أنا شاب فى الخامسة والعشرين من عمرى، تخرجت فى الجامعة، وعملت بشركة خاصة، وكنت قد ارتبطت عاطفيا بزميلة لى فى الكلية طوال سنوات الدراسة, وجمعنا الحب والتفاهم، وقررنا أن نكمل مشوار الحياة معا, وبعد أن استقررت فى عملى اتصلت بوالدها لكى أزورهم وأطلب يدها منه, لكنه رفض أن يتكلم معى أو يقابلنى لأننى أحادثه من تلقاء نفسى وليس معى من أهلى رجل كبير يمكن أن يتفاهم معه, فقلت له: إننى رب الأسرة لأن والدى متوفى, وسوف يحضر عمى معى بعد الإتفاق المبدئى، لكنه أصر على موقفه, وبعد ستة أشهر توفى والدها فقدمت واجب التعازى فيه, ومرت أشهر وطرقت باب فتاتى من جديد، لكن الرفض جاء هذه المرة من والدتها, وبعد محاولات من فتاتى وافقت على أن تقابل والدتى وأختى، فأخذتهما فى زيارة تعارف, لكن والدة فتاتى قابلتهما مقابلة سيئة جدا, وعشت يومها موقفا عصيبا, وأنا أرى نظرات الاستعلاء منها, فى الوقت الذى تصببت فيه أمى وأختى عرقا, وبعد أن غادرنا البيت عنفانى بشدة, فلم أنم ليلتها, واتخذت قرارا بالابتعاد عنها، فاتصلت بها وأبلغتها بذلك, فانهارت باكية ورجعت إلى أمها وتوسلت إليها أن توافق على الارتباط بي, وبذلت محاولات عديدة لإثنائها عن موقفها فتظاهرت أمها بالموافقة وقالت لها: «أنا موافقة بشرط أن تتحملى مسئولية اختيارك»، ففرحت فتاتى وأبلغتنى بموافقتها فى الصباح الباكر، وبعدها عاملتنى بشكل قاس، وتعمدت إيذائى نفسيا، وهنا أدركت أننى أسير فى الطريق الخطأ، وأن عليّ أن أبتعد عن فتاتي. وركزت اهتمامى فى عملى لكن خيالها لم يفارقنى لحظة, إذ لا ذنب لها فيما تفعله أمها, ومر عام كامل وأنا أعيش حياتى بلا هدف, ولم تعرف الابتسامة طريقها إلىّ، وغيرت رقم هاتفى لكى أقطع كل صلة بالماضى الحزين, ووجدتنى أنشغل بزميلة لى فى الشركة, ونمت علاقتنا وقررنا الارتباط, وبالفعل خطبتها منذ أسابيع، ولا أدرى ما الذى جذبنى إلى فتاتى الأولى من جديد, فلقد اتصلت بها, وتحدثت معها فيما حدث لنا, وأحسست بمشاعرى تتدفق إليها من جديد, وأخشى أن تؤثر علاقتى بها على زواجى من فتاتى التى ارتبطت بها, فهل أتعامل معها على أنها ذكرى جميلة وأكمل مشوارى مع فتاتى الجديدة؟ أم أننى إذا فعلت ذلك أكون قد ظلمتها؟ وإذا رجعت إلى فتاتى الأولى كيف سيكون موقف أمها مني؟.. إن الحيرة تقتلنى فماذا أفعل؟ ولكاتب هذه الرسالة أقول: أنت تعيش حالة تخبط واضحة, وتطلق العنان لتصرفاتك دون أن تحسب ما قد يترتب عليها من نتائج سلبية تنعكس عليك شخصيا, فإذا تتبعت مسيرتك منذ البداية تجد أنك لم تستقر على حال, والواضح أنك كنت تتخذ الأمور دائما من باب «جس النبض» و«اللعب بالعواطف» دون أن تكون محددا وحاسما فى أى أمر منها, لذلك كان من الطبيعى أن يتوجس والد فتاتك الأولى خيفة منك, وأن يرفض ارتباط ابنته بمن هو ليس أهلا لقيام حياة زوجية مستقرة. ولو أنك وضعت نقاط الحروف من البداية واتخذت لنفسك مسارا عاقلا, لما حدث كل ذلك, وحتى بعد أن ابتعدت عنها, وارتبطت بفتاة أخري, إذا بك تحاول من جديد أن تنكأ الجراح القديمة, وتخون الثقة التى وضعتها فيك فتاتك الثانية التى ليس لها ذنب فيما فعلته. أيها الشاب المتهور.. اقطع صلتك بفتاتك الأولى ودعها وشأنها وكن صادقا مع فتاتك الثانية وتقرب منها وصارحها بكل ما فى حياتك, وابنيا معا حياة هادئة مستقرة, فما تفعله الآن لن تجنى منه سوى الحسرة والندم.