بعد مرور سبعين عاما على تأسيسها، ما زالت إسرائيل تتمتع ببيئة أمنية وسياسية واقتصادية سهلة، ولكن يمكن بوضوح رؤية سحب من القلق، بسبب تزايد التهديدات الأمنية الخارجية والداخلية على إسرائيل، وأهمها العلاقة بين إسرائيل والفلسطينيين،التى تشكل تحديا كبيرا، حيث إن غياب حل الدولتين يجعل إسرائيل فى مسار تصادمى استراتيجى ومواجهة أمامية مع النظام الفلسطينى لأجيال قادمة. وتراجع العملية السياسية وتراجع الفرص أمام التوصل إلى اتفاقية سلام مع الفلسطينيين يمثل الخطر الحقيقى على فكرة «دولتين لشعبين»، لذلك، فإن إيجاد نقطة تحول فى المحور الإسرائيلى الفلسطينى أمر حيوى بالنسبة لإسرائيل، ومع ذلك، لا يقل أهمية عن هذا توسيع قاعدة الشراكة مع الدول العربية والتعامل مع إيران . وفى قراءة لنص وثيقة مؤتمر هرتيزليا الإسرائيلى ، وهو مؤتمر سنوى يعيد تقييم السياسات ويقترح الحلول على اسس سياسية علمية، ذهب الخبراء إلى التأكيد على أن دولة إسرائيل تسير نحو الهاوية وما تحققه من مكاسب سياسية آنية يمثل خسارة كبيرة على المدى البعيد يصل الى التهديد الوجودى. فقد خلصت الوثيقة الإسرائيلية إلى أن تآكل أهمية حل الدولتين يؤدى إلى تحويل المخاطر إلى حقيقة ، وجعل إسرائيل على وشك مواجهة استراتيجية مع النظام الفلسطينى لأجيال، عبر تصعيد عنيف وهو أمر يجعل خلق نقطة تحول فى المسار الإسرائيلى الفلسطينى أمرا ضروريا بحد ذاته، ولكنه مهم للغاية أيضًا فى المواجهة مع إيران وإقامة شراكة مع الدول العربية والشروع فى عملية دبلوماسية كبيرة مع الفلسطينيين وخلق أفق سياسى من أجل منع التصعيد العنيف والمواجهة الأمامية فى الساحة الفلسطينية. وذكر التقرير ان الولاياتالمتحدة عمقت المأزق بين إسرائيل والفلسطينيين عبر اعتراف الولاياتالمتحدةبالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها إلى القدس، حيث إن الطريقة التى جرت بها هذه التحركات فى هذا التوقيت قلصت من تأثير الولاياتالمتحدة على عملية السلام، وزادت من تقليص فرصتها لتجديد العملية السلمية، وحالة التردد والغموض التى تلف مبادرة السلام الحالية للإدارة الأمريكية. حيث إن تدهور مكانة الولاياتالمتحدة،وإضعاف نفوذها الإقليمى قد يؤثر سلبيا على الموقف الاستراتيجى لإسرائيل. وأيضا إذا قدمت خطة ترامب «متى نُشرت» ترتيبًا لا يلبى توقعات الحد الأدنى للفلسطينيين، يمكن أن يؤدى هذا إلى مواجهة أمامية بين إسرائيل والفلسطينيين،. فى ظل هذه الظروف، فإن الافتراض أن الدول العربية ستجبر الفلسطينيين على قبول المبادرة هو وهم خطير. ويجب على المرء ألا يتجاهل حدود النفوذ العربى فى الساحة الفلسطينية، ودرجة استعداد الزعماء العرب للتصرف ضد المواقف التقليدية السائدة فى الرأى العام فى العالم العربى. كما أنه فى هذا الإطار قوة الفلسطينيين منخفضة ولكنها ليست تافهة. الأزمة الإنسانية فى غزة تخلق هذه الأزمة معضلة استراتيجية ليست بالبسيطة بالنسبة لإسرائيل.