من كثرة تهميش وإهمال ذوي الإعاقة خلال العقود الماضية أصبح وضعهم في الدستور الذي يجري إعداده حاليا هو طوق النجاة لحصولهم علي حقوقهم التي حرموا منها . لذلك يسعون جاهدين إلي أن تكون صياغة المادة الخاصة بهم جامعة لكل مطالبهم الحالية والمستقبلية, وهذا ما جعلهم يوضحون ملاحظاتهم علي المادة المقترحة في السطور التالية. في البداية تقول إيفون الزعفراني- محامية ومؤسس حركة معاقين ضد التهميش-: إن مقترح ممثل الأشخاص ذوي الإعاقة بلجنة الخمسين لمادة مستقلة لحقوقهم جاء كالأتي: تلتزم الدولة بضمان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة صحيا واقتصاديا و اجتماعيا وثقافيا وترفيهيا ورياضيا علي قدم المساواة مع غيرهم من المواطنين, كما تلتزم بتهيئة المرافق العامة والبيئة المحيطة بهم وفقا للاتفاقيات الدولية المصدق عليها, وتكفل لهم ممارسة الحقوق السياسية, وتمكينهم التمكين الحقيقي في المجالس المنتخبة وفقا للقانون. وتضيف: في نظرة إجمالية للمادة أراها جيدة, ولكن لي بعض الملاحظات عليها, وهي أنه ورد بالمادة( تلتزم الدولة بضمان) ومشكلة ذوي الإعاقة لا تكمن في ضمان الحقوق, ولكنها تكمن في تفعيل الحقوق, ثم ذكرت( حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وعدد الحقوق) كما ورد بالنص, و أري أنه يجب أن تستبدل كلمة المواطنين بكلمة الأشخاص, إذ إن حقوقنا نابعة من حق المواطنة, التي يجب أن نؤكد عليها دستوريا لتكريس فكر أن المعاق مواطن صاحب حق,وليس مجرد شخص متلق لخدمة أو رعاية أو كفالة. وتتابع: كذلك أري أن تعداد الحقوق قد يؤدي إلي تفسيرها بأشكال مختلفة طبقا للتفسير القائم علي السلطة التشريعية أو التنفيذية في أي وقت كان, وقد يؤدي لنسيان حق من الحقوق, وعند المطالبة به يحكم بعدم دستوريته لعدم تعداده ضمن الحقوق المعددة بالدستور.. لذلك أقترح أن تستبدل بمصطلح( الحقوق التيسيرية) التي تشمل كل الحقوق الواردة بالاتفاقيات والمعاهدات والمواثيق الدولية وغير الدولية المقررة لحقوق ذوي الإعاقة, وكذلك فإن ذلك المصطلح يلغي فكرة التمييز لصالح المعاق بل هي مجرد حقوق تيسيرية حتي نستطيع التغلب علي الإعاقة, وتتحقق المساواة مع غيرنا من المواطنين, كما أقترح إضافة إلي النص( طبقا للاتفاقيات والمعاهدات والمواثيق الدولية وغيرها المصدق عليها), لأنه قد توجد اتفاقيات أو معاهدات أو مواثيق عربية أو إقليمية مشتركة مقررة حقوقا لذوي الإعاقة, وتصدق عليها مصر فيما بعد, وفي تلك الحالة يصبح النص أشمل, وأعم. سبعة تساؤلات أما محمد أبو طالب كفيف مدير مركز نور البصيرة بجامعة سوهاج- فيقول: حينما يكون الدستور هو المنظم للعلاقة بين المواطن والدولة, وحينما يكون من ضمن هؤلاء المواطنين فئات عدة, ومن هذه الفئات ذوي الإعاقة. ووفقا لما طرح من مواد في التعديلات الجارية علي الدستور المعطل, وعلي ما ينظمه الدستور ما بين علاقة المواطن ذي الإعاقة ودولته تبدأ من هنا تساؤلات لي, وتحتاج لإجابة أو توضيح حتي يكن الدستور منظما جيدا لحقوقي وواجباتي كشخص من ذوي الإعاقة, ويؤكد لي مدي تلك العلاقة التي ستكون بيني وبين الدولة باعتباري مواطنا له حقوق وعليه واجبات.. مثلي مثل أي مواطن آخر. السؤال الأول: في نصوص الدستور المقترحة للتعديل نصت مادة علي عدم التمييز نهائيا, وقامت بتجريم هذا التمييز في مادة تم إضافتها, وأعطت ميزة لفئة أخري في مجال العمل, وقاموا بتخصيص نسبة للعمل لنا كذوي إعاقة, ولكن في نص المادة الخاصة بنا لم يحددوا مجالات العمل التي من المفترض أننا سنعمل بها أم أن المجال سيترك مفتوحا لمن يريد تنفيذ ذلك أولا فنقع في حيرة من أمرنا تجاه الكثير من الأعمال نتيجة لرؤية أصحاب الأعمال أو الحكومة أننا غير قادرين علي تلك الأعما,ل وبدون حتي أدني تقويم لنا بشكل يضمن علي الأقل المساواة بيننا وبين الآخرين المتقدمين للأعمال؟ والسؤال الثاني: لم تنص المادة الخاصة بنا كذوي إعاقة علي حقنا في التعليم مطلقا مما يجعل قلقي يزداد علي ما تريد الدولة فعله تجاه ذوي الإعاقة بمعني أنه: لماذا لم يضعوا ما ينص علي حقنا في التعليم؟ وسؤالي الثالث: كيف ستتم معاملتنا من خلال الدولة باعتبارنا ذوي إعاقة أم شيء آخر؟ والسؤال الرابع: أليست الدولة مصدقة علي الاتفاقية الدولية لحقوق ذوي الإعاقة, لماذا لا تراعي هذا التصديق في مواد الدستور أم أنه تصديق علي الورق فقط؟ أما السؤال الخامس فهو: ما منظور الدولة تجاه ذوي الإعاقة سواء في الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية, وكيفية تحديد ذلك سواء علي ما ينظم علاقتنا بالدولة الدستور أو علي أرض الواقع؟ وما ضمانات تنفيذ ذلك؟ وسؤالي السادس: بخصوص المادة التي اقترحت من قبل ممثل ذوي الإعاقة بلجنة الخمسين, والذي تم اختياره من المجلس القومي, والتي تبدأ تلتزم الدولة بضمان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.. كيف تلتزم الدولة مع ضمان؟ وما هو هذا الضمان؟ ومتي ينتهي الضمان أو يصعب تحقيقه؟ بما يعني أنه عندما يصعب تحقيق هذا الضمان فإن الدولة غير ملتزمة بهذا الحق نتيجة لعدم توافر ضمانة سواء علي الجانب السياسي أو الاجتماعي أو حتي الاقتصادي؟ ولماذا هذه النظرة لذوي الإعاقة؟ إننا نحتاج لمنة أو هبة وعطية من الدولة, ولماذا لا نتعامل بمبدأ المواطنة الكاملة, وأننا أشخاص لنا اختلاف, ويحتاج لبعض المتطلبات فقط؟ أما السؤال السابع والأخير: هل يتضمن الدستور الجديد الاعتراف بلغة الإشارة للصم وطريقة برايل للمكفوفين من آليات وطرق ووسائل التعبير؟ وهل ستبقي نظرة الدولة لنا كذوي إعاقة نظرة تهميشية, وأننا فئة ليس لها حقوق..علي الدولة الالتزام بها؟ هذه تساؤلاتي حول دستور بلدي الذي ينظم علاقتي بها من ناحية حقوقي وواجباتي باعتباري من ذوي الإعاقة, وأعتقد أنها تساؤلات مشروعة تماما, وكل ما أخشاه أن يمرر دستور يحمل كارثة, هي عدم الاعتراف بحقوقنا كذوي إعاقة في بلدنا.