لا أعرف لماذا دفعتني بعض معطيات المشهد العربي الراهن وما تحمله في طياتها من تصاعد لنغمة الاستقواء بالأجنبي في لعبة الصراع علي السلطة ومحاولة جر وخداع الجماهير باسم التغيير والإصلاح والإيحاء بأن الخلاص لأمتنا رهن بتدخل رسل الحرية والديمقراطية في عالم اليوم إلي إعادة التقليب في الذاكرة والملفات العربية التي لو أحسن البعض استيعاب دروسها لما فكر لحظة واحدة في الرهان علي أي قوة أجنبية. ألم يقرأ هؤلاء الساسة تاريخ أمتهم وضمن سطوره شهادة بليغة للضابط الإنجليزي لورانس المعروف باسم لورانس العرب يقول فيها بالحرف الواحد: كان علي العرب أن يخوضوا الحرب مع الحلفاء ضد الدولة العثمانية وكان عليهم أن يضحوا من أجل ذلك وهم من سيدفع الثمن بعد كل تلك التضحيات وقد كان. لقد ردت بريطانيا وفرنسا الجميل للأمة العربية- في ذلك الوقت- بعقد اتفاقية سايكس بيكو التي تقاسموا فيها دول الشرق الأوسط وتخلصوا من الشريف حسين ومن وعودهم له بإقامة دولة عربية واحدة تضم سائر البلدان العربية في المشرق وسارعوا بنهب ثروات الأمة واتخاذ كل ما يمنع وحدتها وفي المقدمة زرع إسرائيل ككيان غريب ودخيل يستنزف الموارد ويعطل التنمية. هؤلاء الذين يحملون رايات الاستقواء بالأجنبي ويطرقون أبواب السفارات الأجنبية ويشدون الرحال إلي عواصم الخارج لتحريض القوي الدولية علي دس أنفها في أدق شئون بلادهم الداخلية لم يتوقفوا لحظة واحدة للتأمل في معطيات المشهد المأساوي الراهن في العديد من الدول العربية مثل العراق وليبيا واليمن وسوريا ليأخذوا منه الدرس والعبرة في ضوء تشابه السيناريو خصوصا من زاوية الغيبوبة السياسية والفكرية لقوي المعارضة التي اندفعت- دون وعي- لتقديم وتوفير المبررات والذرائع للتدخل الأجنبي باسم تحقيق الديمقراطية المزعومة التي تحولت إلي نكبة سياسية وأمنية واجتماعية واقتصادية لم يعرفها العالم العربي علي طول تاريخه. وغدا نواصل الحديث خير الكلام: وراعي الشاه يحمي الذئب عنها فكيف إذا كان الرعاة ذئابا! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله