100 فكرة انتخابية لكتابة برنامج حقيقي يخدم الوطن    ذات يوم مع زويل    «الشيوخ» يبدأ فصلًا تشريعيًا جديدًا.. وعصام الدين فريد رئيسًا للمجلس بالتزكية    مكافأة على سجله الأسود بخدمة الانقلاب .. قاضى الإعدامات المجرم "عصام فريد" رئيسًا ل"مجلس شيوخ العسكر" ؟!    «التخطيط» تبحث مع «التمويل الدولية» تمكين القطاع الخاص    غضب ومشادات بسبب رفع «الأجرة» أعلى من النسب المقررة    تراجع عيار 21 الآن بالمصنعية.. سعر الذهب اليوم الأحد بالصاغة بعد الانخفاض الكبير عالميًا    ارتفاع يصل إلى 37 جنيهًا في الضاني والبتلو، أسعار اللحوم اليوم بالأسواق    "عام الفضة " دلالة على انهيار المنظومة الاقتصادية ..تدهور الجنيه يدفع المصريين إلى "الملاذ الفضي"    التكنولوجيا المالية على مائدة المؤتمر الدولي الأول للذكاء الاصطناعي بجامعة القاهرة    منظمات حقوقية تطالب الاتحاد الأوروبي بالضغط على «تل أبيب»    مجزرة جديدة للاحتلال.. غزة في «مفترق طرق»    مسؤول أممى: وضع غزة كارثي.. ونوعية المساعدات لا تقل أهمية عن كميتها    الخارجية الأميركية تزعم نية حماس شن هجوم واسع ضد مواطني غزة وتحذر من انتهاك وقف إطلاق النار    عبدالرحمن مجدي: تعاهدنا داخل بيراميدز على حصد البطولات    الدوري الإسباني، أتلتيكو مدريد يحقق فوزا مثيرا على أوساسونا في الجولة ال9    منتخب الكرة الطائرة جلوس يهزم البرازيل ويتوج بطلا لكأس العالم    اتحاد الكرة يهنئ بيراميدز بعد التتويج بكأس السوبر الأفريقي    التحفظ على سلع غذائية منتهية الصلاحية في حملات رقابية على الأسواق بالإسكندرية    تفاصيل محاكمة المتهمين في قضية خلية مدينة نصر    حبس عاطلين سرقا هاتفًا وحقيبة في القاهرة    بحوزتهما هيروين وسلاح.. ضبط عاطل وفتاة يروجان المخدرات ببنها    شبورة كثيفة وسحب منخفضة.. بيان مهم من الأرصاد الجوية بشأن طقس مطروح    رابط المكتبة الإلكترونية لوزارة التعليم 2025-2026.. فيديوهات وتقييمات وكتب دراسية في مكان واحد    وائل جسار: فخور بوجودي في مصر الحبيبة وتحية كبيرة للجيش المصري    لا تتردد في استخدام حدسك.. حظ برج الدلو اليوم 19 أكتوبر    تجنب الجدال الانفعالي.. حظ برج القوس اليوم 19 أكتوبر    ياسر جلال: أقسم بالله السيسي ومعاونوه ناس بتحب البلد بجد وهذا موقف الرئيس من تقديم شخصيته في الاختيار    اليوم، ختام زيارة قاعة الملك توت عنخ آمون بالمتحف المصري بالتحرير    منة شلبي: أنا هاوية بأجر محترف وورثت التسامح عن أمي    محمود سعد يكشف دعاء السيدة نفيسة لفك الكرب: جاءتني الألطاف تسعى بالفرج    فوائد شرب القرفة باللبن في المساء    لا مزيد من الإحراج.. طرق فعالة للتخلص من رائحة القمامة في المطبخ    الطعام جزء واحد من المشكلة.. مهيجات القولون العصبي (انتبه