فى الوقت الذى تؤكد فيه الدولة أهمية الحفاظ على البيئة الطبيعية ومبادرة الرئيس لزيادة الرقعة الخضراء،استيقظ سكان منطقة البرج بحى المعادى على سيارات محملة بعدد كبير من قوات امن و أوناش ولوادر - وكأن الحرب قد دقت طبولها - لهدم حديقة البرج التى تتوسط منطقتهم والتى باعتها شركة المعادى للتنمية والتعمير لمستثمر من أجل إنشاء مول تجارى مكانها،رغم أن العقود المبرمة عند شراء الشقق السكنية كانت تشترط وجود حديقة وأماكن لإنتظار السيارات،وبعد نزاعات قضائية لم تنته قرر المستثمر هدم الحديقة لتتحول إلى أرض جرداء فى دقائق بعد أن كانت جنة بفضل سكان المنطقة.. واستغاث الأهالى ب«تحقيقات الأهرام» التى انتقلت على الفور للموقع لمعايشته.. وهو ما توضحه السطور التالية. الدكتور جودة عبد الخالق وزير التموين الأسبق ورئيس اتحاد ملاك عمارات البرج يقول إنه اشترى شقة فى عمارات البرج من شركة المعادى للتنمية والتعمير فى السبعينيات وكان أهم مميزاتها أن العمارة ملحق بها حديقة وأماكن انتظار السيارات وهذا مثبت فى كراسة الشروط، وفى عام 79 كان قرار محافظ القاهرة آنذاك صدمة لنا بتحويل الحديقة إلى مبنى للخدمات العامة واستنادًا لهذا القرار أعلنت الشركة عن مزايدة ببيع قطعة الأرض وتم بيعها لمستثمر، ومنذ ذلك الوقت والمحاولات لا تنقطع بهدف هدم الحديقة.. ومنذ 1982 ونحن السكان فى نزاعات قضائية وصدر حكم نهائى فى 2001 بإزالة كل الإشغالات وتسليمها للمشترى وقام أحد الملاك لم يكن على علم بالأمر لدواعى سفره برفع دعوى قضائية لاتزال منظورة فى القضاء إلى الآن، والحقيقة أن هناك أكثر من جهة متضامنة معنا فى هذه القضية كجمعية محبى الأشجار وهيئة الحدائق والبساتين بحى البساتين التى قامت بعمل محضر ضد الشركة وتقدير حجم التلفيات الناتجة عن الإزالة وتتحملها الشركة وفى حزن شديد قالت إحدى المتضررات من السكان حاولنا بشتى الطرق الحفاظ على الحديقة فهى الرئة الخضراء للمنطقة وقمنا بعقد ندوات كثيرة لتوعية الأهالى بضرورة الحفاظ على المساحات الخضراء،وجاءت مبادرة الرئيس للحفاظ على البيئة وأهمية المساحات الخضراء دعما لنا واعتقدنا أن هدم الحديقة التى أنفقنا عليها من اموالنا سيصبح امرا مستحيلا ولكن حدث العكس، حيث فوجئنا في يوم 16 يناير بسيارات محملة بجنود الأمن المركزى وبلدوزرات لهدم الحديقة وإزالة الأشجار والحشائش والنباتات التى ظللنا سنوات طويلة ندافع عنها وحصلنا أكثر من مرة على جوائز من جمعية محبى الأشجار نظرا لجمال الحديقة. وأضافت ساكنة أخرى انه فى يوم هدم الحديقة لم يفتصر الامرعلى تجريفها ولكننا فوجئنا بالتعامل العنيف الذى نتج عنه تهشم بعض السيارات وفقد سيارة أحد السكان ولم يتم العثور عليها إلى الآن!!. المهندسة أسماء الحلوجي رئيس جمعية محبى الأشجار ترى أن اهتمام الرئيس السيسى بالبيئة والحد من التغير المناخى الذى من أهم مقوماته زرع اشجار وزيادة المساحات الخضراء يعد دعما حقيقيا لنا.. فالقضية ليست هدم حديقة وإنما هو حق قانونى تم سلبه، والجمعية تهتم بالحدائق التراثية ونحاول إيقاف مذابح الأشجار فى مختلف أنحاء الجمهورية وحى المعادى تحديدًا يصنف منطقة تراثية متميزة بالقانون نها حققت التنوع الحيوى وتتميز بأن لديها اشجار نادرة ليس فقط لنوعها وإنما لعمرها، وأوضحت أن الجمعية متضامنة فى هذه القضية مع «سكان منطقة البرج بالمعادى ونثق فى نزاهة القضاء فنحن لنا حق التضامن فى قضايا الحفاظ على البيئة، خاصة ان هؤلاء السكان فازوا أكثر من مرة بجائزة الارتقاء بالمناطق الحضارية من الجمعية.. وتتساءل هل البنية التحتية لهذه المنطقة ستتحمل بناء مول؟.
الحى يخلى مسئوليته.. والشركة ترد اللواء محمود ضياء رئيس حى البساتين استنكر تحميل الحى مسئولية إزالة الحديقة متسائلا كيف للحى أن يقف أمام حكم قضائى ونحن دولة تحترم أحكام القضاء؟ والشرطة هى من قامت بتنفيذ الحكم وليس الحي، فسكان منطقة البرج بالمعادى وشركة المعادى للتنمية والتعمير بينهم نزاعات قضائية منذ سنوات وصدر حكم لمصلحة المستثمر .. والحي اقتصر دوره يوم تنفيذ الحكم على إرسال مهندس لتحديد المساحة التى ستتم إزالتها طبقا لحكم المحكمة،مضيفًا أن الحى يتدخل فى حالة إزالة حديقة عامة. من جانبه أوضح جمال عبد الله مدير عام الشئون القانونية بشركة المعادى قائلا: إن سكان منطقة البرج ليس لهم حق فى الحديقة والعقد المبرم بين الشركة والسكان لم ينص على أحقيتهم فى ارض، ونحن متضامنون مع مشترى الأرض وقد احتجز باقى ثمنها وما يهمنى كشركة هو تحصيل المبلغ المحتجز، والمشترى هو من رفع الدعوى القضائية ضد السكان الذين تعرضوا له ومنعوه سنوات طويلة من تنفيذ الحكم القضائى الذى حصل عليه بإزالة ما على الأرض من تعديات وإشغالات.. ولابد من احترام أحكام القضاء.