أتابع باهتمام شديد كل ما تقوم به حكومة دولة الإمارات العربية من تمكين وإتاحة للأشخاص ذوى الإعاقة وما لمسته بنفسى منذ الزيارة الأولى لدولة الإمارات عام 2012 وما تبعها من زيارات فيما بعد يجعلنى فخورا بما تقدمه للأشخاص ذوى الإعاقة على كل الأصعدة. ولكن منذ عدة أشهر أعلن الشيخ محمد بن راشد رئيس الوزراء وحاكم دبى عن رفع مسمى وتوصيف «ذوى الإعاقة» وإحلال بديل له «أصحاب الهمم»، وفى الحقيقة لى على هذا المصطلح الكثير من الملاحظات، فلكل مصطلح دلالته اللغوية والعلمية، بل وله دلالته أيضا مجتمعيا وثقافيا، وإذا أردنا أن نصف الأشخاص ذوى الإعاقة بأنهم أصحاب همم، فعلميا «الهمة» ليست حكرا على فئة دون أخرى، أما الدلالة اللغوية فلا يشير توصيف أصحاب الهمم للإعاقة وذويها من قريب أو بعيد، أما عن التأثير المجتمعى والثقافي، فبهذا التوصيف نتحمل نحن فئة ذوى الإعاقة أمام المجتمع أعباء كثيرة فوق طاقة البشر العادية لمجرد إثبات أننا لدينا همة وأننا أصحابها الوحيدون، بل وبهذا التوصيف فنحن نصور للمجتمع أن الأشخاص ذوى الإعاقة أشخاص «خارقون» للعادة ويستطيعون فعل كل شيء وأى شيء لأنهم أصحاب همم، فى حين أن الأشخاص ذوى الإعاقة أشخاص عاديون لهم ما لهم وعليهم ما عليهم. أما على الجانب الحقوقى فمصطلح أصحاب الهمم هو مصطلح يحمل فى طياته عدم الاعتراف بأن الأشخاص ذوى الإعاقة أشخاص لهم حقوق واجبة ومن الطبيعى أن تكون تلك الحقوق موجودة ومعترفا بها بل والعمل على أن تكون متوفرة بشكل كامل على الأقل فى حدها الأدنى، وفى الواقع فإن مصطلح ذوى الإعاقة الذى نصت عليه «الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوى الإعاقة» أتى بعد سنين عديدة من النقاش والحوار وأخذ الآراء للوصول إليه، بل وساهم فى هذا المسمى الأشخاص ذوو الإعاقة للاعتراف بالحقوق الواجبة من الدول تجاه فئة ظلت سنين منسية، ولتغيير نظرة مجتمعية وحقوقية وثقافية حول العالم بأن الإعاقة وصمة على صاحبها وتحويلها إلى دلالة واضحة إلى أن الإعاقة هى اختلاف طبيعى بين البشر ويجب أن نتعامل معه وفق معطيات محددة وهى التمكين والدمج والإتاحة والتأهيل. أخيرا أقول: ذوو الإعاقة مسمى وتوصيف لا يقلل منا وليس مخجل لنا وليست الإعاقة فى حد ذاتها وصمة أو عبئا علينا أو عيبا فينا يجب ستره، لأن الإعاقة اختلاف طبيعى وموجود بين البشر، ويحتاج هذا الاختلاف لأمور تجعل أصحابه قادرين على التواجد أسوة بالآخرين وعلى قدر المساواة بهم.