قليلة هي الإنجازات التي شهدتها الساحة العربية خلال العام الذي يلفظ بعد ساعات أنفاسه الأخيرة.. فرغم الجهود المضنية والاجتماعات المتعددة والمؤتمرات الكثيرة والمباحثات المكثفة التي قادتها جامعة الدول العربية والدول العربية المؤثرة.. تبقي المحصلة النهائية مع الأسف متواضعة للغاية.. ولا تلبي طموحات المواطن العربي.. ولا تبشر بمستقبل واعد مع بزوغ شمس عقد جديد!! فالتحديات التي تنتظرنا جسيمة.. والأخطار المحدقة كثيرة في ظل حسابات دولية معقدة.. وصراعات إقليمية خطيرة.. وتوازنات سياسية دقيقة.. وعالم لم يعد يحترم إلا الأقوياء.. ولم يعد للضعفاء فيه مكان. اللهم إلا لغة الغدر والخداع والمماطلة والتسويف وفي أرق الحالات التعاطف الشفوي ومصمصة الشفاة. ويكفي نظرة عابرة علي قضية العرب الأولي في فلسطين لنكشف أنها لا تزال تراوح مكانها.. رغم نسمات التفاؤل التي كانت قد هبت من خطاب الرئيس أوباما بجامعة القاهرة.. ولم تشأ إسرائيل أن يمر عام2009 قبل أن تفاجئنا بطرح ثلاثة عطاءات لإقامة نحو700 وحدة سكنية جديدة بالقدس الشرقية.. وتسرب أنباء باطلاع حليفها الأمريكي بتفاصيل تلك العطاءات, لا يهمنا أنها تلقي المباركة والتأييد.. ورغم مسارعة واشنطن بالافصاح عن رفضها لهذه المخططات.. إلا أن الرفض وحده لم يعد يكفي.. وعلي الطرف العربي أن يسعي خلال العام الجديد لحث إدارة الرئيس أوباما إما أن تمارس ضغطا حقيقيا علي الطرف المتعنت أو أن تفض يدها عن هذا الملف.. ولكن يبقي السؤال هل يملك العرب القدرة والشجاعة للسير في هذا الاتجاه؟! وفي العراق تأتي الانتخابات النيابية في شهر مارس المقبل وسط توقعات بتصاعد موجة العنف عكستها الأيام القليلة الماضية من العام الذي يلفظ انفاسه الأخيرة وفي ظل حالة من التجاذب حول كركوك بين الحكومة المركزية وفي بغداد وحكومة اقليم كردستان في إطار ما يعرف بالمناطق المتنازع عليها بين الجانبين!! وسيكون عام2010 هو عام الحسم والتحدي الحقيقي للسودان خلال تاريخه الحافل, حيث سيتم البت في قضيتي وحدته وسلامة أراضيه عبر الانتخابات المقررة في أبريل واستفتاء تقرير المصير لجنوب السودان المقرر بعد نهايته بأيام, وهي قضايا مازال يحيط بها الكثير من التعقيدات والمشكلات, مما يجعل بقاء السودان بلدا موحدا بحاجة الي معجزة حقيقية. وفي اليمن دخلت الحرب مع المتمردين الحوثيين منعطفا خطيرا تدور رحاها في الشمال وتهدد بتداعيات إقليمية أوسع بعد أن تخطت الحدود وامتدت الي السعودية الجارة الكبري, في الوقت الذي تعلو فيه صيحات دعاوي الانفصال في الجنوب كلها أمور تهدد وحدة وكيان اليمن!! وها هو الصومال لا تزال تمزقه الخلافات والصراعات.. وموريتانيا التي تدخل هي الأخري في حرب علي الفساد والإرهاب بعد الخروج من مأزقها السياسي بإجراء انتخابات ديمقراطية طوت به صفحة الانقلاب العسكري. وربما لولا شمس التفاؤل التي اشرفت من بلاد الأرز في لبنان.. وانتصارها علي أزمات وانقسامات بين طوائفه المختلفة كادت ان تطل حرب أهلية جديدة بين أبنائها.. لمضي العام دون ومضة تفاؤل يذكر.. ولكن لبنان الدولة انتصرت بعد تشكيل حكومة وحدة وطنية حازت علي ثقة البرلمان.. وإن ظلت البلاد تواجه تحديات مصير سلاح حزب الله وقضية اللاجئين الفلسطينيين.. والعلاقات مع سوريا بعد الانفراجة التي أحدثتها زيارة رئيس الوزراء سعد الحريري لدمشق ولقائه بالرئيس بشار الأسد. ويقودنا الحديث عن لبنان الي سوريا التي تتحرك في أكثر من اتجاه في وقت واحد. فعلي الرغم من علاقاتها القوية بإيران وحركة حماس وحزب الله إلا أنها تنفتح في الوقت نفسه علي الإدارة الأمريكيةالجديدة وتمد الجسور معها, كما أجرت عمليات مصالحة مع السعودية وخصومها السابقين في لبنان!! وبالرغم من كل ذلك.. فمازلنا قادرين علي الحلم والأمل نستقبل بهما عامنا الحديد.. بقليل من التفاؤل.. حتي نكون موضوعيين.. ولكن برغبة حقيقية في الجد والعمل لمواجهة تحديات جسيمة تلاحقنا وتطالبنا بالالتقاء معها في منتصف الطريق. بعد أن مضي عام ضاع فيه الأمل.. وزادت خلاله الأوجاع وفيما يلي تفاصيل ما أوجزنا