لها)    ليبيا.. البرلمان يعلن انتهاء الاقتراع فى انتخابات المجالس البلدية دون خروقات    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. حماس تسلم جثتين لرهينتين إلى إسرائيل وتؤكد: لا نرغب بالمشاركة فى أى ترتيبات تتعلق بإدارة قطاع غزة.. رحيل زعيم المعارضة الأرجنتينية أثناء بث مباشر لمناظرة سياسية    إبراهيم العامرى: والدى كان يعشق تراب الأهلى.. وأنا مشجع درجة ثالثة للأحمر    عادل عقل: بيراميدز يسطر تاريخا قاريا بعد الفوز بالسوبر الأفريقى.. فيديو    مهرجان الجونة السينمائى يمنح كيت بلانشيت جائزة بطلة الإنسانية    مصرع طفل دهسًا تحت أقدام جاموسة داخل منزله بمركز دار السلام فى سوهاج    مصرع شخص إثر انقلاب سيارته على طريق مصر - الإسماعيلية    أخبار 24 ساعة.. زيادة مخصصات تكافل وكرامة بنسبة 22.7% لتصل إلى 54 مليار جنيه    أتلتيكو مدريد يتخطى أوساسونا في الدوري الإسباني    د.حماد عبدالله يكتب: "السرقة" تحت مسمى مقتنيات!!    كولومبيا تنتزع برونزية كأس العالم للشباب من فرنسا    رئيس مصلحة الجمارك يتفقد قرية البضائع بمطار القاهرة الدولي    جيش الاحتلال الإسرائيلي يتسلم جثمانين لرهينتين من الصليب الأحمر    مباراة ب 6 ملايين دولار.. سينر يتوج ببطولة الملوك الستة في السعودية للمرة الثانية على التوالي    هل يجوز للزوجة أن تأخذ من مال زوجها دون علمه؟.. أمين الفتوى يوضح    توجيهات عاجلة من وكيل صحة الدقهلية لرفع كفاءة مستشفى جمصة المركزي    الوطنية للانتخابات: إطلاق تطبيق إلكتروني يُتيح للناخب معرفة الكثافات الانتخابية    البحوث الفلكية: 122 يوما تفصلنا عن شهر رمضان المبارك    الجارديان عن دبلوماسيين: بريطانيا ستشارك في تدريب قوات الشرطة بغزة    من رؤيا إلى واقع.. حكاية بناء كنيسة العذراء بالزيتون    "الإفتاء" توضح حكم الاحتفال بآل البيت    الصحة تختتم البرنامج التدريبي لإدارة المستشفيات والتميز التشغيلي بالتعاون مع هيئة فولبرايت    مواقيت الصلاة اليوم السبت 18 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    أعضاء مجلس الشيوخ يؤدون اليمين الدستورية.. اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إستقبل ‬مبارك ‬والأسد حافى القدمين.. وبالقميص ‬والشورت ‬..يوسف إدريس قصة قصيرة طالت قليلا..!

كان ‬يوسف ‬إدريس ‬إنسانا ‬حقيقيا ‬إذا ‬أحب ‬وإذا ‬كره، ‬يكتب ‬ما ‬يري ‬ويعيش ‬كما ‬يريد، ‬ويتزوج ‬من ‬أحبها ‬قلبه ‬من ‬أول ‬نظرة ‬حتي ‬لو ‬كانت ‬مخطوبة، ‬يعمل ‬المستحيل ‬ليتزوجها، ‬ثم ‬يطلقها ‬ويردها ‬ليعيشا ‬معا ‬حياة ‬هي ‬الجحيم ‬بعينه، ‬فهو ‬مشتعل ‬كالبركان ‬وهي ‬فتاة ‬صغيرة ‬جميلة، ‬هو ‬يكبرها ‬ب14 ‬عاما ‬معروف ‬في ‬دنيا ‬الأدب ‬الثقافة ‬والسياسة ‬وكانت هى فتاة صغيرة لم تكمل تعليمها!
