إذا كنا نقول بأن سلام الأمم والشعوب هو السبيل الوحيد لتجنيب البشرية جمعاء مخاطر الحروب والصراعات والفتن فإن المصالحة الوطنية داخل الوطن الواحد هي أبرز علامات قدرته علي أن يبني سلاما مع نفسه قبل أن يبحث عن صنع وبناء السلام مع الآخرين, ويتمكن من حماية نفسه من شرور الصراعات ومخاطر الفتن! وإذن فإن المصالحة الوطنية لا تتحقق إلا بعد بلوغ مرحلة التصالح الوطنية... وعندما تنجح الأمة في بناء سلامها الذاتي مع نفسها يصبح سهلا عليها وميسور لها أن تبني سلامها مع الآخرين من أرضية القدرة والتكافؤ! والذين يعيشون في سلام مع أنفسهم أمما وشعوبا وأفرادا لديهم منهج واضح في الحياة يقوم علي الحب ضد الكراهية والتسامح ضد التعصب والقناعة ضد الطمع! إن المصالحة الوطنية هي حجر الأساس في بنيان الوحدة الوطنية لأي وطن والذي تتكسر عليه كل محاولات الفتنة دون حاجة إلي إجراءات صارمة أو إلي بيانات متبادلة. والتاريخ يقول لنا أن الأمم العظيمة هي التي استطاعت أن تدرك أن قوتها في وحدتها وأن وحدتها لا تتحقق في غيبة من تصالح مع النفس بروح الإيمان بوحدة الهدف ووحدة المصير! وليس هناك خطر علي الوحدة الوطنية أكثر من غياب المصالحة الوطنية والسماح لأولئك الذين يلعبون بالنار ويحولون بعض أوراق الممارسة الديمقراطية إلي منشورات طائفية أو إقليمية أو عرقية... فمثل هؤلاء لا يمكن اعتبار ما يرتكبونه نوعا من الخطأ غير المقصود وإنما هو بكل المعايير والمقاييس جرم مغطي بسوء النية ويجري ارتكابه عمدا مع سبق الإصرار والترصد! ولست أريد أن أزيد حرفا واحدا... فلعل الحمقي يفيقون من غيهم ويدركون أننا جميعا شركاء في هذا الوطن الحبيب الذي ينبغي أن يؤكد- الأفعال قبل الأقوال- ثوابته المعروفة في القدرة علي التصالح مع النفس بدلا من سكب الزيت علي النار من خلال تغذية الفتن والأحقاد وتوزيع الاتهامات دون دليل! إن مصر لم تقم بثورتها لكي تنقسم علي نفسها وإنما لكي تتصالح مع نفسها وتقدم نموذجا للمصالحة الوطنية التي تبني ولا تهدم وتحاسب ولا تنتقم وتتكاتف وتتحد حتي لا يتفرق الشمل أبدا! خير الكلام: الكاذب لا يثق.. والواثق لا يكذب! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله