لن أمل من تكرار الدعوة لرجال العلم أن يفتونا ويفيدونا فى أمر استخدام الهواتف المحمولة داخل الحرمين الشريفين، فليس خافيا على أحد ممن كتب الله لهم زيارة بيته الحرام وبيت نبيه عليه الصلاة والسلام، ظاهرة استخدام الهواتف المحمولة بصورة باتت فجة، فهى الى جانب أنها تلهى عن العبادة لمستخدمها، تزعج من حوله وتشغلهم عن الذكر، وقد سبق ان كتبت فى هذا الأمر اكثر من مرة، وسررت جدا عندما قررت الجهات المعنية فى المملكة العربية السعودية منع التصوير داخل الحرمين الشريفين، وهو القرار الذى أثار غضب عدد من سكان مواقع التواصل الاجتماعى التى استباحت كل خصوصية فى حياتنا حتى الأماكن المقدسة لم تسلم من ازعاج هذه المواقع، وللأسف الانسان منا يحلم ويدعو ويبتهل الى الله من أجل أن ينال شرف زيارة بيته الحرام وقبر سيد المرسلين عليه السلام، وما إن تتحقق الامنية حتى يفسدها بالتركيز على توثيق الزيارة باستخدام تقنية الفيديو فى جهازه المحمول، فبات المشهد مزعجا لمن اراد التفرغ والاستفادة من كل ثانية له فى المسجدين للعبادة والدعاء والاستغفار والصلاة، فبينما يمر الزائرون أمام قبر النبى صلى الله عليه وسلم تجد الغالبية قد انصرفت الى التصوير بدلا من السلام على الحبيب وصاحبيه ابى بكر الصديق وعمر بن الخطاب، وهناك من يعطل السير بالتوقف لالتقاط صورة فوتوغرافية بطريقة السيلفي. والحال ذاته فى بيت الله الحرام بمكة المكرمة، الكل مشغول باستخدام المحمول فى التصوير أو الاتصالات التى لاتنتهى وكلها تدور حول أمور دنيوية يمكن التحدث فيها خارج المسجد الحرام، لكل هذا نطالب رجال الدين والعلماء بالتدخل قبل استفحال الأمر، وحتى لايتحول التصوير إلى ركن من الأركان يوليه الزائر والمعتمر اهتماما كبيرا، وذلك بتقديم النصح للمعتمرين، فالقرارات الادارية الحاكمة مهما بلغت قوتها لن تنفذ داخل الحرمين نظرا للأعداد الكبيرة التى يصعب السيطرة عليها، وأى قرارات تتخذها الرئاسة العامة لشئون المسجد الحرام والمسجد النبوى بهدف تهيئة الاجواء للتعبد فقط دون تشويش على الآخرين، تبقى بحاجة الى تعاون كل الجهات، وأولها العلماء ومنظمو حملات الحج والعمرة لتوعية المعتمرين بآداب زيارة الحرمين وقدسية وجلال المسجدين تعظيما لشعائر الله، مع تأكيد أن استخدام المحمول يكون للحاجة وفى أضيق الحدود ويفضل أن يكون خارج المسجد لئلا ينشغل عن العبادة. ومن أسف أن المسلمين العرب وفى المقدمة منهم المصريون يتصدرون المشهد فى هذه الظاهرة، ما أغرى بعض الجنسيات الاخرى للسير على دربهم اعتقادا منهم أنها امور طبيعية، ولايتوقف الامر عند هذا الحد ، وانما يمتد الى ترك الهواتف ترن داخل المسجدين وكل رنة تحمل نغمة موسيقية او أغنية دينية او دعاء، وهناك من يقرأ القرآن أو يصلي، وبالتأكيد يتأذى من اختراق هذه الرنات اذنيه، والادهى أنه مع موعد الأذان لأى صلاة تتسابق تلك الهواتف المحمولة بإعلان الأذان المسجل عليها بأصوات مشايخ عدة، والامر أن أصحابها يتركونها تبث الاذان رغم أن مؤذن الحرمين بدأ يؤذن، وكأن كتم الصوت او اغلاقه حرام، وهذا امر يحتاج من الدعاة الى توضيح وحسم ، وأظن ان الامر كله بحاجة لتدخل أهل العلم والدين ليفيدوا المسلمين، ويوضحوا لهم امور دنياهم التى اخترقت امور دينهم، فالامر جد خطير، وإن كانت الظاهرة الآن تقاس بالالاف فغدا ستقاس بمئات الآلاف وربما الملايين فى اثناء الحج او عمرة رمضان مثلا. وهناك ظاهرة أخرى تستحق أن يلتفت اليها علماء الدين، الا وهى ظاهرة الاقتتال من أجل الوصول الى الحجر الاسود، والغريب أنه أثناء الصلاة يتأهب المصلون فى الصف الأول أمام الحجر لاطلاق العنان لسيقانهم وكأنهم فى سباق عدو، فور قول الإمام السلام عليكم منهيا الصلاة، والغريب أنهم يتسابقون باتجاه الحجر الاسود قبل أن ينهى التسليم جهة اليمين ولاينتظرون التسليم جهة اليسار، فهل صلاتهم صحيحة فى هذه الحالة، إنها أمور بحاجة إلى نصح وتوعية وتعليم لتعريف الناس بأمور دينهم، وهذا من واجبات العلماء، كما أرى أنه من الواجب ان تشترط وزارة السياحة على الشركات المنظمة للحج والعمرة القيام بمهمة التوعية هذه من خلال رجل دين ينبه الناس ويرفع عنهم الالتباس بين ماهو دينى ودنيوي، ليضمنوا سلامة تنفيذهم للشعائر وفق صحيح الدين، ويلتمسوا من الله القبول والاجر، بدلا من ترك كل فرد يفتى لنفسه أو يقلد آخرين لم يجدوا من يرشدهم الى الصواب. أدعو الله ان يتجاوب اهل العلم مع هذه الدعوة ويفيدونا ويفتونا فى أمور ديننا حتى تتحقق الغاية من أداء العمرة دون أذى المحمول. لمزيد من مقالات أشرف محمود