فى مراحل التحول والبناء والإصلاحات الكبرى تتعاظم التضحيات وتتزايد التحديات، ويضحى ضروريا أهمية ظهير شعبى يكون سندا واضحا ونصيرا لجهود الدولة فى هذا الاتجاه.. فالمسئولية عن بناء الوطن مسئولية الجميع قيادة وحكومة وشعبا.. فالإصلاح يصاحبه إجراءات ينتج عنها آثار مباشرة يتحملها المواطنون.. ولابد أن يعى جيدا حقيقة ما يحدث حتى تنشأ الثقة بين الدولة والمواطنين ويتحقق التفاعل والتعامل المطلوب. إن تأخر إجراءات الإصلاح الاقتصادى سنوات طويلة.. جعله مؤثرا فى هذه الآونة بالذات.. فالأمر يتعلق بالتعامل مع عادات وموروثات ويصادف تقاليد قد تكون راسخات، ويحتاج إلى تغيير أنماط استهلاكية ومعيشية مضى على التعامل معها أزمان كثيرة. فالوعى المجتمعى يكون ضرورة للتعبير بجدوى عملية الإصلاح وأنها ضرورة عاجلة لاتقبل التأجيل، وأنها الحل الوحيد لإنقاذ الوطن من مخاطر كثيرة قد تؤدى إلى الانهيار الكامل فى ظل ظروف دولية وإقليمية ذات أبعاد خطيرة. إن الإصلاح وإقامة المشروعات الكبرى من أجل المواطنين قد يعدل من سياسات قائمة ليأتى بأخرى غيرها، بل وعكسها. ومما لاشك فيه أن آثاره على المواطنين لاتخفى على أحد فهناك معاناة لاينكرها أحد تتطلب صبرا وعملا وجهدا دؤوبا.. لكنها المعاناة المؤقتة التى قد تعقبها ثمار محققة.. فإنه مع العسر يسر، وبعد الجهد والعطاء تكون النتائج والثمار والنماء. إننا بحاجة إلى التوعية المجتمعية لتحقيق المساندة والمشاركة الشعبية المأمولة، لأن حق المواطن لابد أن يقابله واجب، فالتوازن به الحقوق والواجبات ضرورة لاستمرار الحياة، فالأديان السماوية تدعو إلى العمل والاتقان والإخلاص فى أداء العمل. إن مهام كثيرة فى قضية الوعى المجتمعى تقع بالدرجة الأولى على عاتق الإعلام الحكومى والخاص بقنواته المتعددة ورجالاته المتخصصة فى الرسائل الإعلامية.. إنها مسئولياته عن التنوير والتبصير والتعريف بقضايا المجتمع الرئيسية وتشكيل اتجاهات الرأى العام فى هذا الاتجاه، غير أن تعاظم المسئوليات يلقى تبعيات هذه المهمة على عاتق المنابر الأخرى من أجهزة وزارة الثقافة وقصورها المنتشرة بالمحافظات ومؤسسات المجتمع الأهلي. والمنصات الإعلامية فى الصحافة المقروءة والمسموعة عبر الصحف والجرائد القومية والخاصة أيضا، إلى جانب دور رجال الفكر وقادة الرأى والنخب السياسية الوطنية والمثقفين وأساتذة الجامعات ومراكز الشباب. إننا فى حاجة إلى التوعية بكيفية التعامل مع قضية ارتفاع الأسعار بحكمة بالغة. فالموارد بطبيعتها محدودة فى مواجهة الاحتياجات المتناهية والمتزايدة. ولابد من اتخاذ تدابير ترشيد الإنفاق وكفاءة استخدام الموارد، ومواجهة الجشع والاحتكار والرغبة فى تحقيق منافع وأرباح على حساب المواطنين. واستغلال قضية تحريك الأسعار وترشيد الدعم فى اتجاه المنفعة الشخصية بأسلوب ممنهج على أساس النفع الشخصى فقط، الأمر الذى يوجب التصدى لكل آليات مواجهة الفساد. كما أننا بحاجة إلى التعريف بأبعاد قضية التوظيف وتوفير فرص العمل، الأمر يحتاج إلى جهد شخصى ومبادرات شخصية بإقامة مشروعات والاستفادة من التيسيرات التى تتيحها الدولة فى تقديم التمويل المطلوب. فلم يعد الجهاز الحكومى أو الوظيفة الحكومية هى المصدر الوحيد للحصول على فرصة عمل، فضلا عن اختيار السلك التعليمى الذى يتيح فرص عمل متاحة فى سوق العمل المصرية، والتوجه إلى التعليم الفنى لربط التعليم بسوق العمل. إن مجالات التوعية المجتمعية كثيرة ومتعددة والمسئولية تقع على عاتق الجميع.. وهناك طوائف كثيرة من أفراد المجتمع المصرى تتطلب الوصول إليها للتعريف والتوعية بأبعاد قضية الاصلاح الاقتصادى والإدارى وضروراته. كثير من طوائف الشعب يحتاج إلى التعامل على قدر ثقافتها ومستوى تعليمها وأماكن وجودها.. فالأمر صعب ولكنه ليس بمستحيل.. قضايا كثيرة تحتاج إلى تصحيح للمفاهيم وتوضيح للأهداف والغايات، وبيان للمقاصد والرؤي، وذلك فى مجالات عديدة منها الزيادة السكانية، والدعم والبطاقات التموينية ووسائل النقل وغيرها. تلك هى المتطلبات الأساسية التى نرى ضرورة الاهتمام بها، تخطيطا وتنفيذا لتنمية الوعى المجتمعى ،وتصحيح المفاهيم الخاطئة لتحقيق الإصلاح الاقتصادى والإدارى الشامل فى مصر.. لمزيد من مقالات د. حسين رمزى كاظم