هو ‬يوسف ‬إدريس ‬النجم ‬المتوهج ‬وهي ‬رجاء ‬الرفاعي ‬كل ‬مافيها ‬جذاب ‬آسر، ‬وجاء ‬انجذابها ‬الي ‬هذا ‬العبقري ‬ليرهقهاكثيرا حتي ‬استطاعت بذكائها أن ‬تروضه ‬وتروض ‬موهبته ‬. قرأت ‬وتعلمت ‬وارتقت ‬إلي ‬عالمه ‬الإبداعي ‬حتى أصبح ‬لا ‬يكتب ‬إلا ‬وهي ‬أمامه. ‬كنقطة ‬ضوء ‬تنير ‬عقله.‬
.............................................................
تحكي ‬السيدة ‬رجاء زوجته ‬قصتها ‬مع ‬الراحل ‬الكبير ‬وتضحك ‬كثيرا ‬علي ‬الصدفة ‬التي ‬جمعتهما ‬علي ‬السلم، ‬وهي ‬ذاهبة ‬إلي ‬شقة ‬أختها، ‬كان ‬يوسف ‬إدريس ‬يسكن ‬في ‬الشقة ‬المقابلة ‬لشقة ‬أختها، ‬وفور ‬أن ‬رأها ‬سرقت ‬عقله ‬وقلبه، ‬وعندما ‬سأل ‬عليها، ‬عرف ‬أنها ‬مخطوبة ‬لكنه ‬لم ‬ييأس. ‬وعرف ‬أن زوج ‬أختها ‬هو الصحفي ‬إسماعيل ‬الحبروك ‬فقال ‬له: ‬أريد ‬أن ‬أتزوج ‬هذه ‬الفتاة ‬فرد ‬الحبروك ‬ببساطة: ‬لكنها ‬مخطوبة ‬فقال ‬يوسف ‬إدريس ‬بثقة ‬لا ‬نعرف ‬من ‬أين ‬جاءت: ‬طيب ‬قل ‬لها!‬
إندهش ‬الحبروك ‬من ‬صديقه. ‬واعتبرها ‬شطحة ‬من ‬مبدع.‬
وجاءت ‬الفتاة ‬رجاء ‬لأختها ‬مرة ‬أخري ‬وقابلها ‬في ‬نفس ‬المكان ‬وهذه ‬المرة ‬قال ‬لها: ‬أزيك. ‬تقول ‬السيدة ‬رجاء: ‬أحسست ‬أنه ‬ الإنسان ‬الذي ‬أبحث ‬عنه ‬وفور ‬أن ‬عدت ‬للمنزل ‬خلعت ‬دبلة ‬الخطوبة ‬ ‬كانت ‬مخطوبة ‬لطبيب ‬جراح ‬ ‬دون ‬أن ‬أعرف ‬إذا ‬كان ‬يوسف ‬إدريس ‬سوف ‬يخطبني ‬أم ‬لا.‬
بعد ‬ثلاثة ‬أيام ‬فوجئت ‬به ‬يطرق ‬باب ‬بيتنا ‬ويطلب ‬يدي ‬من ‬والدتي. ‬فوافقت ‬علي ‬الفور.‬
‮«‬ولد ‬يوسف ‬إدريس ‬في ‬قربة ‬البيروم ‬بمحافظة ‬الشرقية ‬19مايو ‬1927 ‬لأب ‬يعمل ‬في ‬التفتيش ‬الزراعي، ‬متزوج ‬من ‬أثنتين، ‬وكان ‬يوسف ‬الابن ‬الأكبر ‬علي ‬سبعة ‬أبناء ‬من ‬الزوجة ‬الثانية. ‬وكانت ‬أمه ‬مثالا ‬للجدية ‬والصرامة ‬لدرجة ‬أنه ‬لا ‬يتذكر ‬أنها ‬قبلته ‬إلا ‬بعد ‬حصوله ‬علي ‬بكالوريوس ‬الطب«
بعد ‬أن ‬خطبني ‬بأيام ‬قليلة ‬قال ‬سنتزوج ‬ ‬تقول ‬السيدة ‬رجاء. ‬وعملنا ‬كتب ‬الكتاب ‬وحضرت ‬والدته ‬وأخوته ‬الأولاد ‬وأخته ‬غير ‬الشقيقة. ‬وكانت ‬الشبكة ‬غويشة ‬ب ‬خمسين ‬جنيها ‬قمنا ‬ببيعها ‬ب ‬أربعين ‬جنيها ‬بعد ‬الزواج ‬بسنة.‬
كان ‬يوسف ‬إدريس ‬يعمل ‬كمفتش ‬صحة ‬في ‬الدرب ‬الأحمر، ‬وراتبه ‬25جنيها، ‬ندفع ‬لها ‬4جنيهات ‬ايجار ‬شقة ‬المبتديان ‬3غرف ‬وصالة، ‬وظللنا ‬في ‬هذه ‬الشقة ‬7سنوات ‬أنجبنا ‬فيها ‬ابننا ‬سامح، ‬ثم ‬إنتقلنا ‬لشقة ‬في ‬الدقي، ‬وعندما ‬تحسنت ‬الأحوال ‬إنتقلنا ‬لهذه ‬الشقة ‬التي ‬أعيش ‬فيها ‬الآن ‬منذ ‬أربعين ‬عاما ‬علي ‬نيل ‬القاهرة.‬
‮»‬جاء ‬يوسف ‬إدريس ‬للقاهرة ‬طالبا ‬في ‬كلية ‬الطب ‬عام ‬1945 ‬وإشترك ‬في ‬مظاهرات ‬تلك ‬الفترة ‬وتعرض ‬للأعتقال ‬أكثر ‬من ‬مرة ‬حتي ‬تخرج ‬في ‬الكلية ‬عام ‬1951. ‬وفي ‬ذروة ‬الانغماس ‬في ‬العمل ‬السياسي ‬كتب ‬أول ‬قصصه ‬القصيرة ‬بعنوان ‬‮»‬أنشودة ‬الغرباء‮«‬ ‬ونشرت ‬في ‬مجلة ‬القصة ‬عام ‬1950. ‬وبعد ‬ثورة ‬يوليو ‬إشترك ‬في ‬عمل ‬مجلة ‬‮»‬التحرير‮«‬ ‬أول ‬مجلة ‬للثورة ‬في ‬سبتمبر ‬1952 ‬وفي ‬أغسطس ‬عام ‬1954 ‬صدرت ‬أول ‬مجموعاته ‬القصصية ‬أرخص ‬ليالي ‬التي ‬كانت ‬فتحا ‬جديدا ‬في ‬الأدب ‬العربي ‬وفي ‬نفس ‬الشهر ‬قامت ‬سلطات ‬الثورة ‬بإعتقاله ‬لمدة ‬13 ‬شهرا‮«‬.‬
حياتي ‬معه ‬في ‬البداية ‬كانت ‬جحيما ‬لا ‬يطاق ‬فعمري ‬كان ‬17سنة ‬تقريبا، ‬وهو ‬كان ‬عالما ‬مجهولا ‬لا ‬أعرف ‬عنه ‬شيئا.‬
أكبر ‬مني ‬ب ‬14عاما ‬وأكثر ‬وعيا ‬وثقافة ‬وفوق ‬كل ‬ذلك ‬فنان ‬متقلب ‬علي ‬جمر ‬الموهبة ‬المشتعلة ‬دائما.‬ وكان ‬لابد ‬أن ‬ارتقي ‬بنفسي ‬وعقلي ‬لأصعد ‬إلي ‬عالمه ‬فتعلمت ‬حتي ‬حصلت ‬علي ‬ليسانس ‬الآداب ‬في ‬الفلسفة، ‬كما ‬درست ‬النقد ‬الأدبي ‬لأشاركه ‬عالمه، ‬فهو ‬لم ‬يكن ‬يكتب ‬إلا ‬وأنا ‬أمامه، ‬وكان ‬يكتب ‬دائما ‬بالليل، ‬وإذا ‬كتب ‬ذات ‬يوم ‬بالنهار، ‬فإنني ‬أقوم ‬بإنزال ‬الستائر ‬لأعطيه ‬الاحساس ‬بالليل.‬
