لا بد لي أن أشير إلي أن ما ذكرته أمس وأمس الأول لم يكن مجرد إنعاش للذاكرة بأحداث تتعلق بالماضي, ولكن هذا الاستطراد كان ضروريا لأهميته في إيضاح وشرح المقدمات التي أفرزت الحالة الكونية الراهنة. التي تمسك الولاياتالمتحدة وحدها بكل مفاتيحها تقريبا, وبما يؤكد أنها لم تنشأ من فراغ! لقد خططت أمريكا لذلك واجتهدت قدر ما استطاعت من أجل أن تحاصر الاتحاد السوفيتي والمنظومة الشيوعية حصارا فكريا واقتصاديا يساعد علي حدوث تداعيات سياسية واقتصادية دفعت في النهاية بمغامر سياسي يدعي ميخائيل جورباتشوف إلي أن يقدم علي فعل ما يفوق أكثر أحلام الأمريكيين جنونا! ثم إن أمريكا كانت في الوقت نفسه تجهز الطعم اللازم لاصطياد النظام العراقي واعتباره بمثابة أرض تدريب تجري فوقها تجربة أسلحة جديدة واستكشاف إمكان بناء تحالف دولي يساند الأهداف الأمريكية, فضلا عن هدف أساسي ورئيسي هو تحطيم آلة الحرب العراقية التي كانت قد قويت وتعاظمت بدعم ورضاء من أمريكا لخدمة أهداف الحرب العراقية- الإيرانية, ثم أصبح وجودها بعد انتهاء الحرب خطرا علي الحسابات الإقليمية لواشنطن, وخطرا أيضا علي أصدقاء وحلفاء أمريكا في المنطقة وفي مقدمتهم إسرائيل بالدرجة الأولي. ومن أرضية النصر الحاسم في منطقة الخليج وتحت مظلة العجز والصمت الروسي الذي أعقب انهيار الاتحاد السوفيتي بدأت أمريكا في تنفيذ مخطط تصفية الحسابات مع الأنظمة المارقة في البلقان واحدا تلو الآخر, وإن اختلفت مسميات ومبررات التدخل العسكري الذي اتخذ من مظلة حلف الأطلنطي ومن شلل الأممالمتحدة ساترا قويا لتغطية أي تجاوزات أو انتهاكات يمكن حدوثها. وغدا نواصل الحديث.. خير الكلام: ومن نكد الدهر أن الذي أزال الكروب غدا في كرب! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله