عقب القبض علي عدد من المتورطين في التخطيط لعمليات ارهابية داخل كندا صرح رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو انه يواجه بحزم الارهاب الذي اصبح ظاهرة عالمية. والحقيقة ان اجهزة الامن الكندية تتعامل باحترافية عالية فيما يتعلق بتأمين الداخل الكندي وعبر الاجراءات الاستباقية التي تمكنهم من القبض علي الارهابيين ، لكن مع تطور العمليات النوعية التي ينفذها الإرهابيون علي مستوي العالم فضلا عن الدعم الذي تقدمه بعض الدول لتنظيمات وكيانات ارهابية فإن مسئولية مكافحة الارهاب تصبح مسئولية دولية. وربما هذا ما يضع الحكومة الكندية في مأزق حقيقي مابين وعودها الانتخابية والتزامها بتعهداتها الدولية. فقد كان اول قرارات جاستن ترودو عقب توليه رئاسة الوزارة في كندا هو سحب القوات الكندية المشاركة في التحالف الدولي لمحاربة داعش مكتفيا بدعم لوجيستي للتحالف دون مشاركة عسكرية فعلية في الحرب، وهذا ما أثار حفيظة المعارضة الكندية وكذا تخوفات عدد من السياسيين الكنديين. حيث تقول غادة مالك مسؤلة لجنة المرأة بحزب المحافظين الكندي : بالطبع كندا، مثلها مثل جميع بلاد المهجر،تعتبر التعددية والتعايش المشترك سمة أساسية من سماتها و احد اهم أسباب نجاحها علي مختلف الاصعدة. وبالرغم من أهمية هذه الثقافة في تقدم المجتمعات الا انه اصبح يساء استخدامها بسبب فشل الحكومات علي مدار السنوات الماضية في وضع حدود لاستيعاب الآخر. فمثلا قام رئيس الوزراء الحالي چاستين ترودو بإلغاء مشروع قانون سحب الجنسية من حاملي الجنسية المزدوجة ممن وجدوا متورطين في اعمال ارهابية قائلا جملته الشهيرة: »الكندي هو كندي أولاً وآخراً« واتُهم الداعمون للقانون بالترويج للكراهية و نبذ القيم الكندية وهي التهمة التي يخشاها الجميع ويحاولون تجنبها خوفاً من الاقصاء المجتمعي حيث يروج لها الاعلام الغربي بشكل كبير ومثير للدهشة. أيضاً من اهم علامات الانفصام الفكري في السياسة الكندية هي النية في اعادة فتح سفارة إيران التي تعد من اكبر رعاة الارهاب في العالم، غالبا بما يتفق مع السياسة الامريكية، ثم أخيرا فرض قوانين للتضييق علي حرية الفكر و التعبير تحت مسمي «محاربة الكراهية». وقد بدأ تلك الحملة رئيس مفوضية حقوق الانسان في مونتريال والذي يعد بتعقب كل من يهاجم الإسلام او المسلمين بما اصبح يعرف بقانون ازدراء الأديان الكندي والذي يبدو انه سيوظف لإسكات الأصوات التي تحذر من توغل الحركات الاسلامية المتطرفة وتنتقد سياسة الحزب الليبرالي وإجراءاته التي تبدو أقرب لرعاية الإرهاب من محاربته. واذا كانت غادة مالك تري قدرا من الازدواجية في تعامل كندا مع قضية الارهاب خاصة ان جميع التصريحات الحكومية الرسمية تتعهد بمكافحته وتقديم كل الدعم للدول التي تعتبر في مواجهة صريحة معه فإن الخبير الامني توم كويجن يري انها ليست ازدواجية بقدر ما هي غياب للرؤية والاستراتيجيات التي يمكن ان تكافح الارهاب بشكل واضح ومحدد حيث يوضح كويجن قائلا: ان المؤسسات الامنية والسياسية في كندا تعمل في اتجاهات مختلفة والتنسيق فيما بينها يبدو ضئيلا ،فليس هناك مسئول بعينه يحدد الأولويات. ويذهب توم كويجن إلى انه حتي الاممالمتحدة نفسها وهي المؤسسة الدولية الاولي المعنية بالسلام في العالم تبدو قدرتها محدودة علي المشاركة الفعالة في حل التعقيدات العالمية فمن وجهة نظر كويجن ان نجاح الاممالمتحدة في قيادة العالم في حربه علي الإرهاب يعد امرا مشكوكا فيه، ذلك ان الاممالمتحدة تبدو مسيسة تماما ومليئة بالفساد وما حدث من فشل ذريع في صربيا ورواندا ومن قتل هو ابرز مثال علي ذلك.