كيف السبيل إلي حماية الديمقراطية من كل مظاهر الفوضي والاستباحة التي تنتشر في ربوع مصر حيث يتصور البعض أن الحرية توفر حق السباب والتطاول والتحرش والتحريض. ويتصور البعض الآخر أن الحرية توفر حق استباحة الشارع والرصيف وانتهاك حرمة دور العبادة وخصوصية إقتصار دورها علي العبادة فقط. بداية أقول ان الديمقراطية ترتكز إلي مباديء راسخة في العالم كله وهذه المباديء لا خلاف عليها, لكن التفاصيل والآليات تتباين وتتنوع حسب طبيعة وظروف وثقافة كل مجتمع. ولأن الديمقراطية الصحيحة تعني حكم الشعب بالشعب ولمصلحة الشعب, فإن غياب التمثيل الصحيح لكل فئات الشعب في أي بناء ديمقراطي يعني السماح بسيطرة طبقة بعينها علي مقدرات باقي فئات المجتمع, وبالتالي نشوء ديكتاتورية طبقة بعينها وذلك أمر يخاصم تماما جوهر وفلسفة الديمقراطية التي ترتبط ارتباطا وثيقا بالحرية وأهمها حرية الرأي التي تتفرع منها حرية النقد وحرية التوجيه وحرية الرقابة علي المصلحة العامة! إن أكثر ما يميز الديمقراطية عن سائر أنظمة الحكم الأخري أنها توفر أكبر قدر من الاهتمام بحقوق كل فرد وضمان احتياجاته تحت مظلة واضحة من الاعتراف بأهمية الفرد في بناء المجتمع والثقة في قدرة المؤسسات الديمقراطية علي الوصول إلي قرارات حاسمة تلبي احتياجات المواطنين بما لا يتعارض مع المصلحة الوطنية العليا! ثم إن الديمقراطية ترتكز إلي مبدأ أساسي هو أن الناس لهم الأولوية علي الماديات حيث أن الفرد في المجتمع الديمقراطي ينبغي أن يسبق أي بناء آخر مهما كانت أهمية هذا البناء اقتصاديا أو اجتماعيا... ومن ثم فإن أي تنظيم ديمقراطي سواء علي المستوي الحزبي أو المجالس الشعبية المنتخبة يصبح جسدا بلا روح إذا لم تتوافر بداخله روح الحرية وسمة التعاون ومنهج عمل الفريق. والخلاصة هي أن أي تنظيم ديمقراطي سوف يصعب عليه أن يقيم جسورا من التواصل مع الناس إذا خضع لتسلط فرد أو جماعة. وغدا نواصل الحديث.. خير الكلام: من الحماقة أن تقطع الشجرة التي تستظل بها! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله