سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية التعاملات الصباحية السبت 4 مايو 2024    المالية: الانتهاء من إعداد وثيقة السياسات الضريبية المقترحة لمصر    طائرات الاحتلال تشن غارة شمال غرب النصيرات بالتزامن مع تجدد القصف المدفعي    سيد عبد الحفيظ يوجه رسالة لجمهور النادي الأهلي    نظراً لارتفاع الأمواج.. الأرصاد توجه تحذير للمواطنين    أسعار اللحوم والدواجن والخضروات والفواكه اليوم السبت 4 مايو    مانشستر سيتي يسعى للثأر من وولفرهامبتون في البريميرليج    حدث ليلا.. خسارة إسرائيل وهدنة مرتقبة بغزة والعالم يندفع نحو «حرب عالمية ثالثة»    اليوم، تطبيق أسعار سيارات ميتسوبيشي الجديدة في مصر    إسكان النواب: إخلاء سبيل المحبوس على ذمة مخالفة البناء حال تقديم طلب التصالح    تفاصيل التحقيقات مع 5 متهمين بواقعة قتل «طفل شبرا الخيمة»    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    وفاة الإذاعي الكبير أحمد أبو السعود.. شارك في حرب أكتوبر    إغماء ريم أحمد فى عزاء والدتها بمسجد الحامدية الشاذلية    دراسة جديدة تحذر من تربية القطط.. تؤثر على الصحة العقلية    الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال أعياد القيامة وشم النسيم    تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة الجونة    إسماعيل يوسف: «كولر يستفز كهربا علشان يعمل مشكلة»    رسالة من مشرعين ديمقراطيين لبايدن: أدلة على انتهاك إسرائيل للقانون الأمريكي    لو بتحبي رجل من برج الدلو.. اعرفي أفضل طريقة للتعامل معه    صحيفة: ترامب وضع خطة لتسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا    المحكمة الجنائية الدولية تحذّر من تهديدات انتقامية ضدها    مالكة عقار واقعة «طفل شبرا الخيمة»: «المتهم استأجر الشقة لمدة عامين» (مستند)    دفنوه بجوار المنزل .. زوجان ينهيان حياة ابنهما في البحيرة    مهلة لآخر يونيو.. رسالة هامة من الداخلية للأجانب الموجودين بالبلاد    جوميز يكتب نهاية شيكابالا رسميا، وإبراهيم سعيد: بداية الإصلاح والزمالك أفضل بدونه    ارتفاع جديد.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 4 مايو 2024 في المصانع والأسواق    مصطفى بكري عن اتحاد القبائل العربية: سيؤسس وفق قانون الجمعيات الأهلية    وكالة فيتش تغير نظرتها المستقبلية لمصر من مستقرة إلى إيجابية    صوت النيل وكوكب الشرق الجديد، كيف استقبل الجمهور آمال ماهر في السعودية؟    رشيد مشهراوي ل منى الشاذلي: جئت للإنسان الصح في البلد الصح    معرض أبو ظبي للكتاب.. جناح مصر يعرض مسيرة إبداع يوسف القعيد    37 قتيلا و74 مفقودا على الأقل جراء الفيضانات في جنوب البرازيل    حسام موافي يوضح خطورة الإمساك وأسبابه.. وطريقة علاجه دون أدوية    سبت النور.. طقوس الاحتفال بآخر أيام أسبوع الآلام    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    مصرع شاب في حادث اليم بطريق الربع دائري بالفيوم    برش خرطوش..إصابة 4 من أبناء العمومة بمشاجرة بسوهاج    هييجي امتي بقى.. موعد إجازة عيد شم النسيم 2024    حازم خميس يكشف مصير مباراة الأهلي والترجي بعد إيقاف تونس بسبب المنشطات    عرض غريب يظهر لأول مرة.. عامل أمريكي يصاب بفيروس أنفلونزا الطيور من بقرة    دينا عمرو: فوز الأهلي بكأس السلة دافع قوي للتتويج بدوري السوبر    أول تعليق من الخطيب على تتويج الأهلي بكأس السلة للسيدات    عضو «تعليم النواب»: ملف التعليم المفتوح مهم ويتم مناقشته حاليا بمجلس النواب    أحمد ياسر يكتب: التاريخ السري لحرب المعلومات المُضللة    كندا توقف 3 أشخاص تشتبه في ضلوعهم باغتيال ناشط انفصالي من السيخ    استقرار سعر السكر والأرز والسلع الأساسية بالأسواق في بداية الأسبوع السبت 4 مايو 2024    «البيطريين» تُطلق قناة جديدة لاطلاع أعضاء النقابة على كافة المستجدات    سلوي طالبة فنون جميلة ببني سويف : أتمني تزيين شوارع وميادين بلدنا    دعاء الفجر مكتوب مستجاب.. 