صدر مؤخرا في فرنسا كتاب «أوراق قطر» للكاتبين كريستيان شيسونت و جورجيز مالبرونت، ويحتوي الكتاب علي وثائق تم تسريبها من مكاتب الحكومة القطرية تثبت بالأسماء والتواريخ والأختام التمويل القطري المباشر لمنظمات تابعة لتنظيم الإخوان الدولي في أوروبا، كما يحمل الكتاب إشارات لوثائق مماثلة تخص شمال أمريكا. وهذا هو الخيط الذي تلقفه توم كويجن، الباحث والكاتب الكندى، الذي استطاع الحصول علي نسخة وحيدة من هذه الأوراق، بحسب ما أكده للأهرام، التي تثبت تمويل الحكومة القطرية لمنظمات تابعة للإخوان في كندا والولايات المتحدة. وعلي الرغم من أن كويجن حتي هذه اللحظة يرفض إعطاء تفاصيل عن أسماء الشخصيات الكندية والجهات المتورطة في تسهيل وصول هذه التمويلات للمنظمات الاخوانية في كندا وهي المنظمات التي أدرجت الحكومة الكندية بعضها من قبل في قوائم الجمعيات والمنظمات المحظورة والتي تمول تنظيمات إرهابية خارج كندا، إلا إنه وافق علي منح الأهرام حق نشر بعض المعلومات التي جاءت بالوثائق. بداية يؤكد كويجن ان الوثائق تفضح بالدليل ما سبق وتوصل له من خلال بحثه السابق المتعلق بثماني منظمات تدعو للإسلام السياسي في كندا. كما تثبت تورط تسعة من السياسين الكنديين البارزين في تسهيل دخول ملايين الدولارات لتمويل منظمات تحرض علي العنف وبشكل علني. وتشير الوثائق إلي أن السياسيين الكنديين المتورطين ينتمون للأحزاب السياسية الثلاثة الكبري في كندا وهي الحزب الليبرالي الحاكم وحزب المحافظين المعارض والحزب الديمقراطي التقدمي. وحول المنظمات التي حصلت علي تمويلات من قطر، أكد كويجن أن جميعها منظمات خاصة بالمراكز الثقافية الإسلامية والمساجد والمدارس الإسلامية في جميع مقاطعات كندا، والأهم ان هذه المنظمات لا تنفي أبدا علاقتها بالإسلام السياسي داخل وخارج كندا. والأكثر إثارة للدهشة انها تدعو من خلال مواقعها الرسمية باللغة الانجليزية للإسلام المتطرف وتحرض علي قتال غير المسلمين بل والعنف المنزلي. ومن بين الوثائق وثيقة تزكية لتمويل أحد المشروعات داخل كندا قدمها يوسف القرضاوي للحكومة القطرية! وبسؤال الباحث عن احتمالية ان تكون الحكومة الكندية علي دراية بوجود هذه الأوراق؟ أجاب كويجن بأنهم علي تمام العلم بها، ويكفي القول إن أحد الأسماء السياسية المتورطة في تسهيل وصول هذه التمويلات هو وزير حالي في الحكومة الفيدرالية. وعند سؤال كويجن عن أن القانون الكندي لا يمنع التمويل الخارجي للمنظمات المدنية، أوضح أن ذلك صحيح ولكنه يمنع تمويل المنظمات المتطرفة ويمنع تمويل المنظمات التي قد يكون لها علاقة بالإرهاب. وعن رد فعل الحكومة الحالية بعد نشر الوثائق، أعرب كويجن عن اعتقاده بأن رد الفعل المبدئي سيكون محاولة الانكار والتشكيك في مصداقيتها لكن بعد ذلك سيكون عليهم الاعتراف بأن ملايين الدولارات دخلت كندا لتمويل متطرفين وإرهابيين. وأضاف ان كندا بلد ديمقراطي ويعلي من قيم الحريات الفردية لتفعيل قوانين مراقبة تمويل الجمعيات المشكوك في انتمائها للإرهاب والتطرف. ويجب علي الحكومة أن تتخذ عدة إجراءات لمراقبة هذه الأموال وتحديد مصادرها وأوجه انفاقها وحظرها اذا لزم الأمر وهذا ما كانت تفعله الحكومة السابقة لكن بوصول الحكومة الفيدرالية الحالية للحكم منذ اربع سنوات تم تعطيل كل هذه الإجراءات لسبب غير معلوم. وقال انه كان هناك مشروع قانون لحظر تمويل المنظمات الدينية من خارج كندا وتم الغاء منافشته في البرلمان، رغم انه أمر يبدو منطقيا ومقبولا دوليا فعلي سبيل المثال اذا ارادت كندا ان تمول بناء مسجد او كنيسة في دولة مثل قطر فإن القانون القطري سوف يمنعها من ذلك. ما ذكره توم كويجن حول طريقة تعامل الحكومة الكندية الحالية مع منظمات تدعم الإسلام السياسي وتدعو للعنف يثير كثيرا من التساؤلات خاصة اذا ما علمنا ان إحدي الشركات الهندسية الكبري في مدينة مونتريال، وهي الشركة صاحبة فضيحة تدخل رئيس الوزراء الكندي في مسار تحقيقات الفساد التي كان يجريها القضاء قبل أشهر حول تعاملات هذه الشركة حيث قامت ببيع أحد مقراتها بالحي التجاري وسط مدينة مونتريال للمعهد الكندي للحضارة الاسلامية في صفقة مولتها جمعية قطر الخيرية التابعة للحكومة القطرية بالكامل وبلغت قيمتها ما يقرب من 11 مليون دولار كندي. ربما يكون الأمر محض مصادفة لكن إذا ما وضعنا في الاعتبار ان نشاط الشركة يعتمد علي الشراكة في مشروعات متعددة في الشرق الاوسط ومنطقة الخليج العربي يصبح الأمر مثيرا لشكوك عديدة حول دعم رئيس الوزراء الحالي لهذه الشركة تحديدا.