فاز مرشح المعارضة التركية أكرم إمام أوغلو برئاسة بلدية إسطنبول بفارق ضخم عن منافسه مرشح الحزب الحاكم، موجها ضربة قاسية للرئيس التركى رجب طيب أردوغان، وحصد مرشح المعارضة 54 فى المائة من الأصوات على حساب مرشح الحزب الحاكم بن على يلدريم رئيس الوزراء الأسبق، وأخطر الرئيس أردوغان الذى كان يحارب معركة بلدية إسطنبول بأظافره وأسنانه أن يقر بالهزيمة، وبعث برسالة تهنئة إلى مرشح المعارضة الفائز، وكان أكرم إمام أوغلو قد فاز بأغلبية الأصوات فى انتخابات بلدية إسطنبول التى جرت فى مارس الماضى، وتدخل الحزب الحاكم «العدالة والتنمية» الذى يقوده أردوغان ليلزم اللجنة المشرفة على الانتخابات بإعادة الانتخابات رغم فوز مرشح المعارضة، بما جعل الانتخابات التركية أقل مصداقية، وأثار استياء جمهور الناخبين، ووحد جهود المعارضة على ضرورة هزيمة أردوغان . وقد حققت المعارضة التركية بفوز مرشحها أكرم إمام أوغلو للمرة الثانية برئاسة بلدية إسطنبول نصرا ساحقا على الحزب الحاكم ورئيسه رجب طيب أردوغان الذى كان يعتبر فوز حزبه ببلدية إسطنبول ضرورة حياة للحزب الذى يعانى ضمور شعبيته، لأن إسطنبول ليست فقط أكبر المدن التركية وأهمها اقتصاديا، ولكنها تمثل أهم مصادر التمويل للحزب الحاكم، وقد اعتبر غالبية الأتراك خسارة إسطنبول مؤشرا خطيرا يؤكد انهيار شعبية الحزب الحاكم، ورئيسه رجب طيب أردوغان، وفى رسالة بعث بها على تويتر، عضو البرلمان التركى مصطفى ينير أوغلو، أكد عضو البرلمان أن الحزب الحاكم فقد إسطنبول لأنه فقد تميزه كما فقد تفوقه الأخلاقى، وأن الأمر يتطلب نوعا من النقد الذاتى الشجاع، يصحح مسار الحزب ويعيده إلى الطريق الصحيح بما يكسبه ثقة الأجيال الجديدة التى لم تعد ترى أن الحزب يحسن تمثيلها، وتسببت خسارة بلدية إسطنبول فى إحساس الرئيس التركى أردوغان المتزايد بالمرارة والإحباط، لأن أردوغان ولد فى إسطنبول التى شهدت أمجاده الأولى، وكانت دائما أحد مراكز القوة للحزب الحاكم، لكن سوء الوضع الاقتصادى وانهيار الليرة التركية وارتفاع حجم التضخم، والانكماش الخطير الذى أصاب قطاعات واسعة من قطاعات الاقتصاد التركى زاد من سوء الأوضاع، لكن ما من شك أن إلغاء تصويت مارس قد أغضب غالبية الأتراك، وأكد لهم أن المشكلة تكمن فى دكتاتورية أردوغان وتشبثه بآرائه واعتقاده أنه وحده الذى يملك الحل الصحيح، بما جعلهم أقل ثقة بقدرة النظام الحاكم على الحفاظ على مكتسبات الديمقراطية فى ظل بقاء أردوغان إلى حد أن أُسرا بأكملها غيرت مواقفها واختارت أن تكون فى صف المعارضة، وأن تعطى أصواتها لمرشح المعارضة الذى فاز مرة ثانية ببلدية إسطنبول نكاية فى أردوغان وحزبه العدالة والتنمية . ومثل كل الطغاة رفض أردوغان أن يصدق أنه أصل المشكلة وسببها مُصرا على أنه وحده يملك الحل الصحيح لكل مشكلات تركيا الاقتصادية والسياسية بما زاد من سوء الموقف، وجعل الإصلاح عملية شبه مستحيلة لأن الإصلاح الحقيقى يتطلب أولا أن يرفع أردوغان يده عن السنان التركى، وساد أغلبية الأتراك اعتقاد يصل إلى حد اليقين بأن إصلاح أوضاع تركيا، وبقاء أردوغان فى السلطة هدفان يصعب أن يجتمعا معا لأن ديكتاتورية أردوغان يلغت الذروة ولم يعد هناك أمل فى إصلاح حقيقى طالما هو على رأس الحكم، وما زاد من سوء الوضع أن أردوغان استنزف كل الفرص، كما استنزف كل تاريخه وماضيه، ولم يعد هناك ما يشفع لبقائه واستمراره، خاصة أن الأوضاع الاقتصادية تزداد سوءا حتى أصبح الخيار الوحيد أمام الجميع التصويت ضد استمرار حزبه فى الحكم والانتصار لمرشح المعارضة الذى فاز مرتين بأغلبية الأصوات، وهذا ما حدث بالفعل لأن أُسرا بأكملها فى الانتخابات الأخيرة تقلب مواقعها إلى موقع المعارضة يأسا من إصلاح الأحوال تحت مظلة أردوغان . لمزيد من مقالات مكرم محمد أحمد