9 أدعية تزيل الهموم وتجلب الخير    دعاء الستر وراحة البال .. اقرأ هذه الأدعية والسور    250 مليون دولار .. انشاء أول مصنع لكمبوريسر التكييف في بني سويف    برلماني: تدشين اتحاد القبائل رسالة للجميع بإصطفاف المصريين خلف القيادة السياسية    توفيق عكاشة: الجلاد وعيسى أصدقائي.. وهذا رأيي في أحمد موسى    طبيب يكشف سبب الشعور بالرغبة في النوم أثناء العمل.. عادة خاطئة لا تفعلها    أخبار التوك شو| مصر تستقبل وفدًا من حركة حماس لبحث موقف تطورات الهدنة بغزة.. بكري يرد على منتقدي صورة حسام موافي .. عمر كمال بفجر مفاجأة    «يباع أمام المساجد».. أحمد كريمة يهاجم العلاج ببول الإبل: حالة واحدة فقط بعهد الرسول (فيديو)    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آلان جريش رئيس تحرير »لوموند ديبلوماتيك« في ندوة ب»أخبار الأدب«:
الثورة المصرية لم تنجح فقط بفضل الطبقة الوسطي
نشر في أخبار الأدب يوم 05 - 06 - 2011


من جديد تعيد مصر تشكيل نفسها.
بعد الثورة بدا واضحاً أنّ التيارات الدينية تصعد. بعد سقوط الأمن وجدت المجال أمامها مفتوحاً للتحرّك.. ولكنها بالكاد تتلمس خطواتها، ولا تستقر علي حال، وهناك تناقضات فيما يصدر عنها. مثلاً يطالب قياديون بالأخوان بالدولة المدنية بينما يتطابق خطاب آخرين مع السلفيين الذين يسيطرون علي كتلة واسعة من الجماهير. يري الأخوان أن الحرب خدعة، بينما يصف المثقفون اقترابهم من السلفيين بالانتهازية! في هذا الملف ننشر نص الندوة التي أقامتها "أخبار الأدب" وكان ضيفها آلان جريش رئيس تحرير "اللوموند ديبلوماتيك". يقلل جريش من المخاوف التي تتعلق بصعود الأخوان. يري أن الحرب ضدهم بلا معني، ويري أن الكفاح ينبغي أن يكون أيديولوجياً..
كما نرصد حالة الانشقاق بين القبطي وكنيسته من واقع اعتصام ماسبيرو.. وهو الانشقاق الذي جعل صوت القبطي أكثر قوة وإقناعاً. من كان يتخيل أن ينزل الأقباط إلي الشارع ويهتفون "ارفع إيدك فوق.. الصليب آهو". إنه لا يخاف شيئاً، ولا يعنيه تعرضه للخطر، ولا نداءات البطرك التي تطالبه بالعودة إلي البيت. لقد مضي عهد الخوف.
وفيما يتعلق بالجامعة يبدو ما يدور صورة مصغرة لما يجري في مصر، وأخيراً تكتب سمية رمضان حول حالة الصراع التي تحدث، وتؤكد علي أننا نحتاج إلي تضحيات وسرعة في الأداء لتعويض الوقت الذي أهدرناه بدلا من القيام بالواجب حتي نصل إلي النموذج المصري الذي نريده.
آلان جريش ليس مجرد رئيس تحرير مجلة »اللوموند ديبلوماتيك«، ولا هو مجرد خبير في شئون الشرق الأوسط والمغرب العربي بالتحديد أيضاً، وإنما هو أيضاً- وهذه نقطة ستثير اهتمام كثير من المثقفين المصريين- الابن »غير الشرعي« للمناضل الشيوعي المصري هنري كورييل.
استضفنا جريش الأسبوع الماضي في »أخبار الأدب« في ندوة موضوعها الساخن بالطبع هو الثورات في العالم العربي وقد شارك في الحوار الزملاء عبلة الرويني ومحمد شعير وحسن عبد الموجود، ولكن أيضاً تناول الحديث مستقبل الحركات الإسلامية في مصر- وعلي ذكر هذا، يبدو جريش هو الوحيد الذي لا يعاني من (الإسلاموفوبيا) ولا الخوف من صعود التيارات الدينية- كما تناول الحوار مستقبل إسرائيل والمقاومة، بالإضافة إلي حديثه (المرتبك) عن والده المناضل الراحل.
