* الكريستال يستعد للهدم .. وإيليت تغيرت معالمه بعد بيعه حملت جدران بعض المقاهى بالإسكندرية تاريخ لا يمكن تجاهله لروادها من المثقفين والفنانين والسياسيين، فوقوع بعضها بمنطقة وسط المدينة جعلها بيت شريحة عريضة من المثقفين يلتقون فيها ويتبادلون ثقافتهم وآرائهم وحكاياتهم. بعض هذه المقاهى أختفى والبعض لا زال يقاوم حركة التغيير والبعض الآخر استسلم فى غفلة منا وسقط مع أماكن تراثية أخرى تحت وطأة المادة وثقافة فضة المعداوى التى لا تكترث سوى بالقيمة المادية …الأهرام فى هذا التحقيق يبحث عما أصاب مقاهى المثقفين بالمدينة . قهوة فاروق تأسست قهوة فاروق عام 1928 وكانت ملك لسيدة يونانية اسمها «مارى ليوناتي» وكان المقهى يعرف باسم «كالميرا» وتعنى صباح الخير باليونانية، فى سنة 1938بعد تولى الملك فاروق العرش وأثناء ذهابه لقصر رأس التين أعترضت مارى موكبه كى تعبر عن شدة حبها له وطلبت منه الجلوس على المقهى وتناول مشروب ، وبالفعل وافق الملك وتناول كوب من الشاى ودخن الشيشة أيضا بعدها قررت مارى ان تصنع تيجان نحاس منقوش عليها إسم فاروق ووضعتها على مدخل القهوة وعلى الأبواب وصورا للملك فى كل مكان خاصة صورته وهو يدخن الشيشة ، ومع فترة الستينيات قررت مارى أن تعود لديارها باليونان فإشترى المقهى منها المستشار «سيد همام» وورثه منه الآن أبنيه «طارق ومحمد» والذى أكد أن المقهى لازال محتفظا بشكله كما هو لم تتغير صور الملك فاروق ولا طريقة وضع الكراسى الخشبية، وجميع الأغانى التى يتم تشغيلها بالمقهى هى أغانى من الزمن الجميل القديم لأن المقهى أصبح مزار سياحى سواء للمصريين أو العرب أو الأجانب الكل يأتى ليرى صور الملك فاروق والتيجان الملكية التى تزين الجدران . البورصة التجارية وعلى كورنيش المنشية مازال مقهى البورصة التجارية يقاوم فهو من أقدم المقاهى الثقافية بالمدينة حيث تأسس عام 1890 وعرف بهذا الإسم لأنه كان ملتقى لأغلب تجار القطن حيث كانت تضم المدينة بورصة القطن الوحيدة فى مصر والمقهى تتجاوز مساحته الألف متر مقسما إلى 3 اقسام يجلس فى كل قسم فئة مختلفة عن الأخرى حيث يقع الجانب الكلاسيكى منه على ناصية طريق الكورنيش وتُمنع فيه الطاولة والشيشة وتغطيه الستائر البيضاءو يرتاده أغلب المثقفين والأدباء السكندريين وقد أقيم به خلال حقبة الستينيات بعض الفعاليات الثقافية . مقهى الهندي وعن مقهى الهندى الذى يقع فى ميدان عرابى يحدثنا طارق الهندى قائلا أن المقهى تأسس عام 1882 مع تاريخ انشاء العمارة التى بُنيت على الطراز الإيطالى وهى من أكبر عمائر الإسكندرية فى ميدان عرابى أو التحرير ، والمقهى عبارة عن “ربع” ويطلق على المبنى إسم « مانفراتو « باللغة الإيطالية . ويضيف طارق إن المقهى مشهور بإسم “خبينى “ بسبب شكل المقهى الذى يشبه الكهف وأيضا لارتباطه منذ الثلاثينيات وحتى ثورة يناير باختباء الثوار والمتظاهرين بهه، وكان المقهى فى البداية ملك لسيدة يونانية اسمها «ماريا خريستوان « بالمشاركة مع المرحوم حسن الهندى جدي ثم انتقلت الملكية له بعد وفاتها،وتم تجديد العقد وقتها، ولقب الهندى يرجع إلى جدنا الذى كان هندى الجنسية. ومن أهم ما يميز المقهى القبة الزجاجية فى أعلى المبنى وهى التى ظهرت فى عدد من الأفلام . والعمارة التى يقع بها المقهي كما يقول الهندى مسجلة فى مجلد الآثار وصدر لها قرار ترميم منذ سنة تقريبا لم ينفذ حتى الآن حيث بدأت تتساقط منها بعض القطع التى تجمل الواجهات مما ينذر بالخطر . مقاهى تواجه فضة المعداوي مقهى «الكريستال» ويقع بالمنشية على الكورنيش يواجه هجمة شرسة حيث أغلقت أبوابه أمام رواده منذ شهور تحت زعم التجديد وتم إخلاء المبنى بأكمله من سكانه إستعدادا لهدم العقار ومعه المقهى التراثى الجميل، يحدثنا عن تاريخ الكريستال أحد رواده من مثقفى المدينة «ماهر شريف « قائلاً أن المقهى يُعد جزء عزيز من تاريخ الإسكندرية فعندما تدخله تشعر وأنك عدت لحقبة الثلاثينيات والأربعينيات فجميع حوائطه مغطاه بالخشب المطلى باللون البنى وتعلوه المرايات الزجاجية حتى التليفزيون الموجود ابيض واسود وكان المقهى يرتاده قبل ثورة يوليو الأفندية والبهوات من سكان العمارات العريقة الإيطالية الطراز التى تحيط بها. «إيليت» ويتحدث عن مقهى ايليت الفنان التشكيلى والمدير الأسبق لقصر ثقافة سيدى جابر ماهر جرجس قائلا أنه مقهى ذو رونق خاص فقد إشترته اليونانية «كرستينا كوستانتينو» من ملاكه الأصليين عام 1953 وكان طموحها أن يكون المقهى على الطراز الأوروبى أو اليونانى وتكون المقاعد أشبه بمقاعد ترام الرمل ويعرض على جدران المقهى اللوحات الفنية والبورتريهات للرسامين وبالفعل زينت جدرانه بلوحات لسيف وأدهم وانلى وبيكاسو وعصمت داوستاشى ويعتبر إدوارد الخراط من أشهر رواد المقهى . ويتحدث جرجس بأسف أن المقهى فى مطلع الألفية الثالثة توفت صاحبته وقام أبناؤها ببيعه وحاول مالكيه الجدد تغيير شكل المقهى وتحويله إلى كافيه حديث ولكنه لم يستطع المنافسة مما حدا بملاكه للعودة به إلى طرازه القديم والمشروبات والأطعمة الشرقية واليونانية التى تميز بها عبر العصور ..