لم يعد الخوف من تمدد تنظيم داعش عالميا مجرد هاجس ، بل بات واقعا تتعامل معه الدول، محاولة إيجاد حلول جذرية له غير مكتفية بالعمليات العسكرية ضد التنظيم ، وفى هذا الإطار أقامت جمعية العسكريين القدامى فى كندا ندوة تحت عنوان " كيف نقاوم داعش" لعرض دراسة محلل الشئون الاستخباراتية وعضو شبكة خبراء الإرهاب والأمن الكندى توم كويجن، التى أعدها حول نشاط جماعة الإخوان فى شمال أمريكا. بدأ كويجن حديثه بتأكيد أن داعش وصلت بالفعل لكندا، منتقدا التأخير فى مواجهة التنظيم، ودليله على ذلك أن الذى نفذ الهجوم على البرلمان الكندى لم يقم بذلك إلا بعد أن تم تجنيده عبر شبكة تعمل بالفعل على الأراضى الكندية . ويؤكد كويجن أن خطورة ما يحدث اليوم هو أنه قسم المجتمع الكندى إلى قسمين: الأول يرى أن الإسلام دين يدعو للسلام، والثانى يراه دينا يدعو للعنف ، وهو مايبعد الجميع عن القضية الحقيقية التى هى فى الأصل قضية سياسية فى المقام الأول . فالحقيقة التى يرى توم كويجن أنه يتم تجاهلها هى أن الشبكة التى جندت الشاب موجودة وتعمل فى كندا منذ سنوات، وهم لديهم التمويل الكافى وحرية الحركة، فقد بدأوا بالفعل منذ عام 1985 مع أول ظهور لحركات إسلامية متطرفة فى مونتريال. ومنذ وقتها وحتى الآن والإخوان من أكبر المنظمات الإسلامية التى تعمل فى كندا . وإذا نظرنا بعمق للأفكار فإن تنظيمات مثل الإخوان و داعش والقاعدة وجبهة النصرة وغيرها لهم هدف واحد ونظرية واحدة ، وهى بعيدة تماما عن الدين، فهى جماعات سياسية بامتياز منذ تأسيس جماعة الإخوان على يد حسن البنا عام 1928. الاختلاف الوحيد بينها هو خلاف على الاستراتيجية فقط ، فبينما اختارات داعش الذبح والحرق للإعلان عن نفسها، تتأرجح جماعة الإخوان بين العنف والسلمية. لكن إذا عدنا للتاريخ فإن العنف بدأه حسن البنا عندما أنشأ ميليشياته المسلحة، والتى نفذت العديد من العمليات الإرهابية. مشيرا إلى أنه عندما بدأ محمد أكرم تأسيس عمل جماعة الإخوان فى أمريكا الشمالية عام 1991 كان هدفه المعلن الجهاد المدنى. وفى بيان للجماعة عام 1995 ذكرت نصا أن الإسلام سيعود لأوروبا من جديد عبر الدعوة لا عبر السيف. ويضيف كويجن أنه إذا تتبعنا تاريخ من عرفنا من الشباب الكندى الذى تم تجنيده حتى الآن سنكتشف أنه فى بداية الأمر كانت له علاقة بالإخوان وتنظيماتهم خاصة فى الجامعة. والمدهش أن مصر بالفعل وضعت تنظيم الإخوان على قوائم الإرهاب لديها، بل إن دولة مثل الإمارات العربية المتحدة قد وضعت 12 منظمة من العاملين فى كندا على قوائم المنظمات الإرهابية، والسؤال ماذا تفعل هذه المنظمات فى كندا حتى اليوم؟ وما هو دور الحكومة الكندية فى مواجهة ذلك؟ رغم أن الحقيقة واضحة أمامنا، فإذا لم يكن ما يعلنه الإخوان عن الجهاد تحريضا على العنف فكيف يمكن تفسيره؟ أخذا فى الاعتبار ما قاله الكاتب الباكستانى زهير جوارا من أننا فى غضون أقل من خمسة أعوام سنجد أعضاء فى البرلمان الكندى من المنتمين لجماعة الإخوان. وهو أمر ليس مستبعدا تماما، خاصة أن إحدى المدارس الحكومية فى مونتريال والتى يمولها دافع الضرائب الكندى، سيطر عليها الإسلاميون المتطرفون ووصلوا لحد فصل الفتيات عن الفتيان فى الفصول الدراسية. منوها فى نهاية الندوة إلى أن الحلول متاحة تماما، منها أولا إيقاف تمويل هذه المنظمات وتجفيف منابع تدفق الأموال إليها من جهة ، وتفعيل القوانين التى تدافع عن القيم الكندية التى تم الاستقرار عليها فى الدستور ، لمواجهة هذه المنظمات.