فى نوفمبر 1954 صدرت الطبعة الأولى من كتاب «قواعد اللغة المصرية فى عصرها الذهبى» لمؤلفه د. عبد المحسن بكير دبلوم معهد الآثار المصرية بالقاهرة وليسانس الآداب بجامعة أكسفورد ودكتوراه بجامعة أكسفورد بإنجلترا وفى عام 1982 صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب الطبعة الرابعة. الكتاب 136 صفحة قطع كبير وقم بتنسيقه بديع عبد الملك (1908 1979) المتخصص بالخط المصرى القديم فى المتحف اليونانى الرومانى بالإسكندرية. ...........................وصدره المؤلف بقوله: «بالرغم من أن مصر تُعد الآن ضمن الشعوب المتكلمة بالعربية فإنها لا تزال تحتفظ فى لغة الكلام على الأقل بأثر «اللغة المصرية القديمة»، التى استمرت فى مصر إلى القرن السادس عشر الميلادى فيما عُرف ب «اللغة القبطية» وهى فى حقيقتها «لغة مصرية قديمة» مكتوبة بحروف يونانية. ورغم انتشار اللغة العربية إلا أن اللغة القبطية لا تزال مستعملة فى كنائس مصر وأديرتها. ولا نبالغ إذا قلنا إن «اللغة المصرية القديمة» لا تزال حيّة فى بلدها. وهذا يجعلنا اكثر استعداداً لأحكام دراستها. وإننى كمصرى متكلم بالعربية وباحث فى المصرية القديمة لأشعر بالفخر بالصلة القوية التى تربط الحاضر بالماضى المجيد. وعندما كنت أتعلم «اللغة المصرية القديمة» فى جامعة القاهرة كنت أستعين فى معظم الأحايين بكتاب «النحو المصرى القديم» تأليف Gardiner «جاردنر» وكنت أرى أوجه شبه كبيرة بينها واللغة العربية. وكانت نتيجة هذا أننى انتهيت إلى أن «اللغة المصرية القديمة» إنما يجب عند دراستها فى مصر أن تُقارن بالعربية، وأن نقرّب منها ومن قواعدها. ولكن لمّا كان استاذى فى ذلك الحين أجنبياً غير عارف بالعربية بقيت محروماً من الإرشاد فى هذه الناحية. ولما أصبحت أنا نفسى أستاذاً لهذه اللغة الآن، فإن تلاميذى يلحون عليّ أن أحل لهم مشاكل النحو مستعيناً بأمثلة مشابهة من اللغة العربية كما كنت أنا أرغب فى ذلك ولا أجده ميسوراً عندما كنت طالباً. وعلى ذلك فلم يعد لى من عذر فى إغفال هذا الميدان من البحث. ونستطيع القول إن اللغتين المصرية القديمة والعربية تتفقان فى أشياء أهمها: توقف بنية الكلمة على الحروف الساكنة فحسب مثل سُجم «سَمّع»، وبعض اللواحق الصرفية واحدة فى اللغتين مثل حروف التاء للدلالة على التأنيث، الضمائر المتصلة «كاف» للخطاب المفرد مثل «بيتك»، و»نون» المتكلم للجمع مثل: «لنا»، ووجود صيغة المُثنى فى كلتا اللغتين، وتقدم الفعل على فاعله فى تركيب الجملة الفعلية مثل «يسمع الكاتب»، والتشابه بين كثير من الألفاظ واشتقاقاتها. وكان همى الأول هو أن أحدد بالعربية حروفاً ساكنة تقابل مثيلاتها فى المصرية القديمة. وحاولت أن أعطى بالعربية النطق الأصلى لكل حرف. وفى الواقع أنه ما من لغة تستطيع أن تصل فى «الدلالة الصوتية» Transliteration إلى درجة الكمال حتى يمكنها أن تؤدى بالضبط أصوات لغة أخرى بما فيها من اختلافات صوتية دقيقة. وفى الختام يؤكد المؤلف أن الكتاب ليس دراسة للنحو المصرى القديم من وجهة نظر فقه اللغة وعلوم الاشتقاق فى معناها الفنى الحديث، وانما هو تبسيط لقواعد هذه اللغة بما يسمح للطالب المصرى أن يظفر منها بأحسن النتائج فى أقصر وقت ممكن. وأهيب بالهيئة المصرية العامة للكتاب أن تعيد طبع هذا الكتاب النفيس بصورته التى كان عليها فى طبعته الرابعة ليتمكن الدارس من استيعاب «قواعد اللغة المصرية فى عصرها الذهبى».