ما بين الاستعداد إلي الانطلاق للمستقبل مع الدستور الجديد والخوف من التكبل بأغلال دستور2012 يعيش الأشخاص ذوو الإعاقة صراعا فكريا عما ينتظرهم من مصير, ومن المعروف أن هؤلاء الأشخاص كانوا وما زالوا يواجهون حالات من العزوف والإقصاء والتهميش داخل المجتمع, ويعود ذلك لأسباب مركبة, ثقافية, وقانونية, ومادية. فعلي المستوي الرسمي, تتبني الدولة الرؤية الطبية للإعاقة, وبالتالي تري الإعاقة( قصورا أو عجزا جسديا) وذلك برغم توقيع مصر علي الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والتصديق عليها منذ2007, وهي الاتفاقية التي تتبني الرؤية الاجتماعية للإعاقة, وتري الإعاقة ليست سوي اختلاف طبيعي بين البشر.. لذلك تفتح صفحة صناع التحدي ملف وضع ذوي الإعاقة في الدستور الجديد لمعرفة تصوراتهم ورؤيتهم للمواد الخاصة بهم. في البداية يقول شريف ياسين فاضل أحد الناشطين في مجال ذوي الإعاقة- إن حقوقنا كأشخاص ذوي إعاقة معروفة للجميع منذ زمن بعيد, ولكن تعامل الدولة معنا علي إننا عاجزون عن الحركة والتفكير أيضا هو ما قد برر لواضعي الدستور المجمد عدم ذكر الإعاقة كأحد صور التمييز, لذلك أصبحت المادة الخاصة بنا في هذا الدستور مادة مطلقة, والمطلق لا يقيد. ان هذا التبرير اللغوي بغاية السطحية, ويكشف عن الجهل الشديد بواقع الإعاقة بمصر, فالأشخاص ذوو الإعاقة هم الأكثر عرضة للتمييز بين كل فئات المجتمع المصري, والأخطر هو أن المجتمع يقبل هذا التمييز بدرجات مختلفة ويراه الأغلبية تمييزا منطقيا- هذا كان رأي أحد أعضاء لجنة الدستور السابقة- فهيمنة رؤية العجز تكاد تسيطر علي الجميع بمن فيهم النخب الثقافية والسياسية. ويضيف شريف: لقد أصدرت الحكومة معايير تشكيل لجنة الخمسين الخاصة بتعديلات دستور2012, وجاءت الصياغة بغاية الرداءة فيما يخص تمثيل الأشخاص ذوي الإعاقة, حيث ورد بالبند التاسع( مرشح واحد عن المجلس القومي لمتحدي الإعاقة, ويكون من ذوي الاحتياجات الخاصة) وتكشف هذه الصياغة عن الجهل الشديد بواقع الإعاقة حتي علي مستوي المفردات المستخدمة, فما بين متحدي الإعاقة و ذوو الاحتياجات الخاصة ضاع المسمي الصحيح والمقر دوليا ومحليا وهو الأشخاص ذوي الإعاقة كما أن التسمية القانونية للمجلس الخاص بالإعاقة هو المجلس القومي لشئون الإعاقة وليس المجلس القومي لمتحدي الإعاقة. وبصرف النظر عن فوضي المفاهيم, من الواضح أن المادة تعني. أن يمثل الأشخاص ذوو الإعاقة شخصا واحدا يختار عن طريق المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة, وأن يكون من بين ذوي الإعاقة أنفسهم, وبهذا المعني علينا رفض هذا المعيار المجحف بحقوق ذوي الإعاقة والمتجاهل لقضاياهم, والذي يكشف بوضوح عن استمرار الدولة المصرية خلال كل مراحل الثورة منذ25 يناير وحتي الآن, في تجاهل مطالب حركة الإعاقة والسير علي نفس السياسات الإقصائية التي تتبني رؤية العجز الجسدي, وهي الرؤية التي تهيمن علي بيروقراطية الدولة بنفس مستوي هيمنتها علي النخبة المصرية بكل فصائلها., لذلك سوف نختصر مطالبنا من اللجنة طبقا للمواد الخاصة بالإعاقة بالدستور المجمد, وسوف نرجؤ مطالبنا كاملة إلي حين تشكل لجنة الخمسين. ويقترح شريف تغيير المادة(72) في دستور2012 والتي تنص علي التالي( تلتزم الدولة برعاية ذوي الإعاقة صحيا واقتصاديا واجتماعيا وتوفر لهم فرص العمل وترتقي بالثقافة الاجتماعية نحوهم وتهيئ المرافق العامة بما يناسب احتياجاتهم). ويكون التعديل الجديد هو( تلتزم الدولة بحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الاقتصادية