كان الشاعر الكبير عبدالفتاح مصطفى عضوا بلجنة نصوص الأغانى بشركة مصرفون التابعة للدولة والمتخصصة فى إنتاج قصائد وأغانى سيدة الغناء العربى أم كلثوم ولا تنافسها أى جهة فى هذا التخصص وكان الشعراء يقدمون إنتاجهم الغنائى لهذه اللجنة التى تعقد كل شهر تقريبا ً ويرأسها شاعر الشباب أحمد رامى وتضم فى عضويتها نخبة من كبار الشعراء ويرأس شركة مصرفون المهندس الكبير طه نصر التى شهدت أزهى فترات ازدهارها فى عهده وكان يحرص على حضور بروفات الأغانى التى يلحنها السنباطى بوجه خاص وتسجيلها فى استوديو الشركة بالعتبة وطبعها على اسطوانات بمصانعها بالعباسية وكان للشركة مكاتب فى كثير من الدول العربية خاصة التى يعشق جماهيرها أم كلثوم مثل تونس والمغرب ولبنان والأردن والبحرين وسلطنة عمان وغيرها لتكون الأسطوانات جاهزة فى صباح اليوم التالى الذى تغنى فيه أم كلثوم هذه الأغنية فى الخميس الأول من كل شهر ولا يتم توزيعها على مواطنى هذه الدول قبل ذلك، وكان يصدر تعليماته بأن تكون هناك اسطوانة تسجيل استوديو وأخرى تسجيل حفلة مع مايصاحبها من تصفيق الجمهور لأم كلثوم وكانت رحمها الله لا تكتفى بموافقة لجنة النصوص على الكلمات رغم روعتها وعظمة الشعراء الذين أبدعوها وتقرأها عدة مرات لتبدى رأيها النهائى فيها وقد تغير بعض كلماتها وحدث ذلك فى رائعة «إنت عمرى» لأحمد شفيق كامل الذى استهل الدخول بكلمة «شوقونى عينيك لأيامى اللى راحوا» واستبدلتها بعد موافقة المؤلف والملحن بكلمة «رجعونى عينيك» كما تشيد ببعض مقاطع الأغنيات وتتصل بالشاعر كما حدث بالنسبة لعبدالفتاح مصطفى فى أغنية «لسه فاكر قلبى بديلك أمان.. ولا فاكر كلمة هتعيد اللى كان. ولا نظرة توصل الشوق والحنان» إلى أن بلغ عبدالفتاح قمة عتاب الحبيب للمحبوبة فى المقطع الذى يقول «كانت الأيام فى قلبى دموع بتجرى.. وإنت تحلى لك دموعى وهى عمرى.. كلمة كلمة لما راح الهوى ويا الجراح.. واللى قاسيته فى ليلى اتمحى ويا الصباح.. لسه فاكر كان زمان» وكانت هذه الأغنية سببًا فى توثيق العلاقة بين عبدالفتاح مصطفى ورياض السنباطى الذى كان يعتبره أفضل شعراء جيله بعد شاعر الشباب المتيم بأم كلثوم أحمد رامى والتى تغنت بكثير من أغانيه وأشعاره من واقع حبه لها، وقد توثقت علاقتى (كاتب هذه السطور) بعبدالفتاح مصطفى وكنت أحرص على زيارته بين الحين والآخر فى منزله بشبرا أو فى مكتبه كمسئول الشئون القانونية بوزارة الاسكان وعلمت منه مدى إعجاب أم كلثوم بروائعه الشعرية التى كتبها فى حب مصر خاصة التى وصف فيها عبدالفتاح مصر بأنها جنة الله فى الأرض «طوف وشوف فى جنة ربنا واتفرج وشوف.. ضفتين بيقولوا أهلا ً. والنخيل واقف صفوف.. وابتسامة شمسنا أجمل تحية للضيوف» وهى الأغنية التى أبدعت المخرجة القديرة سميحة الغنيمى فى إخراجها وتصويرها. لمزيد من مقالات مصطفي الضمرانى