خمس سنوات مرت على إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسى تقديم استقالته كوزير للدفاع والإنتاج الحربى وترشحه لمنصب رئيس الجمهورية تلبية لمطالب الشعب المصرى. وخلال هذه السنوات الخمس، التى تولى خلالها الرئيس السيسى منصب الرئاسة، ضمدت مصر جراحها سنة تلو الأخري، واستعادت استقرارها وقدرتها على التعافى، فضلا عن عودة دورها المحورى فى المنطقة والقارة الإفريقية والعالم. لم تكن لحظة تقديم الرئيس السيسى استقالته كوزير للدفاع وخلع الزى العسكرى لحظة هينة عليه، لإدراكه التحديات الصعبة التى يواجهها الوطن فى ذلك التوقيت، ففى خطاب أمام الشعب المصرى فى 26 مارس 2014 أكد الرئيس أنه ارتدى الزى العسكرى من أجل الدفاع عن الوطن، وسيترك الزى أيضا من أجل الدفاع عن الوطن. ولعل بتذكر خطاب الاستقالة، كانت هناك نقاط محددة أكدها الرئيس فى ذلك التوقيت، كان من بينها أن السنوات الأخيرة من عمر مصر أكدت أنه لا يستطيع أحد أن يصبح رئيسا لمصر دون إرادة المصريين وتأييدهم. وكان من أبرز النقاط فى خطاب الاستقالة هى أمانة الرئيس فى عرضه للتحديات شديدة الخطورة ثقيلة التكاليف التى كان يمر بها الوطن فى ذلك الوقت، سواء اقتصادية أو سياسية أو أمنية، وذلك بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات من حالة عدم الاستقرار السياسى والأمنى فى الدولة، فضلا عن إرث ثقيل من التحديات المزمنة التى كان المصريون قد فقدوا الأمل فى التغلب عليها. ولعل الإصرار على المواجهة الأمينة والشجاعة لهذه التحديات كان أبرز كلمات الرئيس فى خطابه فى ذلك التوقيت، والتى صدق وأوفى فى تنفيذها، فبعد مرور خمس سنوات على هذا الخطاب تقف مصر اليوم وقد تمكنت من القضاء على تحديات ضخمة سواء اقتصادية أو سياسية أو أمنية، بل باتت تتصدر بدورها المحورى مقدمة الصفوف بين دول العالم. كان حديث الرئيس فى هذا الخطاب منصبا على تحديات البطالة التى كان ملايين الشباب، وتحدى الأمراض المزمنة، التى كان يعاينها منها أيضا ملايين المصريين، والاعتماد على الإعانات والمساعدات فى ظل دولة غنية بمواردها وشعبها، مؤكدا وقتها أن هذه التحديات غير مقبولة، لأن المصريين يستحقون حياة أفضل. كما تحدث أيضا عن إحدى المهام العسيرة فى ذلك التوقيت، وهى إعادة بناء أجهزة الدولة، بعد أن مزقتها حالة عدم الاستقرار التى أعقبت ثورة 25 يناير 2011 ، فضلا عن تحدى عودة عجلة الإنتاج فى كل قطاعات الدولة بعد أن توقفت أيضا بسبب حالة عدم الاستقرار الأمنى والسياسى التى مرت بها الدولة خلال هذه الفترة. «مهمتنا استعادة مصر وبنائها» .. كانت أبرز الكلمات التى شدد عليها الرئيس فى خطاب الاستقالة، والتى كانت أيضا ضمن وعود أوفى فى تنفيذها، فاليوم تم تنفيذ الآلاف من المشروعات القومية الضخمة فى مختلف المجالات، سواء مدنا جديدة أو بنية تحتية أو إنتاجا صناعيا أو زراعيا، لتغير هذه المشروعات ملامح مصر، وتضعها فى مصاف الدول الأسرع نموا وتحقيقا للاستقرار. «مصر ليست ملعبا لطرف داخلى أو إقليمى أو دولى ولن تكون» .. هذه الكلمات كانت أيضا أحد الوعود التى أطلقها الرئيس فى خطابه آنذاك، والتى نجح بكل المقاييس فى تحقيقها بعد معاناة طويلة فى مكافحة جماعات إرهابية استهدفت أمن واستقرار المصريين واستباحت دماءهم، كما حققت الدولة المصرية نجاحا باهرا على مدار السنوات الخمس الماضية فى تسليط الضوء على الدول والأطراف الداعمة للجماعات الإرهابية والمتطرفة، وبات حديثها مسموعا، وكلمتها نافذة فى المحافل الدولية المختلفة، من خلال سياسة خارجية ناجحة غيرت نظرة القوى الدولية لها وأجبرتها على احترام آرائها وموقعها الاستراتيجى وتعزيز كل سبل التعاون معها. الكثير من الوعود أطلقها الرئيس فى خطاب الاستقالة الشهير الذى لم ولن ينساه المصريون .. واليوم، يؤكد أنه تحدث فى ذلك الوقت بلسان صدق، ولم تكن تلك الوعود واهية، بعد أن استطاع تحقيقها، والتغلب على التحديات المزمنة التى واجهت الوطن على مدار عقود.