لا تجد مكانا وسط الكتل السكنية او اسفل العمارات بالاسكندرية الا وتجد به مقاهي عشوائية بمثابة ملتقي لكل من يريد الجلوس عليها ولكن هناك مقاهي لها تاريخ وروادها مثل كافية دي لابيه علي البحر في محطة الرمل والذي لا يزال يحتفظ برائحة الزمن الجميل ملتقي للمثقفين والفنانين فضلا عن المقاهي التجارية بجوار الغرفة التجارية والبورصة لتداول الاسهم وعقد الصفقات والنيل الواقعة في مواجهة المبني العتيق لمحكمة الحقانية وغيرها مثل كوزو وبوليقاتي وحمودة وايليت اليوناني الذي اغلق منذ سنوات. محمد درويش احد ورثة وابناء السيد درويش صاحب كافية دي لابيه يقول ان المقهي موجود منذ الثلاثينيات وكان يملكها شخص فرنسي واشتراها الوالد في نهاية الستينيات تم الاحتفاظ باسمها كافية دي لابيه حيث يوجد نفس الاسم لمقهيين في باريس وبيروت بفرنسا ولبنان واضاف ان المقهي يجاوره مطعم سيد درويش وعندما تغيرت ملامح المنطقة ولم يعد السكندريون يفضلون الاكل في محطة الرمل واتجهوا الي بحري فتحنا المطعم علي الكافية واتسعت مساحته وعن اهم رواد الكافية، قال ان من اهم رواد المقهي مرسي جميل عزيز الذي كان يكتب اجمل الاشعار التي تغنت بها كوكب الشرق ام كلثوم. ونجيب محفوظ والشاعر نجيب سرور وكتب نجيب محفوظ رواية ميرامار وهو جالس علي المقهي وأشار إلي أن تصوير فيلم ميرامار لهذه الرواية تم في الفندق الموجود في العمارة المجاورة للكافية ويطلق عليه فندق مصر ولافتا الي عدم وجود فندق اسمه وميرامار كان يطلق علي احد البارات في المنطقة والذي استوحي نجيب محفوظ منه روايته ميرامار. واوضح محمد ان نجيب محفوظ اعتاد قبل وفاته ان يزور الإسكندرية سنويا ويقضي بها شهر يونيو كله ويتناول غذاءه يوميا في مطعم سيد درويش ويجلس علي الكافيه دي لابيه. ومن الفنانين الموجودين حاليا احمد عبد العزيز ومحمود عبد العزيز ومحمود حميدة واحمد السقا ومن المثقفين الشاعر سيد حجاب والوزير فاروق حسني وعدد من الوزراء الحاليين. ويضيف احمد محمد السيد قهوجي ان مقهي التجارية انشئ سنة 1944 من جزأين احدهما مطعم ومشروبات والآخر مقهي ونظرا لزيادة اقبال زبائن المقهي تم تحويل المبني كله إلي مقهي ومنذ عامين تم تصوير فيلم بلطية العايمة عليه مشيرًا إلي أن المقهي كان يتم عليه المعاملات التجارية والأسهم بالبورصة وسميت ب"التجارية" لقربها من الغرفة التجارية ولان معظم زبائنه كانوا تجارًا وتتم عليه جميع صفقات التجار. ويشكو أحمد من قيام شرطة المرافق بمنعهم من وضع الكراسي والمناضد إلا صفًا واحدًا فقط عكس ما كان يحدث من قبل ويلفت محمد فاروق فنان سكندري النظر الي أن مقهي التجارية ملتقي لأهل الفن ويجلسون عليه لتبادل الآراء والافكار ومشاريعهم الجديدة حيث يلتقي الشعراء والكتاب والفنانون وعندما يكون عندهم عروض مسرحية يعلقون بوسترات في المقهي للاعلان عنها ويتابعها رواده. ويقول علي مسطاوي "المحامي" ان المقهي النيل الذي يجاور محكمة الحقانية يرجع بناؤه الي ثلاثينيات القرن الماضي فكانت وكالة لاستيراد وتصدير الفحم لقربها من الميناء ثم تحولت الي مقهي يجلس عليها المحامون وموظفو الشهر العقاري لأنها تجاوره. ويؤكد ان الكثير من المعاملات المشبوهة من تزوير للتوكيلات والبطاقات الشخصية تتم عليه اما مقاهي المكس والدخيلة فكان لها شكل العشش واقام اليونانيون عددًا منها واهمها "زفيرون" الذي تحول الي مطعم شهير. واشار الي ان عددا كبيرا من المقاهي كانت بارات ثم تحولت الي مقاهي بعد رفض التجديد لها كما ان مقهي ايليت اليوناني تم اغلاقه بعد ان كان ملتقي المشاهير وابرزهم الاخوين سيف وأدهم وائلي اللذين كانا يرسمان لوحاتهما فيه وكذلك مقهي حمودة الذي اطلق عليه مقهي الصحفيين لتجمعهم عليه بصفة مستمرة. وهو مقهي صغير بكامب شيزار يقع بالقرب من مسرح اسماعيل ياسين "قبل هدمه" ومسرح العبد وكان يرتاده عادل امام وسيد زيان ويونس شلبي وحسن مصطفي بعد انتهاء عرض مسرحياتهم ولقربها من نادي الاتحاد ويجلس عليه ايضا مشجعو فريق الاتحاد السكندري والصحفيون الرياضيون. اما المحامون فإن مقاهي جابر والاسعاف وبطاطا تعد من اشهر اماكن تجمعهم لقربها من المحكمة لدرجة ان بعض المحامين اعتبروها مكاتب لهم واصبحت المنضدة هي مكتب للمحامي الذي يقوم بمقابله الزبائن والاتفاق معهم علي الاتعاب. مقهي المشايخ يقع في منطقة كرموز ويجلس عليه مقرئي القرآن في شوادر القراء. في منطقة محرم بك يوجد مقهي البورصة ويقول مصطفي عبد المنعم ان المقهي انشيء في اربعينيات القرن الماضي وكانت ملكا لوالده وكان يجلس عليه شخصيات كبيرة مثل عرفان بك الذي اطلق اسمه علي شارع عرفان. وقال ان المقاهي كان يطلق عليها اسم بورصة لتداول الاسهم والاوراق المالية فيها وكأنها بورصة ورغم اختفاء هذه الظاهرة الا أنها لا تزال يحتفظ بالاسم لتنذكر الماضي الجميل ايام ان كان الجلوس بالمقهي مضاربة بالاوراق المالية وليس فقط للتسلية وضياع الوقت. ويلتقي احمد صادق "محاسب" باصدقائه علي المقهي بعيدا عن المنازل.