بعد إشارة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان بأصابع الاتهام للقوى الأجنبية،انخفضت الليرة التركية أمس مجددا إلى معدل غير مسبوق أمام الدولار، حيث ارتفع الدولار الأمريكى أمام الليرة بنسبة 13,5٪، ليسجل 6,3005 ليرة، فى استمرار لأسوأ موجة تراجع للعملة التركية منذ الأزمة المالية عام 2008. والليرة التركية فى تدهور منذ اندلاع أزمة دبلوماسية خطيرة بين أنقرةوواشنطن، تفاقمت مع فرض الدولتين عقوبات متبادلة على مسئولين حكوميين. وتصاعد التوتر الحاد المخيم منذ عدة أشهر فجأة الأسبوع الماضى مع اشتعال أزمة القس الأمريكى أندرو برانسون المحتجز فى تركيا، حيث يخضع للإقامة الجبرية بعد اعتقاله عاما ونصف العام لاتهامه ب"الإرهاب" و"التجسس". كما تتخوف الأسواق من عجز السلطات التركية عن ضبط التضخم المتزايد الذى بلغ معدله السنوى حوالى 16٪ فى يوليو الماضي. وقللت الحكومة التركية أمس الأول معدل النمو الاقتصادى المستهدف من 5,5٪ إلى أقل من 4٪، فى اعتراف غير مباشر بالصعوبات التى تواجهها فى التصدى لأزمات الاقتصاد. ويدعو العديد من خبراء الاقتصاد لزيادة البنك المركزى معدلات الفائدة للحد من التضخم، لكن هذه الهيئة تخضع لضغوط أردوغان المعارض بشدة لرفع النسب. ومن جهته، واصل أردوغان محاولة تزييف الحقائق بقوله إن الأزمة الاقتصادية سببها «حملات خارجية مضادة» تستهدف تركيا.وقال أردوغان خلال تصريحات أدلى بها فى مدينة ريزة التركية التى ينحدر منها: «لا تنسوا هذا: إذا كان لديهم الدولار، فنحن لدينا شعبنا»، مضيفا: «نحن نعمل بكد بالغ». وأكد لأنصاره قائلا: «هناك حملات عديدة يتم شنها ضد تركيا لا تلتفتوا لها»، وتابع «نحن أفضل من الأمس، وسوف نكون أفضل غدا». وأضاف «بمشيئة الله سنتغلب على هذه الكوارث وسننجح أيضا فى الحرب الاقتصادية». وقد أثار أردوغان الدهشة عندما بدا أنه يقلل من أهمية الأزمة قائلا «إذا كان لديهم دولارات فلدينا شعبنا ولدينا حقنا ولدينا الله». ومن المقرر أن يعلن وزير المالية والخزانة التركى بيرات البيرق صهر أردوغان خلال الساعات المقبلة ملامح خططه بشأن «الاقتصاد الجديد»، بهدف تهدئة مخاوف المستثمرين. وفى إطار ردود الأفعال، ذكرت صحيفة «فايننشال تايمز» على صفحتها الأولى تحت عنوان «خلاف دبلوماسى مع واشنطن يزيد من هبوط الليرة التركية»، أن إخفاق الوفد التركى إلى واشنطن فى التوصل إلى أى تقدم بشأن رفع العقوبات الأمريكية، أدى إلى انخفاض الليرة إلى أقل مستوياتها على الإطلاق أمام الدولار. وأشارت إلى أن الوفد كان يفترض أن يجرى مباحثاته مع المسئولين الأمريكيين على مدى يومين ولكن تم اختصارها فى 50 دقيقة فقط بالخارجية و35 دقيقة بالخزانة الأمر الذى دعا الوفد إلى مغادرة واشنطن والعودة إلى بلاده. وكشفت الصحيفة عن أن إدارة الرئيس الأمريكى أمهلت أنقرة حتى يوم الأربعاء القادم وإلا ستفرض عليها عقوبات أشد قسوة هذا إلى جانب الالتزام بالعقوبات على إيران. وأكدت أن الكثير من الحكومات تشعر بالقلق إزاء ما ترى أنه تزايد السياسات الاستبدادية للرئيس التركى أردوغان الذى أعيد انتخابه فى يونيو الماضى بصلاحيات رئاسية موسعة.