حسنا فعل أقباط مصر, في الداخل والخارج, عندما تبرأوا جميعهم من إنتاج وعرض الفيلم المسئ للإسلام, ولسيدنا محمد صلي الله عليه وسلم. بهذه المناسبة, ومع التعبير الواضح والصريح عن بالغ الإدانة لمثل هذا العمل الإجرامي المشين, والتأكيد علي أن الدين الإسلامي الحنيف ورسوله الأكرم, محمد بن عبدالله, أكبر وأعظم من أن يسئ إليهما عمل فني ردئ, وجب الإلتفاف والإلتفات إلي نقطة النظام الطويلة العريضة المرفوعة في سماء المحروسة, منبهة ومحذرة من أن الأجواء الراهنة تفوح منها روائح كريهة وعفنة من التطرف والغلو والتعصب, علي كل الأصعدة والمستويات ومن جميع الأطراف. أكتب هذا التحذير بعد أن طفح بنا جميعا الكيل من فوضي الفتاوي والتصريحات الصارخة والفاضحة, وإنتشار السلوكيات والمفردات والتصرفات, المنفرة والمحرضة علي الفتنة الطائفية, تنتهجها وتلوكها مع سبق الإصرار والترصد ألسنة نفر, ابتليت بهم مصر في الداخل والخارج, في بيئة تمييزية وحاضنة للإرهاب الفكري, ومهيمنة وراعية بكل أسف وأسي لتقسيم المجتمع!! في مداخلة مع قناة الناس, ضمن برنامج مصر الجديدة الذي يقدمه الشيخ خالد عبد الله, شن الداعية الشيخ وجدي غنيم, هجوما شرسا علي المواطنات والمواطنين المصريين الأقباط, ووصفهم بأنهم متعصبون وإرهابيون ويمارسون البلطجة. الشيخ وجدي غنيم, حفظه الله ورعاه, إنتقد لقاء الرئيس محمد مرسي مع المثقفين والفنانين, ووصف ما يفعله الفنانون بالفجر والدعارة والسفالة وقلة الأدب. وقال علي موقع يوتيوب موجها حديثه للدكتور مرسي: ساعتان من وقتك يا سيادة الرئيس كان أولي أن تجلس مع إخوانك من ضباط الشرطة الملتحين مضيفا أنه إذن يحق لقوم لوط أن يطالبوا بأن يجلسوا مع الرئيس إذا كان يجلس مع كل الطوائف!! هذه الأوصاف والنعوت للفن وللداعين لمدنية الدولة المنسوبة إلي الشيخ غنيم لا تختلف كثيرا عن الإتهامات التي كان قد أطلقها, رفيق دربه في الفتوي والردح الدعوي الفصيح, الشيخ عبد الله بدر, واصفا أهل الفن بالزنا والدعارة والكفر. الغريب هو ما قرأته منسوبا إلي المهندس سعد الحسيني, محافظ كفر الشيخ الجديد, وهو يقوم بأول جولة تفقدية, مرتديا الجلباب الأبيض, بأن وظيفته كمحافظ ليس حل المشاكل والإستثمار بل نشر الدعوة لله سبحانه وتعالي, مؤكدا أنه سوف يؤدي كل صلاة جمعة مقبلة بمسجد مختلف في أنحاء المحافظة بعون الله!! الأغرب من كل ذلك, هو ما قرأته منسوبا إلي مستشارة الرئيس لشئون المرأة, الدكتورة أميمة كامل, وهي تتحدث عن موضوع الختان بأن من لم يحدث لها فإيمانها ناقص!! يذكرنا هذا طبعا بمن إمتنعوا عن إبداء الإحترام الواجب عند عزف السلام الوطني, ومن أدوا الأذان في أثناء إنعقاد جلسة مجلس الشعب, والتلويح بإضافة جمل علي مشروع الدستور الجديد مثل السيادة لله وبما لا يخالف شرع الله وطبقا للشريعة الإسلامية, بل والدعوة إلي إستبدال النسر بجملة التوحيد لا إله لا الله محمد رسول الله بالعلم المصري. لا يتوقف الهوس الديني وفوضي الفتاوي والتحريض علي الفتنة والتمييز والتعصب, الذي يعد بيئة حاضنة للإرهاب الفكري بإمتياز عند هذا الحد, بل نري أيضا الرئيس محمد مرسي, نفسه, وهو متأثرا جدا بأداء الخطب الدينية, من حيث الشكل والمضمون, ولم يظهر في مفردات الخطب التحول المنشود إلي لغة رجل الدولة. نهايته, هل بمقدور أي أحد من المراقبين والمحللين التفسير والربط بين التراجع الواضح في العمليات الإرهابية بمختلف أنحاء العالم والصعودالمتنامي للإسلام السياسي إلي سدة الحكم فيما يسمي دول الربيع العربي؟! [email protected] المزيد من مقالات كمال جاب الله