بناء وتنمية القدرات البشرية للشخصية المصرية هى إحدى أهم القضايا التى تفرضها التحولات المعرفية والمعلوماتية والأحداث التى مرت بها البلاد خلال الأعوام القليلة الماضية، هذا البناء يشمل كافة الفئات والطبقات وهنا تبرز أهمية تنمية فئة ذوى الاحتياجات الخاصة وبناء قدراتهم اجتماعيًا وتعليميًا واقتصاديًا وهو ما يسمى ب)التمكين( والتعاضد الاجتماعى الذى يسهم فى تغير وضع المعاق الذى يتسم بالعجز والقصور والعزلة، ونعنى بالتمكين إكساب ذوى الاحتياجات الخاصة مختلف المعارف والاتجاهات والقيم والمهارات التى تؤهلهم للمشاركة الإيجابية الفعالة فى مختلف أنشطة الحياة الإنسانية، وكذلك تغيير نظرة المجتمع لهم ولمفهوم الإعاقة واستبدال ثقافة تهميشهم بثقافة تمكينهم ومساعدتهم فى تحرير أنفسهم من الاستسلام للمؤثرات التى تعيق تفاعلهم بشكل سوى مع الآخرين. ومن الأخطاء الشائعة التى ينبغى تداركها عند الحديث عن قضايا ذوى الاحتياجات الخاصة التركيز على الإعاقة ونوعها بدلًا من التركيز على الشخص ذاته وما لديه من مميزات وقدرات عوضه الله بها عن أى نواقص جسدية وذهنية، تلك الأخطاء التى عمقت الرؤية السلبية للمعاق والنظر إليه على اعتباره عاهة إلا أنه فى ظل المتغيرات التى تفرض التعامل مع المعاق على أساس إنه إنسان طبيعى وإتاحة الفرصة أمامه للاندماج فى المجتمع ومساواته مع الأشخاص الطبيعيين فى الحقوق والواجبات جاء الدستور المصرى الأخير بانفراجة تبشر بتغيير السياسات التى تسلكها الدولة اتجاه هذه الفئة التى تنظر إلى نفسها أيضًا نظرة تشاؤمية، مفادها أن كل المشكلات التى تواجههم تنشأ عن امتلاكهم أجسادًا غير عادية أو بها عيب تكوينى، وعادة ما يميلون إلى الاعتقاد بأن إصابتهم تحول بالضرورة دون مشاركتهم فى الأنشطة الاجتماعية ناهيك عن سيطرة هذه الأفكار والمعتقدات عليهم، مما يؤدى إلى مقاومتهم بشدة لكل محاولات دمجهم فى فعاليات الحياة الإنسانية. إن قضية تمكين ذوى الاحتياجات الخاصة ودمجهم فى المجتمع اندماجًا كليًا هى قضية إنسانية تتعلق بالمجتمع ككل، وتحتاج إلى تكامل وتكاتف جهود كل المؤسسات لتحقق الوعى الجماهيرى وإزالة المعوقات والاتجاهات السائدة التى تعزز المفاهيم الاجتماعية الخاطئة، التى ترى الإعاقة مصدرًا من مصادر النقص التى تحط من قدر صاحبها وتعليم وتدريب المواطنين على كيفية التفاهم مع المعاق بشكل سليم ومقبول بدلًا من البعد عنه وتحاشيه أو الشعور حياله بالرثاء والشفقة دون أن تسمح خبراتهم بعمل بشىء إيجابى حياله. نعم هم بشر.. لهم من مقومات الحياة مثل ما لدينا.. لكنهم حملوا فى ذواتهم الشموخ للوصول إلى جميل الأهداف. إذا أعطوا فإنهم يبذلون قصارى جهدهم وفكرهم ليقدموا أجمل الدرر النادرة، ولديهم من همم الخواطر والأفعال ما قد تفتك بالحجر الصلب. فهم بالإرادة يرسمون لوحة الأمل، وبالإرادة ينسجون قماشة الفرح، وبالإرادة هم جزء لا يتجزأ من أفراد المجتمع، وبالإرادة تزهر حقول الحياة بعيون الذين لمعت ببريق السعادة، ووجوه الذين افترشت الأمنيات سجادة العطاء، دون نقص، ودون إحباط أو انغماس فى العبوس. وأخيرًا تجدر الإشارة إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة اعتمدت فى شهر أبريل 2017م سياسة وطنية لتمكين ذوى الإعاقة، حيث تم الإعلان عن إطلاق مسمى "أصحاب الهمم" بدلًا من "ذوى الاعاقة". وفى بيان أسباب إطلاق تلك التسمية عليهم، قيل: إن «إعاقة الإنسان هى عدم تقدمه، وبقاؤه فى مكانه، وعجزه عن تحقيق الإنجازات وهنا يمكن القول إن كثيرًا من الأصحاء جسديًا يعتبرون من "ذوى الإعاقة"، بينما ارتقى بعض ذوى الإعاقة البدنية إلى مصاف "أصحاب الهمم"، ومن ثم يكون فى وصفهم بأنهم من «ذوى الإعاقة» نوع من الظلم البين لهم. لذلك أطالب الدولة المصرية بأن تقوم بتغيير مسمى ذوى الاحتياجات الخاصة إلى (أصحاب الهمم). .............................. الباحثة فى علم الاجتماع