،ونحن نقوم بكل الاجراءات والترتيبات القانونية التي تسمح لنا باستعادة هذه الاموال ،مع ادراكنا ان هناك شبكة معقدة ومركبة "مافيوية" قامت بها تلك الانظمة للعمل علي اخفاء تلك الاموال ،ولكننا نبذل جهودا كبيرة جدا للعمل علي استعادتها .
لكن حتي الان لم يتم استرداد اي اموال او تقديم طلبات للدول من اجل استردادها؟
قمنا بتقديم طلبات لبعض الدول ولكن ما استرددناه قليل جدا.
هل هناك دول عربية قمتم بتقديم طلبات لهم من اجل استرداد اموال بن علي؟
هناك دول عربية ودول اجنبية قطعا.
ما تعليقك علي مايقال من سيطرة دول الخليج علي اداء العمل العربي والجامعة العربية؟
ربما دول الخليج بحكم ما تتمتع به من ثروة نفطية انعكس ذلك علي دورها في العمل العربي بلا شك،ولكن اتصور ان القرار السياسي العربي سيكون ضمن التوازنات العربية، وبلد مثل مصر ربما هي الان منشغلة قليلا بوضعها الداخلي ولكن بالتأكيد لايمكن ان تكون مصر الا في قيادة العمل العربي، وهذا هو قدر مصر وطبيعتها ان يكون لها دور قيادي في العالم العربي والمحيط الاقليمي، وان مصر هويتها الوطنية مرتبطة أصلا ببعدها العربي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.