كان ‬يوسف ‬إدريس ‬عصبيا، ‬كما ‬وصفوه ‬فعلا ‬وفي ‬إحدي ‬المرات ‬وصل ‬التوتر ‬والخلاف ‬بيننا ‬إلي ‬الطلاق.. ‬قلت ‬له ‬لن ‬أعيش ‬معك، ‬وذلك ‬بعد ‬زواجنا ‬ب 6 شهور، ‬وطلقني ‬بالفعل، ‬وبعد ‬6ساعات ‬فوجئت ‬به ‬يطرق ‬باب ‬المنزل ‬عند ‬أمي، ‬وأخذني ‬وعدنا ‬للمأذون، ‬وقلنا ‬له ‬نريد ‬أن ‬نتزوج ‬مرة ‬أخري، ‬فضحك ‬وقال ‬أنتما ‬أكبر ‬مجانين، ‬علاقتنا ‬كانت ‬دائما ‬متوترة ‬لكنها ‬استمرت ‬حتي ‬نهايتها ‬لأن ‬أساسها ‬كان ‬الحب ‬المتبادل.‬
«كانت ‬الفترة ‬بعد ‬خروجه ‬من ‬السجن ‬أغزر ‬فترات ‬حياته ‬انتاجا، ‬فكتب ‬في ‬الفترة ‬من ‬1955 ‬إلي ‬1959 ‬مسرحية ‬‮»‬ملك ‬القطن‮«‬ ‬وقصص ‬‮»‬جمهورية ‬فرحات‮«‬ ‬ورواية ‬‮»‬قصة ‬حب‮«‬ ‬ومجموعات ‬‮»‬أليس ‬كذلك‮«‬ ‬و ‬‮»‬البطل‮«‬ ‬و«حادث ‬شرف‮» ‬ومسرحية ‬اللحظة ‬الحرجة ‬ورواية ‬الحرام، ‬وهي ‬نفس ‬المرحلة ‬التي ‬تزوج ‬فيها ‬من ‬السيدة ‬رجاء ‬الرفاعي ‬في ‬28 ‬أغسطس ‬1957 ‬»
كنت ‬أعرف ‬أن ‬له ‬معجبات، ‬وبعض ‬العلاقات ‬لكنني ‬كنت ‬أغفر ‬له ‬ذلك، ‬لأنني ‬أعرف ‬أنه ‬لا ‬يبدع ‬دون ‬أن ‬يكون ‬له ‬معجبات ‬ومعجبون، ‬ولذلك ‬لم ‬ألتفت ‬أبدا ‬للشائعات ‬مهما ‬كانت، ‬لأن ‬من ‬تتزوج ‬فنانا ‬عليها ‬أن ‬تهيئ ‬نفسها ‬إلي ‬أنها ‬لم ‬تتزوج ‬من ‬موظف ‬حكومي ‬أو ‬إنسان ‬روتيني، ‬لكن ‬من ‬شخص ‬متوتر ‬دائما ‬بالفكرة ‬‮ والإبداع ‬والكتابة‮«‬ ‬وعندما ‬عرفت ‬ذلك ‬وتعاملت ‬معه ‬علي ‬هذا ‬الأساس ‬أصبح ‬لا ‬يستطيع ‬أن ‬يتنفس ‬بدوني ‬طوال ‬35عاما ‬عشناها ‬سويا، ‬وأحيانا ‬كنا ‬ندخل ‬معا ‬في ‬حوار ‬من ‬التاسعة ‬مساء ‬إلي ‬التاسعة ‬صباحا.‬‬
ودائما ‬أقول ‬علي ‬زوجة ‬الفنان ‬أن ‬تعطي ‬زوجها ‬مساحة ‬كبيرة ‬للحرية، ‬وأن ‬تعطيه ‬هذه ‬المساحة ‬بموافقتها ‬حتي ‬لا ‬يأخذها ‬غصبا ‬عنها، ‬لأنه ‬في ‬عالم ‬مختلف ‬عن ‬عالمنا، ‬ولذلك ‬يجب ‬أن ‬تتمتع ‬زوجة ‬الفنان ‬بمواصفات ‬خاصة.‬
(ترك ‬يوسف ‬إدريس ‬العمل ‬في ‬الطب ‬والحكومة ‬نهائيا، ‬وعمل ‬صحفيا ‬بجريدة ‬الجمهورية ‬عام ‬1959، ‬وسافر ‬في ‬أثناء ‬عمله ‬بالجمهورية ‬إلي ‬الجزائر ‬في ‬ذروة ‬حرب ‬التحرير ‬عام ‬1961 ‬كصحفي ‬واشترك ‬في ‬بعض ‬العمليات ‬العسكرية ‬كمقاتل.‬)
يوسف ‬إدريس ‬كان ‬يغار ‬علي ‬أكثر ‬من ‬غيرتي ‬عليه، ‬وكانت ‬هذه ‬أحد ‬مشاكلنا، ‬فحتي ‬غيرته ‬ليست ‬كغيرة ‬الرجل ‬العادي.‬ .تقول ‬مدام ‬رجاء: ‬الفنان ‬دائما ‬غير ‬واثق ‬من ‬نفسه ‬لأنه ‬يبحث ‬عن ‬الكمال، ‬ولذلك ‬كان ‬يوسف ‬دائما ‬يغير ‬في ‬إبداعه، ‬ويري ‬أنه ‬أقل ‬مما ‬يريد.‬
ويوسف ‬كان ‬شخصية ‬غريبة ‬ولا ‬يهتز ‬لأي ‬موقف، ‬فقد ‬فوجئنا ‬في ‬أحد ‬الأيام ‬ونحن ‬في ‬مارينا ‬بالرئيسين ‬حسني ‬مبارك ‬وحافظ ‬الأسد ‬يطرقان ‬علينا ‬باب ‬الفيلا، ‬وفتح ‬لهم ‬إدريس ‬الباب ‬واستقبلهما، ‬وهو ‬بالفانلة ‬والشورت، ‬وظل ‬طوال ‬المقابلة ‬التي ‬استمرت ‬أكثر ‬من ‬ساعة ‬حافي ‬القدمين، ‬ولم ‬يفكر ‬في ‬أن ‬يغير ‬ملابسه.‬
‮«‬بعد ‬هزيمة ‬يونيو ‬1967 ‬دخل ‬يوسف ‬إدريس ‬في ‬حالة ‬إكتئاب ‬شديدة ‬وأصابته ‬حالة ‬من ‬اليأس ‬والكفر ‬بالكتابة، ‬فعاد ‬الي ‬الطب ‬وأنشأ ‬عيادة ‬في ‬ميدان ‬الجيزة ‬تعبيرا ‬عن ‬غضبه ‬وأبناء ‬جيله ‬من ‬الهزيمة، ‬لكنه ‬لم ‬يلبث ‬أن ‬أغلق ‬العيادة ‬والتحق ‬بوزارة ‬الثقافة ‬ثم ‬عمل ‬في ‬جريدة ‬الأهرام ‬منذ ‬عام ‬1969 ‬الي ‬وفاته ‬وأنجب ‬ابنته ‬الوحيدة ‬نسمة ‬عام ‬1973‮»‬
تقول ‬السيدة ‬رجاء ‬أن ‬يوسف ‬إدريس ‬كتب ‬قصة ‬النداهة ‬بعد ‬أن ‬رأي ‬زوجة ‬بواب ‬أعجبته ‬ملامحها ‬المعبرة ‬ووجهها ‬الجميل، ‬وقصة ‬نظرة‮ ، حكي ‬لي ‬عن ‬الطفلة ‬التي ‬تتمني ‬أن ‬تلعب ‬وتشارك ‬الأولاد ‬في ‬اللعب ‬رغم ‬أنها ‬تحمل ‬علي ‬رأسها ‬‮«‬صاج ‬الكعك‮»‬ ‬ وتخشي ‬عليه ‬أن ‬يقع، ‬ولأنها ‬لا ‬تستطيع ‬اللعب ‬ومشاركة ‬الأولاد ‬في ‬مثل ‬سنها ‬فقد ‬أرسلت ‬إليهم ‬نظرة ‬حزينة ‬تعبر ‬عما ‬بداخلها ‬وقد ‬أحبت ‬رجاء ‬إدريس ‬عالم ‬زوجها ‬حتي ‬أنها ‬أطلقت ‬أسم ‬إبنها ‬سامح ‬علي ‬اسم ‬بطل ‬قصة ‬‮«‬لعبة ‬البيت‮»‬ ‬التي ‬أحبتها ‬جدا.‬‬
أما ‬إلإبنه نسمة ‬فظل ‬كاتبنا الراحل لمدة ‬شهر ‬يختار ‬في ‬أسمها ‬لأنه ‬يعتبر ‬البنت ‬روح ‬البيت ‬وكان ‬يقول ‬دائما ‬أتعلم ‬منها ‬أشياء ‬كثيرة ‬عن ‬المرأة ‬يقول ‬ذلك ‬عليها ‬وكانت ‬طفلة.‬
(وفي ‬عام ‬1973 ‬كان ‬علي ‬رأس ‬مائة ‬من ‬المفكرين ‬والمثقفين ‬إستبعدهم ‬السادات ‬من ‬وظائفهم ‬رغم ‬أنه ‬عمل ‬مع ‬السادات ‬في ‬الاتحاد ‬القومي ‬والمؤتمر ‬الإسلامي. ‬فبعد ‬التوهج ‬الثقافي ‬خلال ‬الخمسينات ‬والستينات ‬خمد ‬التوهج ‬خلال ‬السبعينات ‬وهاجر ‬العديد ‬من ‬المبدعين ‬الي ‬الخارج ‬مثل ‬محمود ‬العالم، ‬أحمد ‬عبد ‬المعطي ‬حجازي،غالي ‬شكري، ‬محمود ‬السعدني، ‬ألفريد ‬فرج، ‬عبد ‬الرحمن ‬الخميسي، ‬ولم ‬يهاجر ‬يوسف ‬إدريس ‬ولكنه ‬هرب ‬الي ‬داخل ‬ذاته ‬تشرنق ‬وصمت ‬أدبيا ‬أكثر ‬من ‬15 ‬سنة ‬حتي ‬منتصف ‬الثمانينات ‬وخلال ‬هذه ‬الفترة ‬كتب ‬كتابه ‬القنبلة ‬البحث ‬عن ‬السادات‮»‬.‬
كان ‬يقرأ ‬في ‬العلوم ‬أكثر ‬من ‬الأدب، ‬بل ‬أنه ‬كان ‬لا ‬يحب ‬الأدب ‬هذا ‬ما ‬تؤكده ‬شريكة عمره ،‬و ‬كان ‬يحب ‬نجيب ‬محفوظ ‬و ‬يقول ‬عنه ‬أنه ‬شخصية ‬تقليدية ‬ونمطية، ‬بينما ‬القعدة ‬مع ‬توفيق ‬الحكيم ‬ممتعة.‬
وكان ‬كثيرا ‬ما ‬يأخذنا ‬الي ‬قريته، ‬و يلبس ‬الجلباب الريفى ويمتليء ‬البيت ‬بأهل ‬القرية ‬للسلام ‬عليه.‬
