هذا وقت الاختيار.. فمصر بين خيارين: دولة مدنية ديمقراطية أو دولة فاشلة منبوذة. وللأسف فإن الأحداث الأخيرة في مصر قد دقت ناقوس الخطر. وجعلت هيلاري كلينتون محقة عندما قالت بفزع حقيقي: إن الثورات العربية في مصر وتونس لم تسقط ديكتاتوريين لتأتي بالغوغاء! وأغلب الظن أن بعض الأنظمة الجديدة التي تتشكل الآن هشة للغاية, ولم تثبت شرعيتها بإنجازات ناجحة في مجال العيش والعدالة الاجتماعية! ولأنها جاءت علي أجنحة الاحتجاجات وبفعل غضب الشارع, فإنها لا تملك الحق في منع الآخرين من التظاهر والاعتصام, وإذا كان ذلك مفهوما في عصر الديكتاتورية فإنه لابد أن يتغير الشارع نفسه ويدرك أن عليه أن يخاطب العالم بلغة حضارية لأنه في القاهرةالجديدة فإن العالم بأسره يأخذ الشارع وما يحدث فيه, علي محمل الجد ومن هنا عندما يقتل السفير الامريكي في بنغازي ويحرق العلم الأمريكي في عواصم الربيع العربي, وترفع الرايات السود لتنظيم القاعدة في ذكري 11 سبتمبر فإن الرسالة الخطأ وصلت واشنطن, ولذا يجب ألا نستغرب إذا ما قال أوباما مصر ليست حليفا, كما أنها ليست عدوا, كما لابد من توقع فاتورة الحساب: طائرات بدون طيار, طلبات بإرسال المارينز لحماية السفارات, وقف أجزاء من المعونة, واسقاط المعونة العسكرية عن مصر, نشاط هائل للتحريض ضد الربيع العربي والقادة الجدد بدعوي أنه مقابل الدعم فها هي أمريكا تحظي بانتقام مجنون واتهامات لأوباما بأن رهانه قد فشل ولم يحظ إلا بإسلاميين معادين, وتنفيذ ما يوصي به كيسنجر باحتلال 7 دول بها! وأغلب الظن أن هذه المتاهة قد ثبت حماقتها في أفغانستان والصومال والسودان, والأرجح أننا لا نحمل العداء لأحد, وأننا أصحاب حق عندما نشعر بالغضب من الفيلم الدنيء الذي يهاجم الرسول الكريم إلا أننا علينا أن ندرك هذه الفخاخ المنصوبة في طريقنا وألا نقع فيها, والرد الوحيد لن يكون بإقامة دويلات الرايات السود. بل في دولة مزدهرة يحسب الآخرون لها ألف حساب. المزيد من أعمدة محمد صابرين