نقطة البداية(2) إذا كنا نسلم بأن سلام الأوطان والشعوب هو السبيل الوحيد لتجنيب البشرية جمعاء مخاطر الحروب والصراعات والفتن فإن المصالحة مع النفس داخل الوطن الواحد هي أبرز علامات قدرته علي أن يبني سلاما ذاتيا مع نفسه قبل أن يبحث عن صنع وبناء السلام مع الآخرين, حتي يتمكن من حماية نفسه من شرور الصراعات ومخاطر الفتن! وإذن فإن سلام النفس لا يتحقق إلا بعد بلوغ الدرجة الكافية من التصالح مع النفس.. وعندما ينجح الوطن في بناء سلامه الذاتي مع نفسه يصبح سهلا عليه وميسورا له أن يبني سلامه مع الآخرين من أرضية القدرة والتكافؤ! إن سلام النفس هو حجر الأساس في بنيان الوحدة الوطنية لأي شعب والذي تتكسر عليه كل محاولات الفتنة دون حاجة إلي إجراءات صارمة أو إلي قوانين استثنائية. والحقيقة أننا عندما نتكلم عن التصالح مع النفس فإننا لا نتكلم عن أمور تجيء طوعا وحسب اجتهاد كل فرد أو جماعة علي حدة وإنما يتحقق التصالح المنشود من خلال نظام عام يحكمه قانون واضح المعالم يجري تطبيقه علي الجميع دون تمييز أو استثناء.. فالقانون هو الفيصل والحكم, وهو الخط الفاصل بين الحلال والحرام وبين المسموح به والمحظور الاقتراب منه! وما أحوج مصر في هذه اللحظات إلي أن تدرك أن قوتها في وحدتها وأن وحدتها لا تتحقق في غيبة من تصالح مع النفس بروح الإيمان بوحدة الهدف ووحدة المصير! إن الخطر كل الخطر في منهج وسلوك بعض الذين يلعبون بالنار ويحولون بعض أوراق حرية الرأي تحت مظلة الديمقراطية إلي منشورات طائفية أو فئوية.. فمثل هؤلاء لا يمكن اعتبار ما يرتكبونه نوعا من الخطأ غير المقصود وإنما هو بكل المعايير والمقاييس جرم مغطي بسوء النية, ويجري ارتكابه عمدا مع سبق الإصرار والترصد! إن المسئولية الوطنية تحتم أن يبدأ كل منا بنفسه للعمل في اتجاه تحصين الوحدة الوطنية من أرضية الإيمان بأهمية المصالحة مع النفس والذات بدلا من مواصلة سكب الزيت علي النار والرقص دون وعي علي دفوف الكارهين لقوة ومنعة هذا الوطن! خير الكلام: إذا أسأت فاندم.. وإذا ندمت فأقلع! المزيد من أعمدة مرسى عطا الله