أي زمن عربي هذا الذي نعيشه الآن؟ هل عميت تلك العيون وانغلقت تلك العقول فعجزت عن رؤية الحقيقة واختفت من ذاكرتها مسيرة النضال الطويلة لشعوب الأمة العربية؟. إن الأوضاع العربية الراهنة أكبر وأعقد من أن يجري تأويلها تأويلات مريضة من جانب بعض من يرون أن رفض كل أشكال الوصاية الأجنبية والتدخل الخارجي يعني رفضا للتغيير والإصلاح وتعطيلا لاستحقاقات الديمقراطية. إن القضية هي مسألة مبدأ في المقام الأول ومن ثم فإنه يتحتم علي كافة القوي الوطنية في أي بلد عربي أن تحدد موقفها بوضوح من ذلك الفيروس القاتل الذي بات يهدد الجسد العربي بأكمله ويجعل من الاستقواء بالأجنبي لحل مشاكل الداخل مسألة طبيعية ومنطقية وهو أمر لا يختلف كثيرا- للأسف الشديد- عن سوابق مريرة في التاريخ العربي إبان سنوات الاحتلال الأجنبي عندما كان البعض يري أن الخيانة ليست فقط مسألة نسبية وتقديرية وإنما هي أيضا وجهة نظر! وللأسف الشديد إن بعض قوي المعارضة التي تجاهر بطلب النجدة من القوي الأجنبية يغيب عنها أنه لو جري الإقرار بصحة هذا التوجه فإنهم سيكونون أول ضحاياه عندما يصلون إلي السلطة ويتحرك خصومهم- مستقبلا- علي ذات الطريق لاستدعاء الخارج.. ومن ثم تظل الأوطان العربية ألعوبة في يد القوي الكبري. ولست أعرف كيف يغيب عن بعض قوي المعارضة العربية أن مبدأ الاستقواء بالأجنبي يتعارض كلية مع مزاعم البحث عن الديمقراطية لأنه لا توجد ديمقراطية حقيقية في غيبة من وجود سيادة وطنية كاملة ثم إنه ليس في التاريخ شيء مشرف ينتصر لكل الذين جربوا هذه اللعبة الخطيرة بالرقص علي حبال الخارج والتمايل علي دفوف الأجانب! إنني لا أدافع عن أي نظام مستبد ولكنني أدافع عن حق الأغلبية وحق المعارضة في صنع المصير الوطني من خلال موائد الحوار... وما أبعد الفارق بين حق المعارضة في أن تقول ما تشاء داخل وطنها وبين أن يراد تصوير الصوت الزاعق المصنوع في بعض الفضائيات علي أنه صوت الأغلبية. وبنظرة متجردة علي بعض جوانب المشهد العربي الراهن فإن أكثر ما يثير الدهشة أن تتغير أفكار البعض من سطور الوطنية إلي مالا يمكن وصفه ولا تسطيره... وتلك بكل صراحة هي أزمة أغلب فصائل المعارضة في العالم العربي. خير الكلام: نصحتكموا أمري بمنعرج اللوي... فلم تستبينوا النصح إلا ضحي الغد! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله