«عاجلا وليس آجلا»، هكذا حدد رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو وعلى ما يبدو توقيت المواجهة المحتملة مع إيران قبل أيام من قرار الرئيس الأمريكى بشأن الاتفاق النووى الموقع مع طهران عام 2015. وأكد نيتانياهو تصميم إسرائيل على تقويض ما وصفه ب «عدوان» إيران فى مراحله المبكرة، حتى لو كان ذلك ينطوى على صراع، مشيرا إلى أن «الدول التى لم ترغب فى التصرف فى الوقت المناسب ضد العدوان القاتل، دفعت فى وقت لاحق ثمنا أكبر بكثير». وجاء تأكيد نيتانياهو فى أعقاب ما كشف عنه خلال المؤتمر الصحفى الذى عقده يوم 30 أبريل الماضى عما وصفه ب»أكاذيب» ساعدت إيران على توقيع الاتفاق مع القوى الست الكبرى : بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة. وكشف نيتانياهو عن أن لدى إسرائيل 5 آلاف وثيقة تثبت أن طهران واصلت تطوير برنامجها النووي، مشيرا إلى أنها تسعى لقنبلة نووية أكبر من قنبلة هيروشيما ب 5أضعاف. وعقب مؤتمر نيتانياهو، أعلن الكنيست الإسرائيلى الموافقة على قانون يسمح لرئيس الوزراء ووزير الدفاع باتخاذ قرار الحرب أو بدء عملية عسكرية دون الرجوع إليه أو لمجلس الوزراء. وفتح التزامن ما بين مؤتمر نيتانياهو وإعلان الكنيست باب التساؤلات حول مغزى التوقيت، وهل هى مجرد رسالة تهديد جديدة لإيران، أم أن الأمر قد يحمل تطورا آخر هذه المرة؟ وردا على سؤال عما إذا كانت إسرائيل مستعدة لحرب مع إيران، يقول نيتانياهو فى لقاء مع شبكة «سي.إن.إن» الأمريكية إنه «لا أحد يسعى وراء مثل هذا التطور، ولكن إيران هى التى تغير القواعد فى المنطقة». من جهته، أكد وزير الدفاع الإسرائيلى أفيجدور ليبرمان فى تصريحات خاصة للقناة الإسرائيلية الثانية أن «إسرائيل ليست لديها مصلحة فى التصعيد، لكنها تستعد لكل السيناريوهات الممكنة». ورغم تصريحات نيتانياهو وليبرمان، فإن ذلك لا يمنع من توقع سعى إسرائيل إلى تنفيذ أحد السيناريوهات الثلاثة التالية فى الفترة المقبلة : أولا: عدم الاكتفاء برسائل التحذير والتهديد، خاصة مع الضغوط التى يتعرض لها نيتانياهو والمتعلقة بتذكيره بأن مناحم بيجين ضرب المفاعل النووى العراقي، وأن إيهود أولمرت ضرب المفاعل النووى السورى فى مهده، ومن ثم فإن على رئيس الوزراء الحالى حسم موقفه من المشروع النووى الإيراني، وهو ما قد يدفع إلى القيام بعمل عسكرى منفرد بدعم أمريكى يستهدف المنشآت الإيرانية سواء فى بوشهر أو أصفهان، إضافة إلى منشأة بوردو التى أكدت إسرائيل أن إيران تقوم بعمليات التخصيب داخلها. ونقلت شبكة «إن بى سي» الأمريكية أواخر أبريل الماضى عن 3 مسئولين أمريكيين ترجيحهم أن إسرائيل تسعى بالفعل للحصول على دعم أمريكى لشن عملية عسكرية تستهدف فيها برنامج إيران النووي. ثانيا : استمرار إسرائيل فى توجيه ضربات عسكرية إلى أهداف إيرانية فى سوريا أو ربما التوسع ناحية لبنان كميدان بديل عن المواجهة المباشرة مع طهران، وما قد ينتج عنها من تداعيات إقليمية. وفى هذا السياق، ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية مطلع مايو الحالى أن مختلف التطورات الأخيرة «تدل على بدء مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران». وأوضحت الصحيفة أن الجولة الأولى من المواجهة كانت فى فبراير الماضي، حين أعلنت إسرائيل إسقاط طائرة مسيرة إيرانية دخلت أجواءها، انطلقت من مطار «تى فور» السورى فى محافظة حمص. ثالثا: استغلال إسرائيل تبنى إدارة ترامب لموقفها تجاه الاتفاق النووى المتمثلة إما فى تعديل الاتفاق أو فى صياغة اتفاق جديد، من ثم إيجاد دور لها فى إضافة نصوص أخرى عليه، أو إضافة ملحق مكمل له أو صياغة النص الجديد. ووفقا لدراسة قدمها «مركز أبحاث الأمن القومي» الإسرائيلى ساهم فى إعدادها كل من موشيه يعلون وزير الأمن الإسرائيلى السابق ودان شابيرو السفير الأمريكى السابق فى تل أبيب، فإن هناك 5 مجالات يتوجب تقويتها فى الاتفاق الحالي. وترى الدراسة أن المجالات الخمسة تشمل: برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية، وشروط التفتيش على المنشآت النووية، ومتطلبات الشفافية، ونظاما متفقا عليه للعقوبات، وظروف عمل البرنامج النووى بعد انتهاء مدة العمل بالاتفاق، وهى ما تطلق عليها الدراسة «شروط غياب الشمس». ودعت الدراسة إلى تطبيق المعايير التى صاغها «نظام التفتيش على تكنولوجيا الصواريخ» الصادر عام 1987، والذى يصنف أى صاروخ ضمن أسلحة الدمار الشامل إن كان مداه يتجاوز 300 كيلومتر وقادر على حمل رأس تفجيرية زنتها 500 كيلوجرام. كما نبهت على ضرورة إلزام طهران بالموافقة على قيام لجان التفتيش الدولية بتنفيذ زيارات دورية غير معلنة ومفاجئة للمواقع العسكرية على وجه الخصوص. وبعيدا عن السيناريوهات الثلاثة وإمكانية تنفيذ إسرائيل لأى منهم من عدمه، فإنه يبقى فى حكم المؤكد أن إسرائيل لن تغير من موقفها من إيران.