لا لوم ولا عتاب على خوف المصريين وقلقهم على سيناء وحدود بلادهم فهو مبرر خاصة مع غياب المعلومات التى تمحو الجهالة، ولكنى من منبرى الصغير هذا أطمئنكم أهل مصر إخوتى فى الوطن من استقراء التاريخ المعلِم بطول تجاربه المضيئة ومن جينات المصريين الثابتة التى يعرفها العالم كله أنهم لا يبيعون ولا يفرطون ولا تهون عليهم حبة تراب من أرضهم. يوم ذهب موشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلى بعد نكبة 67 فرحا متهللا لأستاذه بن جوريون يزف إليه خبر هزيمة مصر والمصريين، فردَ عليه مستنكرا: من المسئول عن استيقاظ المارد؟ فقال أى مارد؟ فردَ: المصريون مارد مستلقٍ على ظهره إذا احتلت أرضه استيقظ فقال ديان لبن جوريون إن هزيمتهم هذه لن تجعل لهم قائمة لخمسين سنة مقبلة فقال له أنت لا تعرف التاريخ، سيسترد المصريون أرضهم فى أقل من عشر سنين، ولم يمر يوم واحد إلا وكان الرائد بحرى محمد عبد المجيد عزب ضابط أول الفرقاطة طارق قد دمَر الغواصة الإسرائيلية تانين وتم أسر ستة من الضفادع البشرية لهم فى ميناء الإسكندرية، وفعل الجيش المصرى ما لم يفعله أى جيش فى العالم حيث قام من الانكسار إلى المقاومة فى أقل من 25 يوما ولم يكن الجيش فى ذلك بعيدا عن الشعب بل إن مصر كلها رفضت الاستسلام والرضوخ واستيقظ المارد وتوالت البطولات فى حرب الاستنزاف بعد أن صدَت فصيلة صاعقة مكونة من 30 مقاتلا هجوما كاسحا للعدو بالدبابات والمشاة ولقنوه درسا فى معركة رأس العش وشهدت سيناء آلاف المعارك فى أكثر من ألف يوم حتى توجنا النصر فى أكتوبر 73 ثم تحريرها . منذ فجر التاريخ وسيناء حصن منيع تتصدع فوق رمالها أطماع الغزاة على مر العصور كيف لا وهى قنطرة النيل إلى الأردن والفرات وطريق الغزوات، قال عنها المؤرخ ستانلى: هى تلك الصحراء الممتدة بجانب مصر الثابتة لتؤكد الوجود المصرى بتأثيره الخالد العميق. بعد شق قناة السويس ظهرت أهمية شبه جزيرة سيناء فى نظر الباب العالى وطمعت السلطنة العثمانية فيها وحاولت سلخ بعض أراضيها من مصر وضمها إلى الأقطار الحجازية أو إلى فلسطين ولتحقيق ذلك الهدف صدر فرمان تولية الخديو عباس فى 7 يناير 1892 مخالفا أحكام معاهدة لندن بأن حاولت الدولة العثمانية إدخال بعض التعديلات على الحدود المصرية فإذا مرت المسألة بسلام ودون اعتراض يكون الباب العالى رتب حقا له فى سيناء، ولكن بريطانيا أحبطت هذه المحاولة التركية وقد تطابقت المصالح المصرية فى ذلك مع البريطانية، وكررت تركيا المحاولة بأشكال أخرى وباءت أيضا بالفشل، وازداد الاهتمام بشئون سيناء بعد إنشاء خط سكك حديد السويس ومد خط التلغراف من القاهرة إليها وبدأت أطماع الصهيونية العالمية فى أرض الفيروز منذ طلب هرتزل الصهيونى أرضا لليهود فى شبه جزيرة سيناء على طريقة إنشاء شركة يهودية تضع أقدامها فى سيناء والعريش وهى نفس السياسة الخبيثة التى يريدها البعض وقد كرروا المحاولة أكثر من مرة مثل سلفهم هرتزل ولكن لم تنجح محاولاتهم ولن تنجح وجنودنا يسهرون يحمون الأرض والعرض فى سيناء ووراءهم شعب يعلم هذه المخططات الخبيثة وأمامهم رئيس يحمى مقدسات هذا الوطن، ولكن هذا ليس يكفى فنحن بحاجة الآن وأكثر من أى وقت مضى إلى تغليب المصلحة القومية العربية العليا على المصالح الضيقة لكل بلد لأن الخلافات والانقسامات العربية والتقاتل وفرت لإسرائيل وحليفتها أمريكا الأجواء الملائمة لضرب العرب بعضهم بعضا ولابد من إصلاح تعليمنا وإيجاد بحث علمى حقيقى يخلق نهضة صناعية زراعية تؤدى إلى اقتصاد صلب لا يجعلنا نعيش عالة على قروض ومنح تهز استقرارنا. لمزيد من مقالات ◀ سهيلة نظمى