أمس الأحد، كان يوم عيد ميلاد الأستاذ هيكل الخامس والتسعين. واحتفالاً به كانت هناك نية وتخطيط لدى العائلة بإعلان نتائج المسابقة السنوية للصحفيين الشباب. ولكن لأسباب إدارية. ورغبة من الأسرة فى أن تخرج بشكلها الذى يليق باسم الرجل. ويستمر فى تحقيق حلمه. تم تأجيل الاحتفال لموعد يحدد فيما بعد. مؤسسة محمد حسنين هيكل للصحافة العربية مؤسسة أهلية للخدمة العامة لا تستهدف الربح أنشئت بمصر 2007، طبقاً لأحكام القانون 84 لسنة 2002، وهدفها السعى من أجل رقى مهنة الصحافة وتقدمها، اتصالاً بتقاليد سبقت، ولحاقاً بآمال تنتظر، وسط عالم وزمان اتسعت فيهما آفاق المعرفة ودروس التجربة على نحو لم يسبق له مثيل, حسب ما يقول الأستاذ هيكل فى بيان التأسيس. وتبعاً لأوراق إشهارها: تضع المؤسسة كهدف لها مستقبل الصحفى العربى باعتبار الصحفى المؤتمن الأصلى على مستقبل المهنة والحفاظ على دورها التنويرى ضمن حركة التقدم الشامل للأمة، والمحافظة على مستوى يساعد على تمكين الصحافة العربية من دور مؤثر فى محيطها يتواصل بالزمالة مع قوى التطور الخبيرة فى الإعلام الدولى وحركته المتسارعة. أنشئت مؤسسة محمد حسنين هيكل للصحافة العربية كوقف للخدمة العامة أقامه الأستاذ وأسرته دعماً للمهنة التى وهب لها حياته وارتبط بها اسمه لعقود طويلة من الزمان. ويضم مقر المؤسسة مكتبته من الكتب والوثائق، وتتيحها المؤسسة وفقاً لقواعد محددة للمهتمين والباحثين. ويقوم نشاطها على وقفية محددة ومتجددة كافية لتحقيق أهدافها يوفرها الأستاذ هيكل وأسرته دون اعتماد أو مشاركة من أى طرف مصرى أو خارجي. وحسب لائحة المؤسسة، يتولى الحفاظ على عملها وأهدافها مجلس للأمناء يشارك فيه ممثلو الوقفية إلى جانب عدد من الشخصيات المهتمة بالمهنة وبالعمل العام لا يزيد عددهم على سبعة، ويشترط أن يكون بينهم نقيب الصحفيين المصريين وأحد الشخصيات العربية المعنية بصحافة العالم العربى باعتبار تكامل العمل الصحفى على اتساع أوطان المنطقة. ويختص برسم سياسة المؤسسة ووضع برامجها وإدارة أعمالها مجلس تنفيذى يتكون وتتحدد مهمامه وفق لائحة يصدرها مجلس الأمناء. قال إعلان المؤسسة إن الصحافة العربية تشهد مرحلة تحولات كبري، تشمل التأثيرات الحافلة لثورة المعلومات والاتصالات، كما تتصل بالتطورات الحادة والمتسارعة، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، التى مرت بالمنطقة العربية فى السنوات الأخيرة، فأعادت تشكيل كل من البيئة الحاضنة لمهنة الصحافة ولميدان ممارستها وتأثيرها فى آن واحد، وللمؤسسة أهداف كثيرة. تحقيق أعلى قدر ممكن من تعرف العاملين فى الصحافة العربية، على آخر التطورات فى ميدان الصحافة فى العالم. برامج مكثفة وعلى أعلى مستوى فنى ومهنى لتدريب شباب الصحفيين. تأسيس نظم عربية مستدامة للتدريب الصحفى على الصعيدين المحلى والإقليمي، وعلى مستوى المؤسسات الصحفية. الحوار وتبادل الخبرة والتعلم المتبادل بين الصحفيين العرب فيما يتعلق بالحالة الراهنة للمهنة وآفاق تطويرها وبالقيم والمعايير المطلوب تكريسها وباحتياجات. وإمكانات تطوير العمل الصحفى العربى إلى أعلى المستويات العالمية. الدعم