رئيس تحرير الأهرام علاء ثابت فى أثناء زيارته لأسرة يوسف إدريس دخلت عالم يوسف إدريس فى سن السابعة عشر باختيارها وكامل إرادتها ، لم تكن تعرفه من قبل ،لكنه الحب من أول نظرة الذى جمع بينهما ، فكانت الزوجة والصديقة والملهمة التى طاف ظلها فى كتاباته. انها السيدة رجاء الرفاعى زوجة يوسف ادريس التى درست الفلسفة والنقد وعشقت القراءة والأدب من أجله. عرفت ما هى مسئوليات زوجة الفنان فاستمر زواجهما حتى آخر نفس فى حياته ، وكانت شاهدة على كل لحظة إبداع تولد فى بيت قررت أن يكون نقطة انطلاق لكل ما يكتب .. رجاء الرفاعى امرأة من نوع خاص. وهذا حوارنا معها عن الزوج والفنان يوسف ادريس ذلك الذى كان من نوع خاص ايضا ...................................................................... كيف استطعت احتواء شخصية قوية ومعروفة فى الوسط الثقافى وأنت مازلت فى سن السابعة عشر ؟ فى البداية شعرت انه فى عالم وأنا فى عالم أخر. فقررت أن أدخل إلى عالمة حتى لا أكون زوجة على الهامش. بدأت استكمل دراستى فى كلية الآداب قسم فلسفة، ودرست النقد،وقرأت لكبار الكتاب، منهم توفيق الحكيم وطه حسين وغيرهم من العمالقة . لان المفتاح الحقيقى لزوجة أى فنان أن تشاركه فى أعماله، وتكون ملهمته من غير مجهود كبير منه . ودراستى للأدب والنقد قربتنى كثيرا منه، لدرجه انه كان حريصا على أن أقرأ كل ما يكتبه ليناقشنى فيه، وكان فى بعض الأحيان يعيد كتابة بعض الأشياء بعد مناقشتى معه . ما الشيء الذى جذبه اليك حتى يتخذ قرار الزواج منك من النظرة الأولى ؟ شعرت من أول لقاء بانجذاب شديد لم أستطع مقاومته . كنت مخطوبة خطوبة تقليدية وكان لقائى بيوسف لقاء صدفة كنت عند أختى فلمحنى بعدها تحدث مع زوج أختى الشاعر إسماعيل الحبروك وطلب منه ان يتعرف على ليتقدم لخطبتى. فقال له إسماعيل انى مخطوبة فقال له لا يهم . ثم أرسل لى خطابا شرح لى ظروفه وشعوره نحوى عندما لمحنى لأول مرة. ماذا كتب لك فى الخطاب ؟ كتب فى الخطاب «من اللحظة الأولى التى رأيتك فيها شعرت انك مكتوبة لى» ثم شرح لى ظروفه وطبيعة عمله المختلفة والتى تتطلب مواصفات خاصة فى الانسانة التى توافق على الارتباط به . لذلك قررت فسخ خطبتى والزواج منه . هل قرأت له أو سمعت عنه قبل أن يتقدم لخطبتك ؟ لم أقرأ له ولم أكن أعرفه ، فقد كان مشهورا جدا على مستوى الوسط الثقافى، لكن كان غير معروف للناس العادية . بعد أن تعرف على والدتى اتفقنا على خطوات الخطوبة التى استمرت 24 ساعة فقط بعدها قال لوالدتى انه يريد كتب الكتاب فوافقت بعدها طلب منها أن نتزوج بحجة أن والدته جاءت من البلد ولن تستطيع أن تأتى مرة أخرى فكانت الخطوبة وكتب الكتاب والزواج فى ثلاثة أيام . لم تشعرى بفارق السن الكبير الذى كان بينكم؟ لم يكن فارق السن فى هذا التوقيت يمثل لى عائقا فقد كانت مسألة عادية كيف كان يوسف إدريس الزوج فى البيت ؟ فى بداية زواجنا قال لي: لا أريد أن تشغلينى بالمسؤوليات اليومية السخيفة، فحاولت أن أبعدها عنه بقدر الإمكان وكان منتهى الطيبة واللطف والحب والحنان وكان البيت بالنسبة له هو المكان الذى يستريح فيه، وكان يقول دائما إن البيت هو أكثر مكان للإنسان يرتاح فيه ويسعد ،وان لم يجد الراحة والسعادة فيه لن يجدها فى أى مكان آخر ، وكان حريصا على أن يكون بينى وبينه تفاهم وحب، وأنا أيضا كنت حريصة على احتوائه. فإذا لم تعى زوجة الفنان طبيعة زوجها انه شخص غير عادى وهى مسئولة عنه من لحظه استيقاظه إلى أن ينام بالتأكيد ستفشل. هل للزوجة نصيب من معاناة الزوج عندما يكون فنانا وكاتبا بحجم د. يوسف إدريس ؟ كنت أعانى بالتأكيد فى البداية لكن بعد ذلك أصبحت أتعامل معه على أساس انه إنسان غير عادى. 100% فالأشخاص العاديون لا يخرجون فنا.و كان فى بعض الأحيان يدخل مكتبه ولا يخرج منه ولا يقابل أحدا لمدة ثلاثة أيام ،وأنا كنت حريصة على أن أهيئ له جوا للكتابة والإبداع.ونجاح زواجى من يوسف إدريس واستمراره لمدة 35 سنة يرجع إلى إنى فهمت دورى الحقيقى .فقد كان شخصا معطاء وحنونا، والجلوس معه متعة تجعلنى اغفر له أخطاءو هفوات الفنانين . ما الأخطاء التى حدثت وغفرتها له ؟ لا يوجد شيء معين أنا أتحدث بشكل عام . بين أى زوج وزوجه أسرار لا يعلمها أحد وطالما الزواج استمر معنى ذلك أن هما الاثنين يغفروا ويتغاضوا لبعضهم عن أشياء قد لا ترضى الطرفين لكن الحياة مستمرة . أين أنت فى شخصيات روايته وقصصه ؟ قال لى انه أستوحى بعض الأشياء من شخصيتى فى رواية حادثه شرف. بالإضافة إلى انه كان دائما ما يقول إنى موجودة فى عالمه وفى كل أعماله لكن ليس بالصورة البارزة . هل تشعرين بأنك شريك أساسى فى أعمال يوسف إدريس وفى نجاحه ؟ بالتأكيد أنا شريك له .لان الفنان والكاتب إذا لم يجد من يرعاه بالمعنى الحرفى للكلمة رعاية نفسية وفنية وعاطفية ويحتويه ويطمئنه لن ينجح ولن ينتج . هل كانت له طقوس خاصة قبل دخوله فى حالة الكتابة ؟ كان يحب الكتابة فى الليل ،وإذا جاءت له حالة الكتابة فى النهار، كنت أغلق النوافذ وأضيء الأنوار، ليشعر انه بالليل، وقد تسبق حالة الكتابة فترة من الشرود، وكأنه فى عالم آخر. وفى بعض الأحيان كان يأتى بأى جهاز كهربائى يفككه ويعيد تركيبة. ثم يأتى بعد ذلك له الوحى فيجلس فى مكتبه وأنا أمامه، لا أتحرك إلا إذا شعرت أنه بدأ يدخل فى عالم الكتابة ،أصبح لا يشعر بى عندما أتحرك من أمامه . لماذا كانت المرأة فى أعماله الأدبية والسينمائية مقهورة ومطحونة وبائسة مثل نموذج المرأة فى فيلم الحرام والنداهة ؟ لأنه عاش بداية حياته فى مجتمع ريفى فعرف عن قرب صورا حقيقية لشخصيات مطحونة وتعانى القهر والظلم . فقد كان يشعر بالمرأة والمجتمع فكان تجسيده لتلك الشخصيات نابعا من الواقع . كيف كانت علاقته بوالدته وإخوته وقد صرح أكثر من مرة أن والدته كانت تقسو عليه ؟ لم تكن قاسية بالمعنى الحرفى للكلمة هى سيدة ريفية وشخصيتها قوية وفى الريف صعب التعبير عن المشاعر مثل ما يحدث هنا فى القاهرة . فلم أتذكر طوال حياة يوسف أننا قضينا العيد فى القاهرة .كان حريصا على السفر فى كل المناسبات وعمل كل طقوس البلد. وكان مرتبطا بوالدته وإخوته . كان د. يوسف إدريس نجما من نجوم المجتمع كيف كنت تتعاملين مع المعجبات ؟ الفنان بلا معجبات لا يكون فنانا هذا ما اعتقده ونتيجة إحساسى بحبه لى لم أتأثر بموضوع المعجبات. لم تتأثرى بما أثير حوله من شائعات ؟ كنت واثقة من نفسى بدرجة كبيرة بالإضافة إلى معرفتى الكافية لطبيعة عمل الفنان فلم انتبه لما يثار . ما تعليقك على شائعة علاقته بمطربة معروفة فى ذلك الوقت ؟ كل هذا لم يهزنى ولا مرة لأنه كان يحكى لى كل كبيرة وصغيرة ولا أنكر إننى كنت فى بعض الأحيان أكون «متغاظة» لكن كنت حريصة على أن لا أجعله يشعر بهذا الإحساس حتى لا يتوقف عن ألحكى لى وتستمر الصداقة بينى وبينه وتستمر معرفتى لكل التفاصيل وهذا كان سر نجاح زواجى منه . فمن تستطيع أن تجعل يوسف إدريس يظل يحبها آخر يوم فى حياته لابد أن تكون على نفس قدر الذكاء والحب . وأنا اعتبر نفسى محظوظة لأنى تزوجت رجل جميلا وفنانا عظيما . ما هى نقاط الخلاف التى كانت بينكم ؟ الخلاف الوحيد الذى كان بيننا هو غيرته الشديدة على.فكان لديه كل أنواع الغيرة إذا نظرى لى شخص يقول لماذا ينظر ؟ وتصبح مشكلة كبيرة. يتصور البعض انك أنت التى تغارين عليه لأنه محاط بالمعجبات والفنانات ونجوم المجتمع ؟ هذا ما يعتقده الناس لكن الحقيقة شىء آخر، فقد كانت غيرته أكثر شيء يؤرقنى فى حياتى . فى لحظات الحنين للذكريات هل تلجئين لكتبه أم لألبوم الصور الخاص به ؟ باستنكار ردت قائلة. هو مازال يعيش معى فى كل تفصيلة فى حياتى و لا احتاج لصور ولا كتب كى اتذكره .