في ضوء الالتباسات المسيطرة علي المشهد السياسي الراهن ينبغي أن نحدد مفهوم الديمقراطية لكي نستطيع أن نتبين الفرق بين الديمقراطية الصحيحة والديمقراطية المزيفة لأن غياب الفاصل بينهما هو الذي يفتح الباب لحرية غير مسئولة وفوضي مدمرة من ناحية أو ديكتاتورية مقننة من ناحية أخري. وكنقطة بداية فإن الديمقراطية ترتبط ارتباطا وثيقا بالحرية التي هي الأساس الجوهري والضروري لكل بناء ديمقراطي, حيث لا يمكن القول بوجود ممارسة ديمقراطية سليمة في غيبة من حرية الرأي! إن الديمقراطية تعني الالتزام الصريح والواضح بحقوق كل فرد من أفراد المجتمع وضمان احتياجاته تحت مظلة واضحة من الاعتراف بأهمية الفرد في بناء المجتمع والثقة بقدرة النظام الديمقراطي علي الوصول إلي قرارات حاسمة تلبي احتياجات المواطنين وبما لا يتعارض مع المصلحة الوطنية العليا! وهذه الثقافة الديمقراطية ترتكز إلي مبدأ أساسي يقول إن الناس لهم الأولوية علي الماديات فبناء الفرد في المجتمع الديمقراطي ينبغي أن يسبق أي بناء آخر مهما كانت أهمية هذا البناء اقتصاديا أو اجتماعيا! ولأن المسألة ليست مجرد مسميات ولافتات فإن أي نظام يرفع رايات الديمقراطية يصبح جسدا بلا روح إذا لم تتوافر بداخله روح الحرية وسمة التعاون ومنهج عمل الفريق والاستعداد لتحمل المسئولية برغبة صادقة في خدمة المجتمع دون انتظار أي مقابل! وكذلك فإن أي نظام للحكم سوف يصعب عليه أن يقيم جسورا من التواصل مع كل فئات المجتمع إذا خضع لتسلط فرد أو جماعة لأن هذا التسلط لا يعني فقط غياب شكل وجوهر الممارسة الديمقراطية, وإنما يؤدي إلي فقدان الثقة وانعدام التواصل بين أركان الحكم والرأي العام. وغدا نواصل الحديث.. خير الكلام: إياك أن يصيبك الغرور إذا نجحت... وإياك ثم إياك أن يصيبك اليأس إذا فشلت! [email protected]