أخبار الأدب: نبدأ بالسؤال عن تفسير الثورة. كان لدينا تصور، وهو أنه فيما يتعلق بالثورة المصرية ووجود العشوائيات والوضع الاقتصادي السيئ، فإن الأقرب للذهن أن تكون ثورة جياع، ولكن شباب الطبقة الوسطي كانوا هم المحركين الأساسيين للثورة. ما تفسيرك للثورة.. لماذا لم تأت من العشوائيات؟
لابد أن ننظر للثورات في العالم العربي كله، قبل الثورة بمصر حدثت مظاهرات واعتصامات في الجزائر وغيرها، إذا نظرنا إلي تونس، فالثورة في تونس بدأت بالفقراء وكذلك في اليمن، قليل من الطبقة الوسطي وكثير من الأرياف وخارج المدن. ولكن هناك شيء آخر، فهناك شيء غير المشكلة الاقتصادية وحدت العربي من الخليج للمحيط. الناس كانت تهتف بالكرامة. كل مواطن في العالم العربي كان تحت سيطرة الدولة ويمكن للدولة أن تأخذ أي قرار ضده بدون أن يكون في يده فعل أي شيء. إذا نظرنا إلي محمد البوعزيزي، هو شاب لم يكن يريد سوي العيش بكرامة، وتم ضربه. هذا ما يوحد الناس، سواء بين الطبقة الوسطي أو الفقراء أو الأغنياء. ليس هناك أي مراقبة علي الدولة، هناك حركات سياسية ولكن الناس لم تكن مندرجة فيها. أظن إن ما تغير هو ثقافة الخوف، وبالطبع هناك المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والتي تأتي في جو فساد هائل. هناك فساد في أمريكا وفي فرنسا عندنا، ولكن ما حدث في العشر سنوات الأخيرة في المنطقة العربية، وما نسمع عنه من مليارات مبارك وبن علي، كان مخيفاً. هذا لم يحدث حتي في عهد فاروق. هذا يشبه ما حدث في روسيا 1990 عندما انهار الاتحاد السوفييتي، وقتها قامت الدولة بالخصخصة، ولكنها لم تبع ممتلكات الدولة للسوق وإنما لأصدقاء رجال الحكم. سرقوا البلد في الحقيقة. السبب الثالث هو دور الشباب، هناك جيل جديد يبلغ عشرين عاماً، هو الجيل الأكبر الآن، بين 18 عاما و25، عشرة ملايين بلا عمل أو آفاق للمستقبل، وتعليمهم المدرسي الجامعي أفضل من الأجيال السابقة. يضاف لهذا إن هناك عوامل يتم تحضيرها تحت الأرض منذ أربع أو خمس سنوات. الثورة لم تأت من فراغ. هناك الحركات العمالية وإضرابات 2008 وعمل منظمات حقوق الانسان والمنظمات العمالية والسياسية مثل كفاية وغيرها.
أخبار الأدب: أنت ولدت في مصر. ما الذي تعتقد أنه تغير من وقتها وحتي الآن في المجتمع المصري؟
طبعا. أنا عشت النظام الذي جاء بعد 52، وأعرف أن الكثيرين الآن يتحدثون عن سلبيات هذا النظام. كنت أعيش بينما ابن البواب في عمارتنا دخل الجامعة، هذه كانت مصر عبد الناصر. كان هناك تطور اقتصادي اجتماعي طبقي، وكان هناك سلبيات كثيرة طبعاً. وقتها لم يكن أحد يتحدث عن حقوق الانسان. كان الجميع يعتقدون أن تطور المجتمع هو الأهم. وقتها كانت الأيديولوجية بين المثقفين هي اليسار الاشتراكي، وكانت الفكرة هي أن التطور لابد له من ثمن وأن الديمقراطية غير مهمة في اللحظة الحالية. هذا تغير الآن تماماً. لا أحد يستبعد فكرة الديمقراطية والشفافية . الناس يطالبون بمحاكمة عادلة لمبارك ، وبالمناسبة فأما ضد اعدام مبارك . أنا ضد الاعدام لانه فكرة قديمة .
اخبار الأدب : الثورة الفرنسية لم تكن تريد إدانة الملك . كانت تريد قتله.
هذا كان قبل 200 عام إنها الثقافة القديمة.
اخبار الأدب : إذن كنت ضد إعدام صدام حسين ؟
بالطبع . كان ذلك عملا وحشيا ، وكانت المحاكمة أيضافعلا غير حقيقي.
