مع هلال عيد الفطر المبارك نجحت القوى العربية والإسلامية فى تحقيق إنجاز سياسى ودبلوماسى كبير لمصلحة القضية الفلسطينية، وذلك بعد الفيتو الأمريكى ضد مشروع القرار الكويتى فى مجلس الأمن، حيث توجهت دول المجموعة العربية بقيادة الجزائر، ودول منظمة التعاون الإسلامى بقيادة تركيا لطرح مشروع قرار أممى جديد لتأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطينى، وإدانة عمليات القتل الإسرائيلية للمواطنين الفلسطينيين الأبرياء على أرضية قرار «متحدون من أجل السلام»، وكان العالم على موعد جديد يوم 14 يونيو 2018 للانتصار من على منبر الجمعية العامة لمصلحة الشعب الفلسطينى، وتبنى مشروع القرار الجزائرى التركى، الذى وقفت خلفه غالبية الدول، حيث جاء تصويت الاممالمتحدة بأغلبية 120 صوتا لمصلحة القرار، ورفض 8 أعضاء، وامتناع 45 عضوا عن التصويت، وبما عكس حجم التأييد والدعم الدوليين الكبيرين للقضية الفلسطينية، وشكل خطوة مهمة على طريق استعادة الحقوق الفلسطينية وانتصار القانون الدولى والشرعية الدولية، كما شكل إنجازا دبلوماسيا وسياسيا لمصلحة فلسطين والقضية الفلسطينية والشعب الفلسطينى. وبتحليل نتائج التصويت الأخير للجمعية العامة للأمم المتحدة حول مشروع الحماية الدولية للشعب الفلسطينى ، يتضح نجاح القوى العربية والإسلامية فى حشد تأييد أغلبية أصوات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، رغم معارضة ثمانية أصوات منها إسرائيل والولايات المتحدة وست دول قزمية، فضلاً عن امتناع 45 دولة عن التصويت هى فى الأغلب خائفة من التصويت بفعل الموقف الحاد للولايات المتحدةالامريكية من كل مخالفيها فى الرأى حول أى قضية تتعلق بإسرائيل، ولهذا قررت هذه الدول الامتناع عن التصويت للحفاظ على مصالحها، فى عالم تحكمه المصالح والقوة، وهو ما يستدعى مواصلة العمل مع تلك الدول لتعزيز العلاقات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية معها لكسب تأييدها للمواقف العربية، حيث إن تغيير موقف أى دولة وارد حسب قناعات قيادتها وحسب مصالحها، ولهذا هناك دول بحاجة منا الى مساعدتها لتكون دول صاحبة رأى واضح، من خلال مبادرات للتواصل مع هذه الدول بأى وسائل اتصال ممكنة حتى ولو كانت وسائل تواصل اجتماعى، وجهدا رسميا وشعبيا وأن تكون هناك مبادرات شبابية فى هذا الشأن. لا شك أن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة شكل صفعة قوية لحكومة بنيامين نيتانياهو فى تل أبيب ولإدارة دونالد ترامب فى واشنطن، هذه الإدارة التى وقفت بصلف وعناد فى وجه القرار، إلا أنها أخفقت فى الحصول على نسبة ثلثى الأصوات لتمرير تعديلات كانت قد اقترحت أن تُجرى عليه، رغم المحاولات المستميتة من قبل المندوبين الأمريكى والإسرائيلى لتمرير التعديل المتناقض مع روح المشروع المقدم، إلا ان رئاسة الجمعية العامة رفضت تمرير تلك التعديلات، حيث حصلت على أغلبية 66 صوتا مقابل 58 صوتا ضدها، وباقى الحضور امتنعوا عن التصويت، وبالتالى لم يتمكنا من الحصول على أصوات الثلثين، والذى كان يرتكز على تحميل حركة حماس باعتبارها حركة إرهابية مسئولية تدهور الأوضاع فى الأراضى المحتلة، وهو ما رفضته القيادة الفلسطينية نهائيا، وحالت دون إدخال أى تعديلات على مشروع القرار، وهو ما يعنى حرصها على عدم دمغ الحركة الفلسطينية بالإرهاب، وبالتالى فإن من مصلحة حركة حماس ان تعود لإطار المصالحة الوطنية، وتسقط خيار الرهان على أمريكا وإسرائيل، لأن ذلك يتناقض مع ادعاءاتها وتصريحات قياداتها وبرنامجها المعلن. ومن الطبيعى أن يركز التحرك الفلسطينى على الدول الاعضاء فى الجمعية العامة للأمم المتحدة التى صوتت لمصلحة القرار قبل غيرها، من أجل تفعيله ووضعه موضع التنفيذ العملي، من خلال التصور الذى تم وضعه بالتعاون مع الامين العام للأمم المتحدة، ومن خلال آليات التنفيذ التى تقترح شكل الحماية المطلوب، وكذا مع المنظومتين الدولية والإسلامية والجامعة العربية، لمطالبة الأمين العام للجمعية العامة بالأممالمتحدة بالبدء الفورى والمباشر بتشكيل آليات عمل خلال ستين يوما لتنفيذ هذا القرار وتطبيقه على أرض الواقع، وبما يستدعى من السلطة والمنظمة القيام بطرق جميع الابواب من أجل حشد الدعم الدولى والانتصار للحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى وقضيته العادلة، ومحاسبة الكيان الصهيونى الإرهابى على كل جرائمه بحق الشعب الفلسطيني، وملاحقته أمام المحاكم الدولية، والعمل على تجسيد حلم الدولة الفلسطينية ذات السيادة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشريف، وحل قضايا الوضع النهائى وعلى رأسها عودة اللاجئين، من خلال عقد مؤتمر دولى للسلام كامل الصلاحيات برعاية دولية جماعية، يضم الدول الخمس دائمة العضوية فى مجلس الأمن، وبسقف زمنى محدد وعلى أساس قرارات الأممالمتحدة التى صدرت بخصوص القضية الفلسطينية. على القيادة الفلسطينية ان تعيد ترتيب مؤسساتها لاختيار الكوادر القادرة على الفعل والتأثير فى الدول التى تقف موقف الحياد من القضية والحقوق الفلسطينية, ولعل اجتماع المجلس المركزى الفلسطينى المزمع عقده بداية الشهر المقبل يمكن أن يمثل خطوة فى هذا الشأن، وبقدر تضحيات الشعب الفلسطينى فى مقاومة العدوان والتى قدم خلالها آلاف الشهداء والاسرى والجرحى، يأتى الانقسام بين فصيلى فتح وحماس ليقضى على المشروع الوطنى، ومن ثم يجب العمل على إنهاء هذا الفصل الذى استمر ما يزيد على عشر سنوات، لاستثمار الانتصارات السياسية، وحتى يكون فى هذا العام نهاية للانقسام وأدواته وصولا الى وحدة تحمى الشعب الفلسطينى وتحقق مصالحه وأهدافه فى التحرير وإنهاء الاحتلال، مع توفير أسباب الصمود للشعب الفلسطينى فى المناطق المحتلة، مع توظيف قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة بتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطينى لمواصلة العمل على تعزيز مكانة دولة فلسطين فى المحافل الدولية، وتفعيل طلب العضوية الكاملة لها بالأممالمتحدة، مع استمرار الانضمام للمؤسسات والمنظمات الدولية التابعة لها، فضلا عن تقديم الإحالة حول مختلف القضايا (الاستيطان القدس الأسرى العدوان على قطاع غزة) للمحكمة الجنائية الدولية لمحاصرة وعزل الحكومة الإسرائيلية. لمزيد من مقالات ◀ لواء. محمد عبد المقصود