الشهر الماضى أعلن معبد الهيكل اليهودى على موقعه باليوتيوب فيديو أظهروا فيه ميلاد البقرة الحمراء وأنها ستخضع للفحص الدائم حتى يتأكدوا أنها صالحة للذبيحة المنتظرة لكل اليهود التى بها يتم تطهير كل يهودى وهذا حسب الشريعة اليهودية. ففى سفر العدد الإصحاح التاسع عشر نص: هذه الشريعة التى بها نفهم أنها ذبيحة للتطهير من أى نجاسة لأى شخص يهودى وبدونها يكون الشعب بلا تطهير ويحمل نجاسات تمنعه من الاشتراك فى أى عمل خاص بالرب. وذبيحة التطهير بالبقرة الحمراء هى إحدى صور الدعاية اليهودية لكل العالم بحتمية بناء الهيكل، إذ إنه حسب الشريعة لا تذبح الذبائح إلا فى الهيكل (سفر التثنية 12: 11-14)، وعلى هذا تجتمع كل القوى اليهودية الدينية والسياسية للضغط على المجتمع الدولى لبناء الهيكل. وقد حدث هذا فى أكتوبر عام 1996م وأعلنوا ميلاد البقرة الحمراء. وبدأت حملة محمومة لبناء الهيكل ولكنهم لم يستطيعوا تحت ضغط العالم إذ إن هذا سيؤدى إلى حروب فى المنطقة فتراجعوا عن فعلهم هذا. وحسب تاريخ اليهود فقد أعطى الله لهم هذه الشريعة قبل دخولهم أورشليم بعد أربعين عاماً من التيه فى برية سيناء، فشريعة البقرة الحمراء تعنى بالنسبة لهم بداية دخولهم إلى أورشليم لإعلان بداية جديدة لتاريخ اليهود وبناء الهيكل الثالث. إذ إن الهيكل الأول بناه سليمان الحكيم فى حدود عام 1000ق.م، وهدم على يد نبوخذ نصر عام 587ق.م. وأعيد بناؤه بأمر من داريوس ملك الفرس الذى كان يحكم المنطقة، وأمر بعودة اليهود وبنى الهيكل على نفقته والذى بناه هو قائد اليهود زربابل لذلك يسمى هيكل زربابل. ثم تم هدمه تماماً عام 70 قبل الميلاد بعد حصار الرومان لهم، وحاولوا إعادة بناؤه أكثر من مرة ولكنهم اصطدموا بالرومان حتى طردهم هادريان إمبراطور روما من أورشليم، وبنى هيكل لآلهة وثنية فوق خرابات الهيكل اليهودي. وفى القرن الرابع أيام قسطنطين اكتشفوا أحجارا للسور الخارجى الذى بناه هيرودس للهيكل فى توسعات قد أجراها عام 16ق.م. وبدأوا يذهبون إليه ليصلوا هناك ببكاء على مملكة اليهودية وصار اسمه حائط المبكي. وفى القرن الرابع عشر اعترف السلطان سليمان العثمانى بالأهمية الدينية لحائط المبكى وسمح لهم بالصلاة وزيادة ارتفاعه واعتبره موضعا للعبادة اليهودية وهذا لأسباب سياسية. وفى أعقاب هزيمة 1967 أطلق الحاخام الأكبر سلومو بن جوريون تصريحا وقال: الآن يمكننا تحقيق حلم اليهود فى امتلاك القدس وبناء الهيكل. وفى أعقاب ذلك بدأت التنظيمات اليهودية العمل على إعادة بناء الهيكل بعد هدم المسجد الأقصى ومسجد الصخرة. ومن أبرز هذه التنظيمات جماعة اسمها أمناء جبل الهيكل التى يتزعمها غرشون سلومون أستاذ الدراسات الشرق أوسطية وتاريخ الحركات القومية الكردية. وهذه الحركة مركزها القدس ولها أفرع فى أمريكا يقدمون لها الدعم المادى والسياسي. وقد أقسم أعضاء هذه الجماعة على شن الحرب المقدسة لتحرير جبل الهيكل وبناء الهيكل الثالث، وكان من مقترحاتهم نقل حجارة المسجد الأقصى والصخرة وإعادة بنائه فى مكة. وتوجد حركات كثيرة تعمل على هذا المشروع منها مخلصو الهيكل الذين عملوا تصميمات للهيكل ويقال إنها نفذت وتنتظر الوقت المناسب لنقلها إلى القدس وبنائه فى أسرع وقت. وقد أصدرت محكمة العدل فى يونيو 2001م حكماً يقضى بالسماح لجماعة أمناء جبل الهيكل بوضع حجر الأساس لبناء الهيكل الثالث على ألا يكون البناء فى حرم القدس الشريف، وانفجرت على أثر ذلك موجة من الغضب الفلسطينى والعربى مما أوقف هذا الحكم ولم ينفذ. وتساند جماعات ماسونية وصهيونية مسيحية إتمام هذا العمل إذ تؤمن الصهيونية المسيحية بفكرة الملك الألفى للسيد المسيح، وهى أنه سيأتى ويدخل الهيكل بعد بنائه ليبدأ حكم العالم لمدة ألف عام. وهى العقيدة التى رفضتها الكنيسة فى قرنها الأول من بعض اليهود الذين صاروا مسيحيين ولكنهم لا يزالون يتمسكون بالحلم القومى الوطنى لمملكة اليهود. ثم قويت مرة أخرى فى القرن الثالث ورد عليها البابا ديونيسيوس السكندري، ثم فى القرن الرابع وقف أمامها القديس والفيلسوف أوغسطينوس. ثم عادت مرة أخرى فى القرن السابع عشر مع بداية الماسونية وتبنتها الصهيونية المسيحية، بل إن جماعة السبتيين فى أمريكا أعلنت عام 1844م أن السيد المسيح قد جاء فعلاً بطريقة خفية. ونفس الفكرة أعلنتها جماعة شهود يهوه عام 1918م وزادوا عليها أنه استلم إدارة شئون العالم. ولا يخفى على القارئ أن هذا بعد وعد بلفور برجوع اليهود إلى الأراضى الفلسطينية ليكون لهم وطن هناك بعد الاتفاق بين هرتزل ممثلاً عن الصهيونية وإنجلترا التى كانت قد أعلنت الحماية على الأراضى الفلسطينية. وبدأت منذ ذلك الوقت التخطيط لتهويد القدس والاستيلاء على كل أراضى فلسطين، وكانت الضربة العظمى فى حرب 1967 والاستيلاء على القسم الشرقى للقدس وإعلانها عاصمة إسرائيل. وبعد الربيع العربى الذى كان للقوى الغربية وإسرائيل اليد فى تحريكها، وتخطيط صهيونى أمريكى غربى لتفكيك القوى العظمى فى الشرق الأوسط والدول العربية حتى يتم إتمام المخطط دون عقبة أو مانع من دول صارت بلا جيوش وليس لها حول ولا قوة. وهذه الأيام نرى إجراءات غير مسبوقة لتهويد القدس سواء بمشاريع استيطانية أو مخططات أمريكية لفرض الأمر الواقع مثل نقل سفارتها إلى القدس أو تسريب فكرة صفقة القرن. وأخيراً يوم 19 يوليو الماضى إذ أعلن الكنيست الإسرائيلى قانون القومية الذى يجعل إسرائيل دولة يهودية ويقول: إسرائيل هى الأرض التاريخية لليهود الذين لهم وحدهم حق التصرف بها وإنشاء مجتمعات يهودية تخدم مصلحة الأمة اليهودية. ثم الشهر الذى يليه إعلان ظهور البقرة الحمراء. والبقية ستأتى إذ أصبحت المنطقة كلها غارقة فى حروب داخلية بفعل فاعل، وصارت الدول العربية فى حالة صراع طائفي، وبينما نتصارع ونحارب بعضنا البعض يتم تنفيذ الخطة ولا عزاء للضعفاء والفرقاء والنائمين بلا وعي. لمزيد من مقالات القمص أنجيلوس جرجس