أخبار الأدب: هل يمكننا أن نعتبر الثورات مشروعاً لنهضة ثانية؟ بعد فشل جميع مشروعات النهضة السابقة؟
أعتقد ان الإجابة هي نعم لسبب رئيسي، النهضة التي حدثت في عهد محمد علي وناصر تمت مواجهتها بقوة من الغرب. العالم تغير الآن، بعد 200 عاماً كانت السياسة الدولية فيها في يد أوروبا والولايات المتحدة. بعد انهيار الاتحاد السوفيتي اعتقد الناس أننا سوف ندخل قرناً امريكياً. لكن هذا لم يحدث. نحن نشهد قرناً فيه تعددية، بين قوي الصين والهند والبرازيل، الوضع ليس كما حدث في عهد الحرب الباردة، لم تعد هناك قوتان وحيدتان تسيطران علي الساحة. الآن الصين لها سياسة خاصة مثلا، توالي أمريكا وتعاديها علي حسب مصالحها، البرازيل أيضاً. هناك الآن إمكانية قيام علاقات مع الصين والهند، وهذا هام جدا ويخلق مناخا إيجابيا من التغيير.
أخبار الأدب: قلت من قبل أن رؤيتك للمستقبل لا ترتكز علي الصراع بين الإسلاميين والديمقراطيين. كيف تري الصراع إذن؟
الخطاب الرسمي قبل الثورات كان "إما نحن أو الإسلاميين". أعتقد إنه في ظل مناخ ديكتاتوري فمن السهل توزيع الإسلاميين، وإذا كانت هناك ديمقراطية فسوف تحل مشاكل داخل جماعات الإسلاميين. وانا اليوم ضد فكرة ان يكون الصراع الاساسي هو بين الاسلاميين والعلمانيين وانما هو صراع علي تطور الاقتصاد. عندما يأتي حزب جديد فلابد أن يحل مشاكل الناس، لا يكفي أن يقول الاسلام هو الحل. قمت بإجراء مقابلة مع طبيب من منشية ناصر. حكي لي عن نقابة الأطباء المستقلة والانتخابات التي قاموا بها، وقال إنهم كانوا ضد الإخوان، ولكن بعض الناس ممن معه كانوا إخواناً. إذن لا يجوز التفكير في أن الاخوان كتلة موحدة. وطبعا مع هذا تبقي مشكلة الديمقراطيين والاسلاميين مشكلة مهمة. في فرنسا خمسون بالمائة من الشعب ليست لهم علاقة بالدين بينما هنا تسعون بالمائة من الثوار في التحرير كانوا يصلون.
أخبار الأدب: علي ذكر فرنسا، كيف تري أنه يمكن لنا الحد من مشكلة الإسلاموفوبيا في الغرب ؟
أعتقد إن ما يحدث في العالم العربي سيوثر إيجابياً. ولكن للأسف هذه مشكلة أسبابها لا علاقة لها بما يحدث في العالم العربي. نحن في أوروبا نعيش أزمة اقتصادية واجتماعية وبالأساس ثقافية. فرنسا كانت في قلب الدنيا وكانت في وقت ما أهم دول العالم، والآن تجد أن هناك قوي منافسة مثل الصين والبرازيل، والناس لا يعرفون ما معني أن تكون أوروبياً، ما وزن أوروبا بالضبط. هناك أزمة اقتصادية اجتماعية وهذا يؤجج الخوف من المهاجرين. نحن في فرنسا أخذنا عشرين الف تونسي مهاجراً. تونس أخذت ثلاثين ألف ليبي. سوريا أخذت مليون عراقياً. هناك من يقول إن الناس عندنا يخافون علي وظائفهم، ولكني أعتقد أن السبب الاساسي هو في ذهنية الناس.
أخبار الأدب: ما موقف الدول الغربية من الثورات العربية، فرنسا في عام 2001 قالت نحن امريكان. ولكن أثناء الثورات العربية لم ترفع أوروبا شعار مثل "نحن تونسيون" أو "مصريون". هل يمكن الآن أن يكون هناك مبرر لقبول الاخر، مثل المهاجرين. إذا أصبحت المجتمعات العربية بعد الثورات مجتمعات ديمقراطية هل تتحسن العلاقات بأوروبا وتصبح قائمة علي الندية؟
في 2001 قلنا "نحن امريكان" ولكن في 2003 رفضنا الحرب ضد العراق. كنا جزءاً من الحرب ضد الارهاب، وخضنا معركة كبيرة مع الولايات المتحدة، خاصة في العراق. الشارع كان ضد الحرب والحكومة كانت ضد الحرب. أعتقد الآن أن الحرب ضد الارهاب لم يكن لها معني. يمكنك أن تحارب أيديولوجية إسلامية أو شيوعية، ولكن الإرهاب وسيلة استخدمها الجميع، أوروبا وجبهة التحرير الجزائرية والصهاينة، الارهاب هنا بمعني ان تأخذ قنبلة وتضعها في مقهي مثلاً. المشكلة هي عندما يتصور الأوروبيون أن هناك علاقة بين القاعدة والمسلمين وان القاعدة تمثل الاسلام الحقيقي. اظن ان ما حدث في العالم العربي قد قام بتغيير هذا بعض الشيء. الناس اكتشفت انه لم يكن هناك شعارات دينية. مع هذا فمن الواضح ان الاخوان المسلمين سوف يأخذون نسبة كبيرة من الاصوات.