الفنى للمؤسسات الصحفية الناشئة، خاصة المستقلة وغير الحكومية منها. متابعة ورصد مستويات الأداء المهنى فى الصحافة العربية، ودعم وإبراز الممارسة الأفضل. البحث العلمى فى شتى القضايا ذات الأهمية للصحافة العربية، ودعم نشر وترويج نتائجها وتوسيع نطاق الحوار حولها. إشاعة الحوار وتبادل الخبرة بين الصحفيين العرب وغيرهم من الصحفيين من العالم، وبخاصة فى العالم الثالث. يؤخذ على المؤسسة أن الأنشطة التى تقوم بها علاوة على الجائزة كانت قليلة. وربما نادرة. وأغلبها تم فى حياة الأستاذ، وربما لم يتم أى نشاط بعد رحيله. بالمقارنة مع ما كان متوقعاً من مؤسسة تحمل اسم هيكل. ولكن يلاحظ أيضاً أن أنشطة المؤسسة على قلتها كانت مميزة وغير مسبوقة. ومنها: محاضرة للصحفى الأمريكى الشهير سيمور هيرش رائد الصحافة، والذى أعقب محاضرته بدورة تدريبية استمرت يومين لنقل خبراته لعدد من شباب الصحفيين الذين تم اختيارهم من جانب المؤسسة. وقد حضر الأستاذ هيكل كل جلسات الدورة. وربما كان من حظى أننى حضرت معه إحدى هذه الجلسات. زمالة مؤسسة هيكل وجامعة أكسفورد، بالمملكة المتحدة، بدأت عام 2008، وإن كان قد توقف لأسباب غير معروفة. ويذكر أن بداية البرنامج تواكبت مع محاضرة مهمة دُعِى الأستاذ هيكل لإلقائها فى افتتاح الموسم الثقافى 2007/2008، لجامعة أكسفورد العريقة عن صراع الشرق والغرب. وورشة عمل حول التغطية الصحفية للفساد حاضر فيها الصحفى البريطانى الشهير ديفيد لي، رئيس قسم التحقيقات بجريدة الغارديان، وأستاذ الصحافة الاستقصائية بجامعة لندن. وكانت هناك محاضرة لوزير الخارجية البريطانى الأسبق اللورد ديفيد أوين تحدث فيها عن الاعتدال فى السلطة، والصحة البدنية والنفسية للزعماء وتأثيراتها على الحكم وصنع القرار. كان الأستاذ هيكل يفكر فى هذه المؤسسة قبل إقامتها بسنوات. ولم يكن رهانه على اسمه، ولا بحثاً عن خلوده، بقدر ما كان محاولة لعناق مستقبل مهنة ارتبط بها وأحبها واعتبرها جوهر حياته. لذلك فإن استمرار المؤسسة بعد رحيله عن الدنيا فى 17 فبراير 2016، مسألة شديدة الأهمية. لأنها تحقق له أحد أحلام عمره. بل ربما آخر الأحلام التى راودته قبل الرحيل عن الدنيا. تبقى أوراق الأستاذ، ما مصيرها؟ سبق أن كتبت عن أوراقه، وسأظل أكتب حتى تكون لديَّ إجابة شافية بمصير هذه المستندات المهمة التى يمكن اعتبارها وثائق لخدمة تاريخنا المعاصر. هل هى موجودة فى مصر؟ أم أنها خرجت من البلاد فى مواجهة إجراءات سبتمبر 1981، التى خشى الأستاذ إبانها على أوراقه. وقيل يومها إنها أصبحت موجودة فى مكان أمين مؤتمن فى لندن. ما يعنينى أوراق الأجندة اليومية التى كان يدون فيها بخط يده مواعيده يومياً. ونقاط سريعة وعابرة على ما جرى فيها. وعندما سألته عن مصير الأوراق. قال لى إنها تُحفظ يوماً بيوم. ورأيت يعينيَّ أوراق أجندات أيام كثيرة كان الرجل حريصاً على أن يدون فيها مواعيده قبلها بأيام. من باب الالتزام الذى أخذ نفسه به. وربما كان هذا الالتزام أحد أسرار مشروعه الكبير، الذى يُعد أهم مشاريع الصحفيين، ليس فى مصر ولا الوطن العربي. ولكن فى العالم. لمزيد من مقالات يوسف القعيد