الأسرة السعيدة..

«رعاة» و«رعية»

الفطرة الطبيعية تشتهى الذرية، ليس فقط لأنهم زينة الحياة الدنيا، وإنما لأسباب كثيرة من أهمها البحث عن السند حال الكبر، والطمع فى دعوة «الولد» بعد انتهاء الأجل.. ويحدث كثيرا أن ينشغل الآباء والأمهات بموالاة الإنجاب طفلا وراء الآخر، متناسين أو متجاهلين أن الأهم هو الاهتمام بالتربية.
وبمراجعة آيات طلب الذرية فى القرآن الكريم نجد أنها كانت دوما مقترنة بطلب الصلاح، إذ ما الذى يفعله المرء بولد شقى، أو فتاة فاسدة، فلا يرجى من أمثال هذين دعاء ولا بر، بل لربما أصبحا عدوين لأبويهما، وفتنة لهما.
لذا فإن البيت الإسلامى لا يترك أفراده وشأنهم، بل وضع نظاما للتعايش يقوم على أن هناك أبناء وهناك رعية كما فى الحديث الشريف: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل فى أهله راع وهو مسئول عن رعيته والمرأة فى بيت زوجها راعية وهى مسئولة عن رعيتها) والراعى هو الحافظ المؤتمن الملتزم بمصالح ما قام عليه فى أموره الدينية والدنيوية، والذى سيُسْأل أمام الله عن رعيته: ضيَّعها أم حفِظها؟
ولكن كيف تكون تربية الصغار؟
السياج العام لها يتضح فى قوله تعالى:» يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة» والوقاية تتحقق بتنشئتهم على بغض كل ماهو حرام، والأب مسئول أولا بألا يطعمهم إلا حلالا كى لا يصدق فى أبنائه الحديث الشريف: (كل لحم نبت من حرام فالنار أولى به).
ولا ننسى أهمية التربية بالقدوة، فلا تكذب الأم مثلا كما فى واقعة المرأة التى أرادت إدخال ولدها للبيت فأغرته بإعطائه تمرا إذا أطاعها، وعندما سمعها النبى صلى الله عليه وسلم قال لها:( أما إنك لو لم تعطه شيئاً كُتبت عليك كذبة).
وكذلك التربية بحفظ القرآن وتعلم ما فيه، فضلا عن أن العبادات كلها يجب أن تغرس مبكرا فى نفس الطفل من باب التعويد وليس من باب الوجوب، لذا كان تعليم الصلاة يبدأ من سن السابعة، وكذلك الصوم يكون التعود عليه شكل تدريجى قدر استطاعة الطفل حتى إذا وصل إلى سن التكليف لم يجد مشقة فى الإلتزام الكامل. وتجب على الأبوين كذلك تنشئة الأبناء على مكارم الأخلاق، وإبعادهم عن قرناء السوء، وتشجيعهم على مصادقة الصالحين.