أخبار الأدب: وهذا لا يخيفك؟
آلان: لا.
أخبار الأدب: هذا يدفعني للسؤال عن الفارق بين الخوف الاوروبي والخوف العربي، أنت تطرح فكرة أن صعود الاخوان سوف يكشفهم اجتماعياً. هذا من وجهة نظرك، ولكن من وجهة نظرنا فهذا سيجعلنا حقل تجارب. قد نجرب الاسلاميين ونكتشف فشلهم، لكن نحن من سنكون الضحايا.
آلان: أنا لا أقول إنه ليس هناك خطر. ولكن ما حدث يوم الجمعة يبرز أن هناك تياراً يحارب ضدهم، وليس علينا أن نتحالف معهم وإنما أن نحارب ضدهم. أفضل كفاح هو الكفاح الايديولوجي. كان هناك صراع في 1905 في فرنسا علي مشكلة العلمانية. المعادون للكنيسة كانوا يقولون إنه لابد من تدميرها. والفكر الاساسي لمن أصدروا قرار 1905 كان أنه لابد أن تكون هناك ديمقراطية. الكنيسة كانت ضد فكرة الديمقراطية علي أساس أن الحكم لله وكانت ضد فكرة الجمهورية. ولكن الجمهوريين كانوا يعتقدون أن بعض الناس من داخل الكنيسة نفسها مع الكنيسة ولكنهم يريدون الديمقراطية. لا أقول إنه ليس هناك صراع، وألاحظ جيداً تعدد اللهجات التي يتحدث بها الإخوان. أعتقد ان الاخوان كقوة سياسية، تضم قيادة تعطي الأوامر والناس ترحب بها لأنه ليس لديهم معلومات. ولكن هناك إخوان اليوم يعرفون النقاشات التي تتم داخل الجماعة، وبالتالي فمن المحتمل أن يأخذوا موقفاً منها.
أخبار الأدب: أختلف معك في نقطة، لا أري أن الإخوان ناجحون فقط بفضل شعاراتهم. هم يخاطبون الشارع عملياً، لديهم مستوصفات ومستشفيات ومحلات رخيصة، هل تعتقد ان الاخوان سوف يكون لديهم بعض الحلول العملية لمشاكل الشارع المصري إذا وصلوا للحكم؟
اظن أنه ليست هناك تجربة اقتصادية للاخوان. قد يصبحون مثل تركيا، ليبراليين اقتصادياً، واظن ان جزءاً من فكرهم هو الليبرالية الاقتصادية وليس الاشتراكية مثلاً. مشكلة السنتين والثلاثة القادمة هي التصور الاقتصادي والاجتماعي، ومن سوف يخاطب الناس الذين يعانون من مشاكل معيشية. واظن ان هنا لابد أن يبرز دور لقوي جديدة مثل النقابات والحركة العمالية. الثورة المصرية والتونسية لا يجب أن تكون مقتصرة علي الطبقة الوسطي. لابد أن تضم الفلاحين والطبقات المهمشة.
أخبار الأدب: مع ذلك فالاخوان الذين لا يملكون شعاراً اجتماعياً هم أكثر حضوراً من القوي السياسية التي تعمل بالشعار الاجتماعي. الشعار الديني كان اكثر حضورا وتأثيراً. لماذا لم تستطع القوي السياسية واليسار تحديدا اكتساب هذا الحضور في الشارع المصري؟.
الاخوان تاريخياً كانوا يعملون بدرجات مختلفة مع الحكومة. تركتهم الحكومة يعملون في السبعينيات والثمانينيات، هذا كان واضحاً جدا ومكنهم من بناء قوة كبيرة.
أخبار الأدب: أتصور أنهم صعدوا بفكرة الاضطهاد، هل تعتقد أنهم ارتبكوا مع فكرة الحرية المقترنة بالثورة. هل من الممكن أن يفقدوا أصواتهم بسبب غياب جزئية التعاطف؟
آلان: ربما. قال لي شخص إنه في الانتخابات السابقة كانت القوة الوحيدة التي يمكن التصويت لها ضد الحكومة هي الإخوان، مع وعي الناس بأن الإخوان سيخسرون. المشكلة هل الإخوان يتحدثون بصراحة؟ ليس هناك قائد سياسي يتحدث بصراحة. ولكن أهم من كل هذا هو أن تكون بين الجماهير كلها فكرة الحرية والتعددية، كثير من الإخوان قالوا لي إن أجانب رأوهم يصلون في التحرير فاعتقدوا إنهم مثل الشياطين. هذا تغير الآن. الإخوان ليسوا هم المشكلة الرئيسية. الدين مشكلة بالطبع. هو لا يعد مشكلة مهمة في المجتمعات الأوروبية. لا أعتقد أن النموذج الفرنسي قابل للتطبيق هنا لإنه جاء في سياقه كتاريخ خاص للكنيسة والجمهورية الفرنسية. هنا مثلاً مكتوب في الدستور إن الدين الإسلامي هو الدين الرسمي للدولة. هذا لا يمكن أن يحدث في فرنسا.
أخبار الأدب: أيهما أقرب لنا، النموذج الأوروبي أم التركي أم الأمريكي؟
(يضحك) النموذج المصري. النموذج الذي ستقومون أنتم ببنائه. لا يمكنني أن أصنع علمانية هنا تشبه تلك التي في فرنسا، حتي في داخل أوروبا فالموضوع مختلف. الملكة هي رئيسة الكنيسة في بريطانيا وفي بلجيكا تدفع الدولة رواتب لكل من يعملون بالكنيسة، هذا لا يحدث في فرنسا. تاريخ تونس هو تاريخ خاص مع بورقيبة اللي لعب دوراً
خاصاً ثمة اتفاق عليه ولا يمكن معه الرجوع للوراء.
أخبار الأدب: هل من الممكن أن يكون هناك صدام بين العلمانيين والكنيسة والسلفيين، وهل سوف يؤدي لاستبعاد الدين من الصراع أم التأكيد عليه؟
استبعاد الدين سيكون صعباً. هناك فروق بين المجتمعات. في أمريكا هناك 95 في المائة يذهبون للكنيسة وفي فرنسا هناك خمسة في المائة. في أمريكا صعب أن يقول شخص أنه ملحد، في فرنسا هذا ممكن.
أخبار الأدب: علي الأقل هناك حد أدني من التوافق؟
نعم. أندونيسا اكبر دولة اسلامية وهي علمانية وتركيا دولة علمانية، أعتقد أن أحد مشاكل المجتمع العربي إن هناك خوفاً من الفتنة. أي أن يكون هناك تيار ديني وعلماني واشتراكي وليبرالي، إلخ.
أخبار الأدب: أنت تتحدث عن الفتنة بمعني الديمقراطية، وتقول إن العرب يخشون الفتنة، هذا يذكرني بفكرة غربية رددها بعض المسئولين عندنا بأننا شعوب غير مهيأة للديمقراطية.
لا. هذا فكر عنصري جدا. خطاب سلطوي. ولكن الديمقراطية بالطبع سوف تأخذ وقتاً. وحتي عندنا الديمقراطية لها سلبيات كثيرة، بسبب المال والتليفزيون والاعمال. الديمقراطية ليست التصويت فحسب. أنتم رأيتم نوعاً من الديمقراطية في الشارع.
ما يطمئنني هو أن التاريخ يستمر في كل العالم، ليس في مصر فحسب، هناك طبعاً إمكانية الرجوع الي الوراء خطوة والتقدم خطوتين، هذا سيكون واضحاً، ولكن عودة حاجز الخوف صعبة.
أخبار الأدب: التزامن بين الثورات العربية، أعطي ايحاء بأن هناك يداً خفية تدبر الثورات. هناك مثقفون يتحدثون عن امكانية ان تكون امريكا صانعة الثورات. الشاعر سعدي يوسف قال انها أيد امريكية وأدونيس قال إنه لا يثق في ثورات تخرج من الجوامع.
هناك فكرة قديمة وهي إن أمريكا وراء كل ما يحدث في العالم، وأنها هي المهيمنة علي العالم. أنا عن نفسي أعتقد أن القوة الاكبر في يد الشعوب. وما حدث هو قرار الشعوب. وعندما تقع هذه الأحداث فمن الطبيعي أن تفكر دولة مثل امريكا او فرنسا كيف يمكن أن تستغلها لصالحها. عندما تولي عبد الناصر مقاليد السلطة قال الناس إنه أمريكي. وحتي عندما قام باتفاق 54 اتهمته بعض فصائل اليسار بأنه رجل أمريكا. حتي في حكومة مثل افغانستان، أتي الأمريكيون بها ولم يكن لكرزاي أي تأثير، والآن يستطيع أن يأخذ قرارات ضد أمريكا. الامريكان فقط يلعبون دورهم، يضغطون علي مصر في موضوع علاقاتها بإسرائيل وبإيران. ولكن أكرر أن المشكلة الاساسية هي الاقتصاد. تركيا مثل مصر من ناحية عدد السكان لكنها تنتج ثلاثة أضعاف ما نتجه مصر، بالطبع لابد أن تكون هناك قروض من البنك الدولي.
أخبار الأدب: هل هي مشروطة؟
بالطبع.
أخبار الأدب: نعني هل هي مشروطة بالعلاقات مع إسرائيل أم إنها تتعلق فقط بالديمقراطية. بمعني آخر، هل إسرائيل وأمريكا تخشي الديمقراطية في العالم العربي؟
أعتقد أن اسرائيل تخشي الديمقراطية أكثر. لا يمكن أن تقول أمريكا إنها تخشي الديمقراطية لأنها تتحدث بخطاب ديمقراطي، حتي وإن كان موقفها منحازاً مثلا مما يحدث في البحرين. لكن هناك فكرة واضحة جداً، وهي إنه لو كانت هناك ديمقراطية فسيكون موقف العرب أقوي ضد إسرائيل، ليس بمعني الحرب وإنما الصراع. ما فعله مبارك في العشر سنوات الماضية لخدمة إسرائيل لم يكن أحد يفعله. وهذا كان ضد الغالبية الكاسحة من الشعب، إسرائيل تخاف من هذا.
أخبار الأدب: أعجبني تعبير الديمقراطية في الشارع. ما الفارق بين ديمراطية الشارع والبرلمان؟ هل تعد 25 يناير ديمقراطية شارع؟
بالطبع ديمقراطية شارع، هي ثورة، ثورة ذات مطالب ديمقراطية.
أخبار الأدب: كيف تري مستقبل المقاومة وإسرائيل في ظل ترنح النظام السوري وسقوط النظام المصري.
المشكلة ان اسرائيل تنتهج سياسة أكثر تطرفاً في السنوات العشر الاخيرة. الاحزاب اكثر يمينية وكذلك المجتمع نفسه. حتي اذا كان هناك رغبة في المجتمع أن يحدث سلام، هناك متطرفون يريدون الحرب لكن هناك أيضاً أشخاص يريدون أن يعيشوا، ذهبوا للحرب والأبناء سيذهبون للحرب ويريدون أن يستريحوا. هناك حل ممكن ولكن قواعد نتنياهو للحل معناها حرب للأبد.
أخبار الأدب: وكيف تري الاحتجاجات في سوريا ضد نظام الأسد، هل هي تخيف إسرائيل أم بالعكس، تري سقوطه يمثل سقوطاً لواحدة من دول "الممانعة"؟
الاحتجاجات تخيف إسرائيل بالطبع، فسقوط نظام الأسد قد يعني، علي عكس الحال في مصر، حرباً أهلية، وقد يفتح الأبواب لاضطرابات كثيرة علي حدود إسرائيل. من سيقوم ساعتها بتأمين حدودها؟
أخبار الأدب: هل يمكن أن يكون هناك تفكير جاد في الحرب ضد إسرائيل؟
لا. أعتقد إن أكثر ما يخيف إسرائيل هو ما حدث بالفعل في يوم 15 مايو. أي مظاهرات موسعة علي حدودها. هذا مرعب بالنسبة لها.
أخبار الأدب: فكرة التدخل الاجنبي في ليبيا. هل يدافع الأوروبيون عن الشعوب أم عن مصالحهم في البترول؟
المشكلة ليست مشكلة البترول وانما بيع البترول، إذا كان لديك مليون برميل بترول فلابد لك من أن تبيعها ولابد أن يكون هناك سوق. المنطقة كلها مهمة لان فيها بترول، لو حدث هذا في وسط افريقيا لم يكن أحد ليهتم. ولكن ضع في اعتبارك أن الامريكان كانوا ضد اي تدخل، ساركوزي والبريطانيون كانوا يعتقدون أنهم خسروا في تونس ومصر لانهم أيدوا بن علي حتي اخر دقيقة، وأيدوا مبارك حتي آخر ساعة (يضحك)، أنا ضد التدخل في العالم العربي لكن ليست هناك مظاهرة واحدة خرجت ضد التدخل في ليبيا، لان القذافي مكروه فعلا. وحتي صدام حسين، هناك ملايين خرجوا للشارع تضامنا معه
أخبار الأدب: خرجوا للدفاع عن العراق.