وتشكل الأزمة الإنسانية عاملا مركزيا. لذا فإن إعادة التأهيل الإنسانى لقطاع غزة يصب بالأساس فى مصلحة إسرائيل، وإن تدهور الأزمة الإنسانية سيؤثر على الفور على مصلحة إسرائيل ، ومن ثم فإن التحدى المباشر والعاجل فى الساحة الفلسطينية هو التعامل مع أزمة الوضع الإنسانى فى قطاع غزة،وتشير الوثيقة إلى أنه ينبغى على إسرائيل أن تعمل على تخفيف حدة الأزمة الإنسانية، جنبا إلى جنب مع رسالة واضحة بالتعاون مع المجتمع الدولى والعربى، وبأنه دون ذلك لا يوجد أى حل، بالتالى يمكن بتلافى هذه العقبات، وإعادة تأهيل اقتصاد قطاع غزة، بإيجاد طرق لتخفيف الأزمة ومنع تدهورها . المأزق الروسى تسعى روسيا لتوسيع نفوذها الإقليمى على حساب الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث تبرز روسيا باعتبارها القوة العالمية الوحيدة القادرة على القيام بدور، وتهتم بإجراء حوار مع جميع عناصر النفوذ فى المنطقة. وعلى الرغم من العلاقة الخاصة لإسرائيل مع روسيا فى السنوات الأخيرة، فإن إيران، كانت ولا تزال حليفا استراتيجيا لروسيا، وصحيح أن هناك تضارب مصالح بين روسياوإيران فى الوقت الحاضر، لكن المصالح المشتركة كبيرة وثقيلة وتكتسب مزيدا من الوزن. فى الوقت نفسه، يبدو أن روسيا ليست مهتمة بجعل الساحة السورية محور المواجهة المباشرة والواسعة بين إيران وإسرائيل، و يسمح الوضع الحالى لروسيا بأن تكون «محور توازن» بين إيران وإسرائيل فى الساحة السورية، و أبعد من ذلك، لا تريد روسيا تقويض الاستقرار فى سوريا بعد الجهود العسكرية لإنقاذ الرئيس بشار الأسد، ما يعنى منعها من تحقيق مصالح اقتصادية مهمة فى مجال الطاقة فى هذا الإطار من المصالح المعقدة، تسمح روسيا لإسرائيل، فى الوقت الحالى، بالعمل بالقوة العسكرية المطلوبة لإحباط البناء العسكرى لإيران وحلفائها فى سوريا، ومنع نقل وسائل القتال المتطورة إلى حزب الله فى لبنان، وواقع الأمر أن إسرائيل تعتمد فى الحفاظ على مصالحها وتعزيزها، على اعتبارات روسية هو أمر جديد تماما لصانعى القرار فى إسرائيل. وفى المستقبل، قد تجد إسرائيل وروسيا نفسيهما فى تعارض حول نطاق حرية العمل فى الأراضى السورية، هذا التطور قد يكون ثانويا فى ضوء الموافقة الصامتة من الولاياتالمتحدة للهيمنة الروسية فى سوريا. التوصيات وتقدم الوثيقة مجموعة من التوصيات تشير إلى ضرورة اتخاذ عملية بناء القوة واستعدادات الجيش الإسرائيلى فى الاعتبار بالإضافة إلى سباق التسلح الإقليمي، والحفاظ على الميزة النوعية العسكرية، والحد من المخاطر الناجمة عن سباق التسلح وعلى الرغم من التحديات التى تواجه النفوذ الأمريكى فى الشرق الأوسط، فإن الحفاظ على التحالف الاستراتيجى بين البلدين -إسرائيل والولاياتالمتحدة- وتعميقه هو مصلحة حيوية لإسرائيل. ويجب على إسرائيل تعميق حوارها مع الولاياتالمتحدة، والسعى الجاد لدعم نفوذها وقدرتها، من أجل منع إيران من تحقيق إنجازات إستراتيجية فى العراق وفى سوريا، وثنيها عن امتلاك أسلحة نووية، وتجنب تعميق المأزق فى ساحة الصراع الإسرائيلى الفلسطيني. وتضيف الوثيقة أيضا أن هناك محاولة حقيقية من إسرائيل لإعادة تنشيط العملية السياسية والحفاظ على الأفق السياسى الذى يبدو أمرًا حيويًا، حتى لو كانت فرص تحقيق اتفاق شامل ضئيلة، و«الأفق السياسى» يعنى عودة أهمية حل «الدولتين» ، كبديل واقعى وقابل للتطبيق. إضافة إلى التقدم فى العملية السياسية وخلق أفق سياسى حيوى لضمان استمرار التعاون بين إسرائيل والأمن الفلسطينى.