جامعة الأقصر تنظم أول ملتقى توظيف لخريجي جنوب الصعيد    الدفاع المدني بغزة: رائحة الجثث تحت الأنقاض بدأت في الانتشار بكل أنحاء القطاع    شيحة: مصر قادرة على دفع الأطراف في غزة واسرائيل للوصول إلى هدنة    استبعاد أفشة والشناوي.. قائمة الأهلي لمواجهة الإسماعيلي    رئيس نادي كريستال بالاس يهاجم صلاح.. ليس جيدًا كما يصوره الناس    السجن 15 عاما وغرامة 100 ألف جنيه لمتهم بحيازة 120 طربة حشيش في الإسكندرية    مصرع زوجين وإصابة أبنائهما إثر انقلاب سيارة ملاكي بطريق سفاجا - قنا    برومو حلقة ياسمين عبدالعزيز مع إسعاد يونس يتصدر محركات البحث    الفيلم البريطاني "النداء الأخير" يفوز بجائزة سمير فريد    أعراض لقاح أسترازينيكا.. الصحة تكشف 7 حقائق عن أزمة الجلطات    إعلام عبري: حزب الله هاجم بالصواريخ بلدة بشمال إسرائيل    لوقف النار في غزة.. محتجون يقاطعون جلسة بمجلس الشيوخ الأمريكي    الاتحاد الأوروبي يحيي الذكرى ال20 للتوسع شرقا مع استمرار حرب أوكرانيا    الدولار يصعد 10 قروش في نهاية تعاملات اليوم    رئيس جهاز الشروق يقود حملة مكبرة ويحرر 12 محضر إشغالات    وزير الرياضة يتابع مستجدات سير الأعمال الجارية لإنشاء استاد بورسعيد الجديد    الأهلي يهزم الجزيرة في مباراة مثيرة ويتأهل لنهائي كأس مصر للسلة    ستبقى بالدرجة الثانية.. أندية تاريخية لن تشاهدها الموسم المقبل في الدوريات الخمسة الكبرى    أمين عام الجامعة العربية ينوه بالتكامل الاقتصادي والتاريخي بين المنطقة العربية ودول آسيا الوسطى وأذربيجان    داج ديتر يكتب للشروق: ذروة رأسمالية الدولة.. ماذا بعد؟    «التعليم» تحدد موعد امتحانات نهاية العام للطلاب المصريين في الخارج 2024    رئيس الوزراء يهنيء السيسي بمناسبة الاحتفال بعيد العمال    صحة الشيوخ توصي بتلبية احتياجات المستشفيات الجامعية من المستهلكات والمستلزمات الطبية    الخميس..عرض الفيلم الوثائقي الجديد «في صحبة نجيب» بمعرض أبو ظبي للكتاب    فيلم المتنافسون يزيح حرب أهلية من صدارة إيرادات السينما العالمية    «تحيا مصر» يوضح تفاصيل إطلاق القافلة الخامسة لدعم الأشقاء الفلسطينيين في غزة    سفيرة مصر بكمبوديا تقدم أوراق اعتمادها للملك نوردوم سيهانوم    هيئة سلامة الغذاء تقدم نصائح لشراء الأسماك المملحة.. والطرق الآمنة لتناولها في شم النسيم    بالفيديو.. خالد الجندي: القرآن الكريم لا تنتهي عجائبه ولا أنواره الساطعات على القلب    النائب العام يقرر إضافة اختصاص حماية المسنين لمكتب حماية الطفل وذوي الإعاقة    دعاء ياسين: أحمد السقا ممثل محترف وطموحاتي في التمثيل لا حدود لها    هيئة الرقابة النووية والإشعاعية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الايزو 9001    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    مصرع طفل وإصابة آخر سقطا من أعلى شجرة التوت بالسنطة    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    موقف طارق حامد من المشاركة مع ضمك أمام الأهلي    وفد سياحي ألماني يزور منطقة آثار بني حسن بالمنيا    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: القطاع الخاص لعب دورا فعالا في أزمة كورونا    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    «التنمية المحلية»: فتح باب التصالح في مخالفات البناء الثلاثاء المقبل    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    مجهولون يلقون حقيبة فئران داخل اعتصام دعم غزة بجامعة كاليفورنيا (فيديو)    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    حملات مكثفة بأحياء الإسكندرية لضبط السلع الفاسدة وإزالة الإشغالات    «الداخلية»: تحرير 495 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1433 رخصة خلال 24 ساعة    الصحة: الانتهاء من مراجعة المناهج الخاصة بمدارس التمريض بعد تطويرها    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    حمد الله يتحدى ميتروفيتش في التشكيل المتوقع لكلاسيكو الاتحاد والهلال    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    حزب الله يستهدف مستوطنة أفيفيم بالأسلحة المناسبة    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    أخلاقنا الجميلة.. "أدب الناس بالحب ومن لم يؤدبه الحب يؤدبه المزيد من الحب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بريد الجمعة يكتبه أحمد البرى
الحقيقة القاسية
نشر في الأهرام اليومي يوم 16 - 08 - 2013

أكتب إليك طالبا النصح والإرشاد, فأنا واحد من عشاق بريد الجمعة في التاسعة والعشرين من عمري وأنتمي الي أسرة متوسطة لأبوين يعملان بالتدريس ولي أخت واحدة, وقد ربانا والدانا علي القيم الجميلة والتدين واحترام الآخرين, ويشهد بذلك من حولنا.
