تفهمت تردد المشير خليفة حفتر فى حضور مؤتمر باليرمو الذى عقد على الأراضى الإيطالية مستهدفا الوصول إلى عدة أمور سبق أن وصل إليها مؤتمر باريس الذى حضره حفتر والسراج، كما ستكون أوراقا أمام مؤتمر موسكو إذا عقد، وهي: «توحيد الجيش وكتابة الدستور والقضاء على سلطة الميليشيات وتحديد موعد إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية»، ومبعث تفهمى فى تردد حفتر أمام تلبية دعوة حضور مؤتمر باليرمو كان المبالغة الإيطالية فى تضمين بعض الأطراف فى المؤتمر، وخاصة الإخوان المسلمين وجماعات ما يُسمى الإسلام السياسى وهم الذين يتصادمون مع الجيش العربى الليبى وقائده العام المشير خليفة حفتر، كون هذه الجماعات تناقض بحكم العقيدة والتكوين, فكرة الوطنية التى يتأسس أى جيش وطنى عليها، وإذا كانت القاعدة الأساسية التى تقوم عليها حكومة الوفاق الوطنى فى غرب ليبيا هى إدماج الإسلاميين فى مؤسسات الدولة، لا بل والتحالف مع بعضهم مثل جماعة فجر ليبيا المرتكزة فى طبرق، فإن مثل هذه المواءمات ليست قطعا فى وارد تفكير الجيش وحساباته الوطنية، ثم إن دعم كل من تركيا وقطر لإسلاميى الغرب الليبى يعزز فكر الانقسام ويستهدف ما تبقى من مؤسسات الدولة الليبية ويجعل إحجام أو إعراض الجيش الليبى عن الجلوس إليهم أو التفاوض معهم أمرا مفهوما ومبررا ومنطقيا، الجيش يستند إلى موقف برلمان طبرق الممثل لإرادة الشعب الليبى والذى رفض الاعتراف بحكومة فائز السراج الذى تدعمه قوى دولية ولا يمكن للجيش أن يجلس ممثلا فى شخص قائده مع رأس إحدى الميليشيات الإسلامية سبق أن قاد ما يسمى مجلس شورى درنة وحرض على أعمال إرهابية فى مصر.. ينبغى ألا يكون إحلال السلام فى ليبيا بإنهاء تضارب المصالح الخليجية القطرية أو تقاطع الأهداف الفرنسية الإيطالية، وإنما بفرض إرادة الشعب الليبى ممثلة فى برلمانه وجيشه، أما محاولة حشر الإخوان والإسلاميين المؤيدين بقطر وتركيا فهو لن يكون إلا تسليما آخر لإملاءات الربيع العربى الزائف والمسموم.. الذى لا نتصور أن الخطة الأممية فى هذا البلد تسعى إليه عبر إحياء الكلام عن الصخيرات أو عقد مؤتمر المصالحة الوطنية مطلع العام القادم أو إجراء الانتخابات فى الربيع المقبل. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع