أحاديث الديمقراطية(1) أصبحت أحاديث الديمقراطية محور السهرات الرمضانية وغطت لأول مرة منذ سنوات علي المسلسلات التليفزيونية والصفقات المليونية لنجوم الكرة المصرية.. وتلك في حد ذاتها علامة إيجابية من علامات الصحوة المجتمعية التي تعيشها مصر منذ يوم25 يناير. ولأن أحاديث الديمقراطية توشك من اتساع نطاق الاهتمام بها أن تتحول إلي منتديات للإفتاء, يتحدث فيها من يعرف ومن لا يعرف, فإن الخطر كل الخطر أن تختلط الأوراق وتتوه الحقائق ويجري تشويه المعني الصحيح للديمقراطية! إن الديمقراطية لا تحتاج لهذا القدر من التقعر الذي يبديه من يطلون علينا بأحاديث الاستعلاء لأن الديمقراطية ببساطة شديدة وكما يتمناها الناس ترتبط ارتباطا وثيقا بالحرية التي يتشوقون إليها حيث لا يمكن الحديث عن مجتمع ديمقراطي في غيبة من حرية الرأي التي تتفرع منها حرية النقد وحرية المساءلة وحرية تقصي الحقائق وحرية المسئولية الوطنية لضمان أمن واستقرار الوطن. إن المباديء التي تقوم عليها الديمقراطية في العالم كله مباديء لا خلاف عليها, لكن التفاصيل والآليات تتباين وتتنوع حسب طبيعة وثقافة كل مجتمع علي حدة من ناحية وحسب ظروف ومناخ كل مرحلة زمنية من ناحية أخري! والديمقراطية ليست شكلا ديكوريا تتجمل به الأمم والشعوب لتتباهي بنفسها أمام غيرها, وإنما هدفها تمكين الشعب من أن يحكم نفسه بنفسه لكي يضمن حماية مصالحه وتلبية طموحاته وهو ما يستلزم تأمين التمثيل الصحيح والعادل لكل فئات الشعب في أي بناء ديمقراطي من أجل الحيلولة دون سيطرة طبقة أو فئة بعينها علي مقدرات باقي فئات المجتمع وبالتالي نشوء ديكتاتورية طبقية تحقق مصالح الأغنياء والأقوياء وحدهم فقط. وإذا كان من المسلم به أنه لا يمكن الحديث عن الديمقراطية في غيبة الأمن والاستقرار فإن الديمقراطية ينبغي أن تكون عنوانا للأمن والاستقرار ودعامة أساسية من دعامات القدرة علي التغيير والتصحيح بصفة مستمرة, فمعادلة الديمقراطية والاستقرار هي الضمان الوحيد لتجنب خطر الانحشار بين خيارين كلاهما مر.. الديكتاتورية أو الفوضي! وغدا نواصل الحديث خير الكلام: ثلاثية النجاح.. أن تجد شيئا تعمله وشيئا تحبه وهدفا تسعي لتحقيقه! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله