محافظ الجيزة يترأس اجتماعًا لمتابعة تطوير حدائق الأهرام وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين    ضياء رشوان: مصر تؤكد رفضها لأي تهجير للفلسطينيين من أراضيهم    ميسي: كنا الأقوى أمام الكويت ونطمح للفوز في المباريات القادمة    في حوار ل"البوابة نيوز".. رامي حمادة يكشف سر فوز فلسطين على قطر وطموحات المباريات المقبلة    كأس إيطاليا.. أتالانتا يضرب جنوى برباعية نظيفة ويعبر إلى الدور القادم    الداخلية تحاصر «سماسرة الانتخابات».. القبض على 7 متهمين جدد    قرارات جديدة بشأن المتهم بابتزاز أميرة الذهب    ضبط 4 متهمين بتجميع مواطنين وتوزيع دعاية انتخابية مقابل مبالغ مالية في إمبابة    الناخبون يشيدون بأجواء سير الانتخابات بالدوائر الملغاة.. تقرير لإكسترا نيوز    أهالي السيدة نفيسة يوزعون الشربات على الزائرين في المولد.. صور    أحمد فهمي يكشف تفاصيل رسالة هنا الزاهد بعد الطلاق    هل يعتبر مريض غازات البطن من أصحاب الأعذار ؟| أمين الفتوى يجيب    حسام عبد الغفار: «حقنة هتلر» قد تؤدي للوفاة    بث مباشر مباراة أرسنال وبرينتفورد: قمة لندنية نارية لحسم صدارة الدوري الإنجليزي 2024-2025    الخارجية السورية: وفد سفراء مجلس الأمن يزور دمشق    العراق يفوز علي البحرين 2-1 في مستهل مشوارهما بكأس العرب 2025    عون: لبنان تعب من المهاترات التي مزقته    الخامس في قنا.. القبض على " قرموش" لشراء اصوات الناخبين    ما حقيقة انتشار الدواجن السردة بالأسواق المحلية وتأثيرها على صحة المواطنين؟    طابع بريد تذكارى بمناسبة مرور 130 عاما على تأسيس دار الإفتاء المصرية    قدرة الردع والانتخابات البرلمانية والجبهة الداخلية    بسبب صلاح.. التليفزيون البريطاني يحتفل بعقد تاريخي لبث كأس أمم أفريقيا    رئيس الاعتماد والرقابة الصحية: معايير جهار ترفع تنافسية القطاع الخاص    العرض العالمي الأول للفيلم الفلسطيني أعلم أنك تسمعني في مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير    لجنة إدارة الإسماعيلي تؤكد سعيها لحل أزمات النادي المالية وإنهاء قضايا الفيفا    القبض على 4 أشخاص بحوزتهم مبالغ مالية بمحيط لجان انتخابية في جرجا    إندونيسيا ترسل سفنا حربية لدعم عملية توزيع المساعدات في آتشيه المتضررة جراء الفيضان    الجيزة تنفّذ حملة مكبرة بعثمان محرم لإزالة الإشغالات وإعادة الانضباط إلى الشارع    مياه الشرب بالجيزة: كسر مفاجئ بخط مياه قطر 1000 مم أمام مستشفى أم المصريين    محافظ الجيزة يتفقد الموقف التنفيذي لتطوير حديقتي الحيوان والأورمان    في اليوم العالمي لذوي الهمم.. غزة تواجه أعلى معدلات الإعاقة في العالم بسبب حرب الإبادة الجماعية.. 12 ألف طفل فقدوا أطرافهم أو تعرضوا لعاهات مستديمة.. و60% من السكان صاروا معاقين    «الري» تتعاقد على تنفيذ التغذية الكهربائية لمحطتي البستان ووادي الصعايدة    في يومهم العالمي.. 5 رسائل من الأزهر لكل أسرة ترعى طفلا من ذوي الإعاقة    سكرتير عام المنوفية يشهد افتتاح معرض «ابتكار مستدام»    6 قرارات جديدة للحكومة.. تعرف عليها    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 3ديسمبر 2025 فى المنيا.. اعرف مواقيت صلاتك    وكيل لجنة مراجعة المصحف ورئيس منطقة الغربية يتفقدان مسابقة الأزهر السنوية لحفظ القرآن الكريم    زينة: "ماشوفتش رجالة في حياتي وبقرف منهم"    ما مصير امتحانات الثانوية العامة بعد بلوغ «عبد الحكم» سن المعاش؟.. تفاصيل    ريهم عبدالغفور تحيي ذكرى وفاة والدها الثانية: "فقدت أكتر شخص بيحبني"    في عيد الكاريكاتير المصري الخامس.. معرض دولي يحتفي بالمتحف المصري الكبير    انعقاد الاجتماع الرابع للجنة الفنية المصرية – التونسية للتعاون الاستثماري    7 ديسمبر.. الإدارية العليا تنظر الطعون على نتيجة المرحلة الثانية لانتخابات النواب    الأرصاد: استمرار انخفاض درجات الحرارة الملحوظ على مختلف أنحاء البلاد.. فيديو    السيدة انتصار السيسي تحتفي بيوم أصحاب الهمم: قلوب مليئة بالحب    دونالد ترامب يحضر قرعة كأس العالم 2026    أطعمة تعالج الأنيميا للنساء، بسرعة وفي وقت قياسي    الصحة تعلن ضوابط حمل الأدوية أثناء السفر| قواعد إلزامية لتجنب أي مشكلات قانونية    لاول مرة فى مستشفي شبين الكوم بالمنوفية..استخراج ملعقة من بطن سيدة مسنة أنقذت حياتها    هالاند: الوصول ل200 هدف في الدوري الإنجليزي؟ ولم لا    مجلس حكماء المسلمين يشارك بجناح خاصٍّ في معرض العراق الدولي للكتاب 2025    وضع مدرسة الإسكندرية للغات تحت إشراف مالى وإدارى بعد تعدى عامل على التلاميذ    وزير البترول والثروة المعدنية يستعرض إصلاحات قطاع التعدين ويبحث شراكات استثمارية جديدة    أسعار الفراخ والبيض اليوم الاربعاء 3-12-2025 في الأقصر    الأمم المتحدة تحتفل باليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة    الرئيس الكولومبي يحذر ترامب: مهاجمتنا تعني إعلان الحرب    دعاء صلاة الفجر اليوم.. فضائل عظيمة ونفحات ربانية تفتح أبواب الرزق والطمأنينة    «الوطنية للانتخابات»: إعادة 19 دائرة كانت قرارًا مسبقًا.. وتزايد وعي المواطن عزز مصداقية العملية الانتخابية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إستقبل ‬مبارك ‬والأسد حافى القدمين.. وبالقميص ‬والشورت ‬..يوسف إدريس قصة قصيرة طالت قليلا..!

كان ‬يوسف ‬إدريس ‬إنسانا ‬حقيقيا ‬إذا ‬أحب ‬وإذا ‬كره، ‬يكتب ‬ما ‬يري ‬ويعيش ‬كما ‬يريد، ‬ويتزوج ‬من ‬أحبها ‬قلبه ‬من ‬أول ‬نظرة ‬حتي ‬لو ‬كانت ‬مخطوبة، ‬يعمل ‬المستحيل ‬ليتزوجها، ‬ثم ‬يطلقها ‬ويردها ‬ليعيشا ‬معا ‬حياة ‬هي ‬الجحيم ‬بعينه، ‬فهو ‬مشتعل ‬كالبركان ‬وهي ‬فتاة ‬صغيرة ‬جميلة، ‬هو ‬يكبرها ‬ب14 ‬عاما ‬معروف ‬في ‬دنيا ‬الأدب ‬الثقافة ‬والسياسة ‬وكانت هى فتاة صغيرة لم تكمل تعليمها!
هو ‬يوسف ‬إدريس ‬النجم ‬المتوهج ‬وهي ‬رجاء ‬الرفاعي ‬كل ‬مافيها ‬جذاب ‬آسر، ‬وجاء ‬انجذابها ‬الي ‬هذا ‬العبقري ‬ليرهقهاكثيرا حتي ‬استطاعت بذكائها أن ‬تروضه ‬وتروض ‬موهبته ‬. قرأت ‬وتعلمت ‬وارتقت ‬إلي ‬عالمه ‬الإبداعي ‬حتى أصبح ‬لا ‬يكتب ‬إلا ‬وهي ‬أمامه. ‬كنقطة ‬ضوء ‬تنير ‬عقله.‬
.............................................................
تحكي ‬السيدة ‬رجاء زوجته ‬قصتها ‬مع ‬الراحل ‬الكبير ‬وتضحك ‬كثيرا ‬علي ‬الصدفة ‬التي ‬جمعتهما ‬علي ‬السلم، ‬وهي ‬ذاهبة ‬إلي ‬شقة ‬أختها، ‬كان ‬يوسف ‬إدريس ‬يسكن ‬في ‬الشقة ‬المقابلة ‬لشقة ‬أختها، ‬وفور ‬أن ‬رأها ‬سرقت ‬عقله ‬وقلبه، ‬وعندما ‬سأل ‬عليها، ‬عرف ‬أنها ‬مخطوبة ‬لكنه ‬لم ‬ييأس. ‬وعرف ‬أن زوج ‬أختها ‬هو الصحفي ‬إسماعيل ‬الحبروك ‬فقال ‬له: ‬أريد ‬أن ‬أتزوج ‬هذه ‬الفتاة ‬فرد ‬الحبروك ‬ببساطة: ‬لكنها ‬مخطوبة ‬فقال ‬يوسف ‬إدريس ‬بثقة ‬لا ‬نعرف ‬من ‬أين ‬جاءت: ‬طيب ‬قل ‬لها!‬
إندهش ‬الحبروك ‬من ‬صديقه. ‬واعتبرها ‬شطحة ‬من ‬مبدع.‬
وجاءت ‬الفتاة ‬رجاء ‬لأختها ‬مرة ‬أخري ‬وقابلها ‬في ‬نفس ‬المكان ‬وهذه ‬المرة ‬قال ‬لها: ‬أزيك. ‬تقول ‬السيدة ‬رجاء: ‬أحسست ‬أنه ‬ الإنسان ‬الذي ‬أبحث ‬عنه ‬وفور ‬أن ‬عدت ‬للمنزل ‬خلعت ‬دبلة ‬الخطوبة ‬ ‬كانت ‬مخطوبة ‬لطبيب ‬جراح ‬ ‬دون ‬أن ‬أعرف ‬إذا ‬كان ‬يوسف ‬إدريس ‬سوف ‬يخطبني ‬أم ‬لا.‬
بعد ‬ثلاثة ‬أيام ‬فوجئت ‬به ‬يطرق ‬باب ‬بيتنا ‬ويطلب ‬يدي ‬من ‬والدتي. ‬فوافقت ‬علي ‬الفور.‬
‮«‬ولد ‬يوسف ‬إدريس ‬في ‬قربة ‬البيروم ‬بمحافظة ‬الشرقية ‬19مايو ‬1927 ‬لأب ‬يعمل ‬في ‬التفتيش ‬الزراعي، ‬متزوج ‬من ‬أثنتين، ‬وكان ‬يوسف ‬الابن ‬الأكبر ‬علي ‬سبعة ‬أبناء ‬من ‬الزوجة ‬الثانية. ‬وكانت ‬أمه ‬مثالا ‬للجدية ‬والصرامة ‬لدرجة ‬أنه ‬لا ‬يتذكر ‬أنها ‬قبلته ‬إلا ‬بعد ‬حصوله ‬علي ‬بكالوريوس ‬الطب«
بعد ‬أن ‬خطبني ‬بأيام ‬قليلة ‬قال ‬سنتزوج ‬ ‬تقول ‬السيدة ‬رجاء. ‬وعملنا ‬كتب ‬الكتاب ‬وحضرت ‬والدته ‬وأخوته ‬الأولاد ‬وأخته ‬غير ‬الشقيقة. ‬وكانت ‬الشبكة ‬غويشة ‬ب ‬خمسين ‬جنيها ‬قمنا ‬ببيعها ‬ب ‬أربعين ‬جنيها ‬بعد ‬الزواج ‬بسنة.‬
كان ‬يوسف ‬إدريس ‬يعمل ‬كمفتش ‬صحة ‬في ‬الدرب ‬الأحمر، ‬وراتبه ‬25جنيها، ‬ندفع ‬لها ‬4جنيهات ‬ايجار ‬شقة ‬المبتديان ‬3غرف ‬وصالة، ‬وظللنا ‬في ‬هذه ‬الشقة ‬7سنوات ‬أنجبنا ‬فيها ‬ابننا ‬سامح، ‬ثم ‬إنتقلنا ‬لشقة ‬في ‬الدقي، ‬وعندما ‬تحسنت ‬الأحوال ‬إنتقلنا ‬لهذه ‬الشقة ‬التي ‬أعيش ‬فيها ‬الآن ‬منذ ‬أربعين ‬عاما ‬علي ‬نيل ‬القاهرة.‬
‮»‬جاء ‬يوسف ‬إدريس ‬للقاهرة ‬طالبا ‬في ‬كلية ‬الطب ‬عام ‬1945 ‬وإشترك ‬في ‬مظاهرات ‬تلك ‬الفترة ‬وتعرض ‬للأعتقال ‬أكثر ‬من ‬مرة ‬حتي ‬تخرج ‬في ‬الكلية ‬عام ‬1951. ‬وفي ‬ذروة ‬الانغماس ‬في ‬العمل ‬السياسي ‬كتب ‬أول ‬قصصه ‬القصيرة ‬بعنوان ‬‮»‬أنشودة ‬الغرباء‮«‬ ‬ونشرت ‬في ‬مجلة ‬القصة ‬عام ‬1950. ‬وبعد ‬ثورة ‬يوليو ‬إشترك ‬في ‬عمل ‬مجلة ‬‮»‬التحرير‮«‬ ‬أول ‬مجلة ‬للثورة ‬في ‬سبتمبر ‬1952 ‬وفي ‬أغسطس ‬عام ‬1954 ‬صدرت ‬أول ‬مجموعاته ‬القصصية ‬أرخص ‬ليالي ‬التي ‬كانت ‬فتحا ‬جديدا ‬في ‬الأدب ‬العربي ‬وفي ‬نفس ‬الشهر ‬قامت ‬سلطات ‬الثورة ‬بإعتقاله ‬لمدة ‬13 ‬شهرا‮«‬.‬
حياتي ‬معه ‬في ‬البداية ‬كانت ‬جحيما ‬لا ‬يطاق ‬فعمري ‬كان ‬17سنة ‬تقريبا، ‬وهو ‬كان ‬عالما ‬مجهولا ‬لا ‬أعرف ‬عنه ‬شيئا.‬
أكبر ‬مني ‬ب ‬14عاما ‬وأكثر ‬وعيا ‬وثقافة ‬وفوق ‬كل ‬ذلك ‬فنان ‬متقلب ‬علي ‬جمر ‬الموهبة ‬المشتعلة ‬دائما.‬ وكان ‬لابد ‬أن ‬ارتقي ‬بنفسي ‬وعقلي ‬لأصعد ‬إلي ‬عالمه ‬فتعلمت ‬حتي ‬حصلت ‬علي ‬ليسانس ‬الآداب ‬في ‬الفلسفة، ‬كما ‬درست ‬النقد ‬الأدبي ‬لأشاركه ‬عالمه، ‬فهو ‬لم ‬يكن ‬يكتب ‬إلا ‬وأنا ‬أمامه، ‬وكان ‬يكتب ‬دائما ‬بالليل، ‬وإذا ‬كتب ‬ذات ‬يوم ‬بالنهار، ‬فإنني ‬أقوم ‬بإنزال ‬الستائر ‬لأعطيه ‬الاحساس ‬بالليل.‬
كان ‬يوسف ‬إدريس ‬عصبيا، ‬كما ‬وصفوه ‬فعلا ‬وفي ‬إحدي ‬المرات ‬وصل ‬التوتر ‬والخلاف ‬بيننا ‬إلي ‬الطلاق.. ‬قلت ‬له ‬لن ‬أعيش ‬معك، ‬وذلك ‬بعد ‬زواجنا ‬ب 6 شهور، ‬وطلقني ‬بالفعل، ‬وبعد ‬6ساعات ‬فوجئت ‬به ‬يطرق ‬باب ‬المنزل ‬عند ‬أمي، ‬وأخذني ‬وعدنا ‬للمأذون، ‬وقلنا ‬له ‬نريد ‬أن ‬نتزوج ‬مرة ‬أخري، ‬فضحك ‬وقال ‬أنتما ‬أكبر ‬مجانين، ‬علاقتنا ‬كانت ‬دائما ‬متوترة ‬لكنها ‬استمرت ‬حتي ‬نهايتها ‬لأن ‬أساسها ‬كان ‬الحب ‬المتبادل.‬
«كانت ‬الفترة ‬بعد ‬خروجه ‬من ‬السجن ‬أغزر ‬فترات ‬حياته ‬انتاجا، ‬فكتب ‬في ‬الفترة ‬من ‬1955 ‬إلي ‬1959 ‬مسرحية ‬‮»‬ملك ‬القطن‮«‬ ‬وقصص ‬‮»‬جمهورية ‬فرحات‮«‬ ‬ورواية ‬‮»‬قصة ‬حب‮«‬ ‬ومجموعات ‬‮»‬أليس ‬كذلك‮«‬ ‬و ‬‮»‬البطل‮«‬ ‬و«حادث ‬شرف‮» ‬ومسرحية ‬اللحظة ‬الحرجة ‬ورواية ‬الحرام، ‬وهي ‬نفس ‬المرحلة ‬التي ‬تزوج ‬فيها ‬من ‬السيدة ‬رجاء ‬الرفاعي ‬في ‬28 ‬أغسطس ‬1957 ‬»
كنت ‬أعرف ‬أن ‬له ‬معجبات، ‬وبعض ‬العلاقات ‬لكنني ‬كنت ‬أغفر ‬له ‬ذلك، ‬لأنني ‬أعرف ‬أنه ‬لا ‬يبدع ‬دون ‬أن ‬يكون ‬له ‬معجبات ‬ومعجبون، ‬ولذلك ‬لم ‬ألتفت ‬أبدا ‬للشائعات ‬مهما ‬كانت، ‬لأن ‬من ‬تتزوج ‬فنانا ‬عليها ‬أن ‬تهيئ ‬نفسها ‬إلي ‬أنها ‬لم ‬تتزوج ‬من ‬موظف ‬حكومي ‬أو ‬إنسان ‬روتيني، ‬لكن ‬من ‬شخص ‬متوتر ‬دائما ‬بالفكرة ‬‮ والإبداع ‬والكتابة‮«‬ ‬وعندما ‬عرفت ‬ذلك ‬وتعاملت ‬معه ‬علي ‬هذا ‬الأساس ‬أصبح ‬لا ‬يستطيع ‬أن ‬يتنفس ‬بدوني ‬طوال ‬35عاما ‬عشناها ‬سويا، ‬وأحيانا ‬كنا ‬ندخل ‬معا ‬في ‬حوار ‬من ‬التاسعة ‬مساء ‬إلي ‬التاسعة ‬صباحا.‬‬
ودائما ‬أقول ‬علي ‬زوجة ‬الفنان ‬أن ‬تعطي ‬زوجها ‬مساحة ‬كبيرة ‬للحرية، ‬وأن ‬تعطيه ‬هذه ‬المساحة ‬بموافقتها ‬حتي ‬لا ‬يأخذها ‬غصبا ‬عنها، ‬لأنه ‬في ‬عالم ‬مختلف ‬عن ‬عالمنا، ‬ولذلك ‬يجب ‬أن ‬تتمتع ‬زوجة ‬الفنان ‬بمواصفات ‬خاصة.‬
(ترك ‬يوسف ‬إدريس ‬العمل ‬في ‬الطب ‬والحكومة ‬نهائيا، ‬وعمل ‬صحفيا ‬بجريدة ‬الجمهورية ‬عام ‬1959، ‬وسافر ‬في ‬أثناء ‬عمله ‬بالجمهورية ‬إلي ‬الجزائر ‬في ‬ذروة ‬حرب ‬التحرير ‬عام ‬1961 ‬كصحفي ‬واشترك ‬في ‬بعض ‬العمليات ‬العسكرية ‬كمقاتل.‬)
يوسف ‬إدريس ‬كان ‬يغار ‬علي ‬أكثر ‬من ‬غيرتي ‬عليه، ‬وكانت ‬هذه ‬أحد ‬مشاكلنا، ‬فحتي ‬غيرته ‬ليست ‬كغيرة ‬الرجل ‬العادي.‬ .تقول ‬مدام ‬رجاء: ‬الفنان ‬دائما ‬غير ‬واثق ‬من ‬نفسه ‬لأنه ‬يبحث ‬عن ‬الكمال، ‬ولذلك ‬كان ‬يوسف ‬دائما ‬يغير ‬في ‬إبداعه، ‬ويري ‬أنه ‬أقل ‬مما ‬يريد.‬
ويوسف ‬كان ‬شخصية ‬غريبة ‬ولا ‬يهتز ‬لأي ‬موقف، ‬فقد ‬فوجئنا ‬في ‬أحد ‬الأيام ‬ونحن ‬في ‬مارينا ‬بالرئيسين ‬حسني ‬مبارك ‬وحافظ ‬الأسد ‬يطرقان ‬علينا ‬باب ‬الفيلا، ‬وفتح ‬لهم ‬إدريس ‬الباب ‬واستقبلهما، ‬وهو ‬بالفانلة ‬والشورت، ‬وظل ‬طوال ‬المقابلة ‬التي ‬استمرت ‬أكثر ‬من ‬ساعة ‬حافي ‬القدمين، ‬ولم ‬يفكر ‬في ‬أن ‬يغير ‬ملابسه.‬
‮«‬بعد ‬هزيمة ‬يونيو ‬1967 ‬دخل ‬يوسف ‬إدريس ‬في ‬حالة ‬إكتئاب ‬شديدة ‬وأصابته ‬حالة ‬من ‬اليأس ‬والكفر ‬بالكتابة، ‬فعاد ‬الي ‬الطب ‬وأنشأ ‬عيادة ‬في ‬ميدان ‬الجيزة ‬تعبيرا ‬عن ‬غضبه ‬وأبناء ‬جيله ‬من ‬الهزيمة، ‬لكنه ‬لم ‬يلبث ‬أن ‬أغلق ‬العيادة ‬والتحق ‬بوزارة ‬الثقافة ‬ثم ‬عمل ‬في ‬جريدة ‬الأهرام ‬منذ ‬عام ‬1969 ‬الي ‬وفاته ‬وأنجب ‬ابنته ‬الوحيدة ‬نسمة ‬عام ‬1973‮»‬
