شخصية الإنسان المصرى شخصية فريدة، ولها معالم وسمات خاصة، ولها تميز وخصوصية، نتجت عن تضافر عدد من الروافد والمكونات العميقة، التى امتدت عبر تاريخ طويل حافل بالحضارة والانتصارات، وبروز القادة والعلماء والحكماء والعباقرة فى مختلف ميادين المعرفة والحكمة، عبر أطواره التاريخية المختلفة، وصحب ذلك عبقرية المكان وخصوصيته، التى جعلت هذه الأرض المصرية الطيبة مطمحا لآمال العابرين والزائرين والباحثين والمؤرخين والسائحين، مما جعل الإنسان المصرى يرى مختلف الوجوه والأعراق والشعوب والثقافات، وهى تعبر على أرضه الكريمة، أو تأوى إليها، فاجتهد الإنسان المصرى فى تشغيل خيرات هذا البلد حتى يستوعب بها ضيوفه وترتب على ذلك كله أن زادت ثقة الإنسان فى كرم وطنه ومقدرته وقيمته، فازداد ثقة فى ذاته وقيمته. بهذه الكلمات القليلة فى مبناها العميقة فى معناها، بدأ العالم الجليل والفقيه الشاب الدكتور أسامة الأزهري، مقدمة كتابه: «الشخصية المصرية خطوات على طريق استعادة الثقة»، الذى صدر حديثا عن سلسلة «كتاب اليوم» الصادرة عن دار أخبار اليوم. يتناول الكتاب أهم ملامح الشخصية المصرية وتجديد معالمها ورصد مكوناتها الأصلية فى التعامل مع الأزمات وكيفية اجتيازها، حيث يأتى الباب الأول شارحا لأهم السمات والمكونات التى صنعت هذه الشخصية المصرية العظيمة، ويتعرض بالشرح والتفصيل لتلك المكونات حتى نعيد تقريبها من الأذهان ولتستقر فى وجدان الأجيال التالية. وفى الباب الثاني، يتحدث عن منظومة القيم المركزية التى انبثقت عن مقاصد الشرع، والتى صنعت سلوك الإنسان وشكلت شخصيته وتحثه على النهوض والتقدم وتأخذ بيد المتعثر والمحبط وتحافظ على الوطن والهوية وتجدد معانى الإنسانية وتصل بالإنسان فى النهاية إلى صناعة المؤسسات مع بيان لكيفية تحويل الأخلاق من مجرد كلمات إلى قيم ثم إلى مؤسسات ثم إلى حضارة. ويشير إلى أن هناك أربعة محاور مهمة هى أساس الصناعة الراقية لشخصية الإنسان، تتمثل فى تنظيم علاقة الإنسان بربه فى العبادة، وتنظيم علاقته بمجتمعه فى الأخلاق، وتنظيم علاقته بنفسه فى التزكية، وتنظيم علاقته بالكون فى العمران، وهى شبكة يفضى بعضها الى بعض، ويوصل بعضها الى بعض، ويشد بعضها عضد بعض، وبها يمارس الإنسان حركة حياته فلا يظلم، ولا يعتدي، ولا يتخلف عن ركب الحضارة، ولا يهدر قيمة الأوطان والإنسان والعمران، ويقبل على الله تعالى على بصيرة. والكتاب يعد ثمرة دينية، وهدية حب وانتماء ووفاء وعرفان، يقدمها المؤلف للوطن العظيم، أرض الكنانة الطاهرة، ولأبنائه الكرام، كما أنه بمثابة دراسة معرفية تحمى الشخصية المصرية من التجريف وتسلط الضوء على أركانها ومعالمها الرئيسة التى صنع بها الإنسان المصرى تاريخه العريق ويصنع بها حاضره ومستقبله، ويزداد فيها تألقا وارتقاء، حتى يبقى هذا الوطن العظيم منارة، وراية مرفوعة، وبيتا مفتوحا للأمة العربية، والأمة الإسلامية، بل الإنسانية كلها، الى آخر الزمان بإذن الله تعالي. وأهم ما يميز هذا الكتاب، هو لغته البسيطة، والسلاسة التى يتفرد بها دائما الدكتور أسامة الأزهري، فى لغته وأسلوبه السهل، الذى يصل إلى كل العقول والقلوب والآذان، لتؤكد قوة الحجة وقيمة الفكرة وجمال وروعة الطرح، وبراعة التناول، وعمق المعاني، ونبل الهدف، فهو بحق رسالة قوية تستحق القراءة والتأمل والتفكر، والعمل وتطبيق ما فيها.