(يبتسم) الكثيرون من المثقفين كتبوا دفاعاً عن صدام حسين وبالاسم. يمكنني إعطاؤك أسماءهم.
أخبار الأدب: عدوي الثورة الآن تنتقل لأوروبا، في أسبانيا وبريطانيا مثلا، هل من الممكن أن يصنع هذا تغييراً في المجتمعات الأوروبية المستقرة، أم إنها بالأصل لم تكن مستقرة؟
جورج قرم كتب مقالاً في بداية شهر فبراير يقول فيه إن الشارع في الشمال يمكنه الاستفادة مما صنعه الشارع في الجنوب، يمكن لهذا أن يتم تعميمه بشكل كبير، وخاصة علي الشباب، هناك ازمة اقتصادية في الشمال وأزمة ديمقراطية كبيرة.
أخبار الأدب: والخليج العربي، ألا توجد أية إمكانية لوجود حراك شعبي فيه؟
في السعودية ليست هناك نفس المشاكل. الإمكانيات المادية للسعودية كبيرة، لكن علينا أن نعرف ان الشباب السعودي لا يختلف عن الشباب في مصر. لديهم مشكلة بطالة كبيرة، ويضاف إلي هذا إن المجتمع نفسه جديد، تم بناؤه في السبعينيات، عندما تقرأ ما يكتبه الشباب علي الإنترنت تكتشف انهم يريدون الحرية، ولكن ضع في اعتبارك طبيعة المجتمع المحافظ، وأننا لسنا في الخمسينيات، أي أنه ليست هناك إمكانية الانقلابات العسكرية، عندما كان الجيش السعودي يضم بعض الضباط الناصريين. هناك مشاكل الآن بين عبد الله و الأمير نايف وزير الداخلية، (يبتسم) الاثنان في الثمانينيات من العمر، عبد الله مريض، وكان أكثر انفتاحا، ولكن ظهور نايف في السلطة يعني أن سلطة وزارة الداخلية سوف تصبح أقوي.
أخبار الأدب: اغتيال بن لادن في نفس توقيت ثورات عربية، هل تعتقد أن هذا يرمز لعالم عربي جديد؟
يمكننا القول إن بن لادن كان قد مات مع الثورة في مصر. هو لم يلعب أي دور. وزنه الوحيد كان في باكستان والقاعدة، ليس في طالبان حتي، هناك بعض القوة له في المغرب ولكنه فعلياً فقد كل قوته الأيديولوجية مع الثورات. في التسعينيات كان هناك من يفكر بأن بن لادن هو البديل الوحيدة للأنظمة المتحالفة مع الغرب. الآن الوضع ليس هكذا.
أخبار الأدب: ولدت لأب شيوعي يهودي، أي في وطن كان يضم اليهود ضمن نسيجه، كيف تري مستقبل التعددية في مصر؟
نعم، عشت في مصر التي كانت تعددية بشكل كبير، ليس فقط بين اليهود والمسيحيين والمسلمين، وإنما كانت تضم أيضاً الإيطاليين واليونانيين وغيرهم. هذا كان أمراً إيجابياً. لكنني أعتقد أنه في الستينيات لم يكن هناك حل سوي خروج الأقليات، بسبب الاستعمار وتاريخه في المنطقة لم يكن أحد وقتها يقول إننا سوف نبني دولة تعددية. أما الآن فلقد فهم المصريون مفهوم الوطنية وحدوده، بمعني أن وجود الأقليات المختلفة قد يمثل قوة للمجتمع .
أخبار الأدب: سؤال شخصي، ماذا يعني هنري كورييل بالنسبة لك؟
هو والدي (يضحك) عشت حتي بلغت 14 سنة دون أن أعرف أنه أبي. التقيت به في باريس ولعب دوراً كبيراً في تكويني الفكري، بالنسبة له كيهودي لم يكن ممكنا أن يلعب دورا أساسياً في بلده. بعد56 طرد من الحزب في مصر وبدأ يعمل علي التضامن مع الشعب الجزائري،ويشارك في حركات التحرر الوطني، ولكن حديثه عن مصر كان إيجابياً وظل علي اتصال بالضباط الأحرار، وكان موقفه ضد موقف معظم الحركات الشيوعية التي قالت إن ثورة 52 هي مجرد انقلاب أمريكي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.