تقول ‬السيدة ‬رجاء ‬أن ‬يوسف ‬إدريس ‬كتب ‬قصة ‬النداهة ‬بعد ‬أن ‬رأي ‬زوجة ‬بواب ‬أعجبته ‬ملامحها ‬المعبرة ‬ووجهها ‬الجميل، ‬وقصة ‬نظرة‮ ، حكي ‬لي ‬عن ‬الطفلة ‬التي ‬تتمني ‬أن ‬تلعب ‬وتشارك ‬الأولاد ‬في ‬اللعب ‬رغم ‬أنها ‬تحمل ‬علي ‬رأسها ‬‮«‬صاج ‬الكعك‮»‬ ‬ وتخشي ‬عليه ‬أن ‬يقع، ‬ولأنها ‬لا ‬تستطيع ‬اللعب ‬ومشاركة ‬الأولاد ‬في ‬مثل ‬سنها ‬فقد ‬أرسلت ‬إليهم ‬نظرة ‬حزينة ‬تعبر ‬عما ‬بداخلها ‬وقد ‬أحبت ‬رجاء ‬إدريس ‬عالم ‬زوجها ‬حتي ‬أنها ‬أطلقت ‬أسم ‬إبنها ‬سامح ‬علي ‬اسم ‬بطل ‬قصة ‬‮«‬لعبة ‬البيت‮»‬ ‬التي ‬أحبتها ‬جدا.‬‬
أما ‬إلإبنه نسمة ‬فظل ‬كاتبنا الراحل لمدة ‬شهر ‬يختار ‬في ‬أسمها ‬لأنه ‬يعتبر ‬البنت ‬روح ‬البيت ‬وكان ‬يقول ‬دائما ‬أتعلم ‬منها ‬أشياء ‬كثيرة ‬عن ‬المرأة ‬يقول ‬ذلك ‬عليها ‬وكانت ‬طفلة.‬
(وفي ‬عام ‬1973 ‬كان ‬علي ‬رأس ‬مائة ‬من ‬المفكرين ‬والمثقفين ‬إستبعدهم ‬السادات ‬من ‬وظائفهم ‬رغم ‬أنه ‬عمل ‬مع ‬السادات ‬في ‬الاتحاد ‬القومي ‬والمؤتمر ‬الإسلامي. ‬فبعد ‬التوهج ‬الثقافي ‬خلال ‬الخمسينات ‬والستينات ‬خمد ‬التوهج ‬خلال ‬السبعينات ‬وهاجر ‬العديد ‬من ‬المبدعين ‬الي ‬الخارج ‬مثل ‬محمود ‬العالم، ‬أحمد ‬عبد ‬المعطي ‬حجازي،غالي ‬شكري، ‬محمود ‬السعدني، ‬ألفريد ‬فرج، ‬عبد ‬الرحمن ‬الخميسي، ‬ولم ‬يهاجر ‬يوسف ‬إدريس ‬ولكنه ‬هرب ‬الي ‬داخل ‬ذاته ‬تشرنق ‬وصمت ‬أدبيا ‬أكثر ‬من ‬15 ‬سنة ‬حتي ‬منتصف ‬الثمانينات ‬وخلال ‬هذه ‬الفترة ‬كتب ‬كتابه ‬القنبلة ‬البحث ‬عن ‬السادات‮»‬.‬
كان ‬يقرأ ‬في ‬العلوم ‬أكثر ‬من ‬الأدب، ‬بل ‬أنه ‬كان ‬لا ‬يحب ‬الأدب ‬هذا ‬ما ‬تؤكده ‬شريكة عمره ،‬و ‬كان ‬يحب ‬نجيب ‬محفوظ ‬و ‬يقول ‬عنه ‬أنه ‬شخصية ‬تقليدية ‬ونمطية، ‬بينما ‬القعدة ‬مع ‬توفيق ‬الحكيم ‬ممتعة.‬
وكان ‬كثيرا ‬ما ‬يأخذنا ‬الي ‬قريته، ‬و يلبس ‬الجلباب الريفى ويمتليء ‬البيت ‬بأهل ‬القرية ‬للسلام ‬عليه.‬
‮«‬مع ‬الثمانينات ‬زادت ‬معاركه ‬شراسة ‬مع ‬الشيخ ‬الشعراوي ‬ووزير ‬الثقافة ‬عبد ‬الحميد ‬رضوان ‬والدكتور ‬أحمد ‬شفيق ‬حول ‬إكتشافه ‬دواء ‬للإيدز، ‬وعندما ‬فاز ‬نجيب ‬محفوظ ‬بجائزة ‬نوبل ‬غضب ‬غضبا ‬شديدا ‬لأن ‬الجائزة ‬تخطته ‬وهاجم ‬الجائزة ‬وكان ‬قبلها ‬بعام ‬قال ‬أن ‬‮«‬ملحمة ‬الحرافيش‮»‬ ‬تستحق ‬ما ‬هو ‬أكبر ‬من ‬نوبل ‬وعندما ‬انتقد ‬مبارك ‬انهالت ‬عليه ‬أقلام ‬السلطة ‬تجريحا ‬قاسيا ‬حتي ‬اضطر ‬أن ‬يعلن ‬توقفه ‬عن ‬الكتابة ‬تماما ‬عام ‬1988‮»‬.‬
تحكي ‬السيدة ‬رجاء ‬عن ‬لحظات ‬يوسف ‬إدريس ‬الأخيرة ‬قائلة: ‬عندما ‬تعب ‬فجأة ‬اتصلت ‬بالرئيس ‬مبارك ‬وقلت ‬له ‬يوسف ‬إدريس ‬تعبان ‬وفي ‬حالة ‬خطرة، ‬فأرسل ‬له ‬طائرة ‬خاصة ‬أخذته ‬لإنجلترا.‬ وهناك ‬تم ‬علاجه ‬تماما ‬من ‬ماء ‬علي ‬المخ. ‬وقد ‬طلب ‬مني ‬الطبيب ‬أن ‬أسمعه ‬أي ‬حاجة ‬بيحبها، ‬فكنت ‬أسمعه ‬أغاني ‬عبد ‬الوهاب، ‬والقرآن ‬بصوت ‬الشيخ ‬محمد ‬رفعت ‬حتي ‬عادت ‬له ‬ذاكرته ‬وإسترد ‬وعيه ‬تماما.‬
وذهبنا ‬الي ‬قرية ‬في ‬الريف ‬الإنجليزي ‬للاستشفاء، ‬وشفي ‬تماما، ‬وجهزنا ‬الحقائب ‬للعودة، ‬كان ‬يتحرك ‬ويتكلم ‬بشكل ‬طبيعي، ‬ولأنه ‬يوسف ‬ادريس ‬فإنه ‬في ‬هذه ‬اللحظة ‬مات، ‬مات ‬فجأة ‬مثل ‬كل ‬نهايات ‬قصته.‬ وهو ‬الذي ‬لم ‬يتعد عمره ‬63 ‬عاما ‬في ‬الأول ‬من ‬أغسطس ‬عام ‬1991 ‬مات ‬بعد ‬أن ‬شفي ‬تماما.. ‬فهل ‬أحس ‬أن ‬حياته ‬طالت ‬قليلا ‬وخشي ‬علينا ‬من ‬الملل ‬كما ‬كان ‬يفعل ‬في ‬إبداعه ‬دائما..‬أم ‬أنه ‬أراد ‬أن ‬يكون ‬صادقا ‬مع ‬نفسه ‬حتي ‬في ‬الموت.. ‬فهو ‬عندما ‬سئل ‬عن ‬حياته.. ‬قال ‬‮«‬حياتي ‬قصة ‬قصيرة ‬طالت ‬قليلا!‬، ‬ولم ‬يرد ‬لها ‬أن ‬تطول ‬أكثر ‬من ‬ذلك..‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.