‮«‬مع ‬الثمانينات ‬زادت ‬معاركه ‬شراسة ‬مع ‬الشيخ ‬الشعراوي ‬ووزير ‬الثقافة ‬عبد ‬الحميد ‬رضوان ‬والدكتور ‬أحمد ‬شفيق ‬حول ‬إكتشافه ‬دواء ‬للإيدز، ‬وعندما ‬فاز ‬نجيب ‬محفوظ ‬بجائزة ‬نوبل ‬غضب ‬غضبا ‬شديدا ‬لأن ‬الجائزة ‬تخطته ‬وهاجم ‬الجائزة ‬وكان ‬قبلها ‬بعام ‬قال ‬أن ‬‮«‬ملحمة ‬الحرافيش‮»‬ ‬تستحق ‬ما ‬هو ‬أكبر ‬من ‬نوبل ‬وعندما ‬انتقد ‬مبارك ‬انهالت ‬عليه ‬أقلام ‬السلطة ‬تجريحا ‬قاسيا ‬حتي ‬اضطر ‬أن ‬يعلن ‬توقفه ‬عن ‬الكتابة ‬تماما ‬عام ‬1988‮»‬.‬
تحكي ‬السيدة ‬رجاء ‬عن ‬لحظات ‬يوسف ‬إدريس ‬الأخيرة ‬قائلة: ‬عندما ‬تعب ‬فجأة ‬اتصلت ‬بالرئيس ‬مبارك ‬وقلت ‬له ‬يوسف ‬إدريس ‬تعبان ‬وفي ‬حالة ‬خطرة، ‬فأرسل ‬له ‬طائرة ‬خاصة ‬أخذته ‬لإنجلترا.‬ وهناك ‬تم ‬علاجه ‬تماما ‬من ‬ماء ‬علي ‬المخ. ‬وقد ‬طلب ‬مني ‬الطبيب ‬أن ‬أسمعه ‬أي ‬حاجة ‬بيحبها، ‬فكنت ‬أسمعه ‬أغاني ‬عبد ‬الوهاب، ‬والقرآن ‬بصوت ‬الشيخ ‬محمد ‬رفعت ‬حتي ‬عادت ‬له ‬ذاكرته ‬وإسترد ‬وعيه ‬تماما.‬
وذهبنا ‬الي ‬قرية ‬في ‬الريف ‬الإنجليزي ‬للاستشفاء، ‬وشفي ‬تماما، ‬وجهزنا ‬الحقائب ‬للعودة، ‬كان ‬يتحرك ‬ويتكلم ‬بشكل ‬طبيعي، ‬ولأنه ‬يوسف ‬ادريس ‬فإنه ‬في ‬هذه ‬اللحظة ‬مات، ‬مات ‬فجأة ‬مثل ‬كل ‬نهايات ‬قصته.‬ وهو ‬الذي ‬لم ‬يتعد عمره ‬63 ‬عاما ‬في ‬الأول ‬من ‬أغسطس ‬عام ‬1991 ‬مات ‬بعد ‬أن ‬شفي ‬تماما.. ‬فهل ‬أحس ‬أن ‬حياته ‬طالت ‬قليلا ‬وخشي ‬علينا ‬من ‬الملل ‬كما ‬كان ‬يفعل ‬في ‬إبداعه ‬دائما..‬أم ‬أنه ‬أراد ‬أن ‬يكون ‬صادقا ‬مع ‬نفسه ‬حتي ‬في ‬الموت.. ‬فهو ‬عندما ‬سئل ‬عن ‬حياته.. ‬قال ‬‮«‬حياتي ‬قصة ‬قصيرة ‬طالت ‬قليلا!‬، ‬ولم ‬يرد ‬لها ‬أن ‬تطول ‬أكثر ‬من ‬ذلك..‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.