والاجتماعية والصحية وتكفل لهم الاولوية في فرص العمل بالنسبة التي يحددها القانون وترتقي بالثقافة وتهيئ المرافق العامة بما يناسب احتياجاتهم). ويري شريف أن هذا التعديل من الممكن أن يجعل ذوي الإعاقة ينطلقون نحو المستقبل بخطي ثابتة حتي يستطيعوا اللحاق بأقرانهم في مختلف الدول الأخري. أما كريم النجار سفير التحدي فيقول: انتظر المعاقون كثيرا للحصول علي حقوقهم من قبل الدولة كي يتمكنوا من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي دون عوائق تمنعهم من ذلك فبعد ثورة يناير2011 ودخول عدد منهم للفضاء الالكتروني تكونت مجموعات منهم للدفاع عن هذه الحقوق مما كون نوعا من الضغط الشعبي والتعريف بقضاياهم وتم إنشاء المجلس القومي لشئون الإعاقة في دستور(2012) الذي ذكرهم في المادة72( تلتزم الدولة برعاية ذوي الإعاقة صحيا واقتصاديا واجتماعيا, وتوفر لهم فرص العمل, وترتقي بالثقافة الاجتماعية نحوهم, وتهيئ المرافق العامة بما يناسب احتياجاتهم). ورغم هذا التغير لم يستفيد المعاقون شيئا إلا الذين صدر لهم قرارات تعيين في الوظائف الحكومية بعد اعتصام عدد منهم أمام قصر الاتحادية في شهر أكتوبر من عام2012 والاعتداء علي بعضهم مما فجر القضية إعلاميا وصدر قرار رئاسي بالتعيينات علي مستوي الجمهورية, فالمجلس القومي لم يأت للمعاقين بشيء من حقوقهم ولا يوجد أي معيار للتعيينات به, فتراه يدار عن طريق صفحة الأمين العام علي الفيس بوك وليس له أي وجود في حياة جموع المعاقين علي ارض الواقع, فالأصل هو تحقيق المصلحة لكل المعاقين وليس لفئة معينة انضمت إلي المجلس عن طريق نشاطها علي الفيس بوك وضغطها علي المجلس حتي أصبحت من المقربين, والمادة الدستورية هزيلة ولن تمنح المعاقين أي حقوق, فالمعاقون بحاجة إلي مادة دستورية تمنحهم حقوقا وينبثق عنها قوانين ملزمة بحيث تمنحهم فرصا متساوية بين بعضهم وبين اقرأنهم في المجتمع علي أن يكون هناك طرق قانونية واضحة تمكنهم من الحصول علي حقهم والعيش كبقية المواطنين في الدولة, فليس من المعقول أن ينتظر كل معاق لديه مشكلة مجلسا بلا صلاحيات اختزلت فيه قضية المعاقين وحقوقهم, بل من الأفضل أن يكون لديه قوانين ثابتة وواضحة وها نحن بعد30 يوليو ننتظر التغيير المأمول الذي يمكن المعاقين من العيش والاندماج في المجتمع. ويري عمرو نظمي- ناشط حقوقي في مجال الإعاقة- أنه علي الرغم من أن ذوي الإعاقة يمثلون نحو10% من المجتمع المصري, إلا أنهم يحلمون بدستور قوي يحمي حقوقهم وكرامتهم من خلال الالتزام بالعدل والمساواة والحرية والتكافل الاجتماعي وحماية النفس والعرض والمال وضمان الأمن والأمان والاستقرار والطمأنينة لهم ولأسرتهم, وتكافؤ الفرص بدون تميز مع غيرهم, ومشاركتهم في بناء الاقتصاد الوطني والمشروعات الوطنية, ورفع مستوي المعيشة, وضمان وضع حد أدني للأجور والمعاشات, وأقصي بما يكفل لهم حياة كريمة, بجانب عدم حرمانهم من حقهم في الميراث مهما كانت إعاقتهم, وصون كرامتهم وعدم تقيد حريتهم, وممارسة حقهم في الإعلام والصحافة, وتداول لغتي الإشارة والبرايل والترجمة النصية, وحرية التنقل والإقامة والهجرة, وإنشاء الأحزاب والنقابات والجمعيات والاتحادات بمجرد الأخطار, ومراعاة السجناء من ذوي الإعاقة بحيث تكون أماكن حبسهم لائقة إنسانيا وصحيا, هذا بالإضافة إلي عمل وزارة لحقوق ذوي الإعاقة مستقبليا ووزيرها من ذوي الإعاقة أنفسهم, والأهم من ذلك كله هو التزام الدولة بجميع جهاتها وقطاعاتهم بتفعيل وتنفيذ الدستور علي أرض الواقع.