ومرت بنا الحياة بحلوها ومرها, حتي تخرجت في الجامعة وعملت بشركة كبري, واتجهت أختي الي العمل بالتدريس.. وظللت طوال حياتي بعيدا عن الاحتكاك بالبنات, ولم تكن لي أي تجارب عاطفية علي الاطلاق, واقتصرت علاقتي بهن علي الزمالة فقط, ولا أخفيك سرا أن واحدة منهن تتمتع بالجمال الهادئ قد لفتت نظري وأحسست براحة نفسية من مجرد النظر اليها, لكن لم أجرؤ علي أن أبوح لها بحبي بعد تفكير عميق في وضعي المادي, فأنا مثل شباب كثيرين في مستهل حياتهم لا أملك ما يساعدني علي الارتباط قبل التخرج والعمل, وقد قطعت عهدا علي نفسي ألا أفاتحها في الزواج هي أو غيرها خوفا من أن أتعرض للرفض, كما أن أبي وأمي لا يميلان الي التجارب المتسرعة في الزواج, وأعرف موقفهما جيدا من خلال حديثهما في الجلسات العائلية.. وركزت كل جهدي في عملي واستكمال دراساتي العليا.
وخلال ما يقرب من عام وجدتني في وضع مادي أفضل فشجعني ذلك علي أن أبحث عن نصفي الآخر واستقر رأيي علي زميلة تعمل معي في الشركة بالقسم نفسه فصارحتها برغبتي في أن نكمل معا مشوار الحياة ففاجأتني بأنها تمت خطبتها مرتين لكنها لم تجد مساحة مشتركة من التفاهم مع أي من الخطيبين اللذين تقدما لها فسكت ولما عدت الي المنزل عرضت الأمر علي والدتي فردت علي بأن فشل خطبتها مرة أو مرتين لا يعني أنها ليست جيدة أو بها عيب ما, وعلينا أن نزورها لكي نتبين الأمر عن قرب وحتي لا نصدر قرارات أو نتخذ مواقف بلا سبب واصطحبتها معي في زيارة للتعرف علي أسرة فتاتي, وما إن وقعت عيناها عليها حتي همست في أذني بأنها غير مريحة, ولم أقتنع بكلام أمي وأصررت علي خطبتها, وظللت أحادثها هاتفيا والتقي بها وأؤكد لها أنني متمسك بها, ونزولا علي إرادتي عرض والدي وعمي استعدادهما لزيارة أسرتها, وقد حددت لنا موعدا التقوا فيه جميعا للتعرف, والاتفاق علي التفاصيل, وهناك كانت في انتظارنا مفاجأة جديدة وهي أن أباها أوروبي الأصل وليس مصريا, وهو يعيش في شرم الشيخ بعيدا عن الأسرة التي تقطن بالقاهرة, ولا يتحدث العربية وأنه أسلم وتزوج والدتها وقد سافرا معا الي البلد الأوروبي وعاشا به فترة, حيث أنجبا ابنتهما الوحيدة ثم عادا لمصر منذ خمس سنوات تقريبا, أما فتاتي فهي تتكلم العربية بطلاقة ولم ألحظ عليها أي معالم لعادات وتقاليد الغرب.. المهم انتهت الزيارة ظاهريا بالموافقة, ولكن في طريق عودتنا الي المنزل حدثني أبي عن أنه هو الآخر ليس مقتنعا بهذه الزيجة وحاول أن يصرفني عنها, ووقعت بيننا مشادات كلامية ولكني تمسكت بموقفي فترك لي حرية الاختيار قائلا لي هذه حياتك وعليك أن تتحمل مسئولية ما تراه مناسبا لك.. فعدت الي أسرة فتاتي واتفقت معها علي أن نقيم في شقة بالإيجار تملكها والدتها بشرط أن نسدد إيجارها بعد أن رفضت الإقامة في شقة أملكها ولكنها بعيدة عن مقر عملنا.. وبالفعل قمت بتأثيث هذه الشقة ثم جاء أبوها من شرم الشيخ وتحفظ علي أن الشقة تقع في حي شعبي ولا تليق بابنته التي تسكن في مكان راق, فتأثرت فتاتي بما قاله وطلبت مني أن نؤجر شقة أخري في حي شعبي آخر وتحتاج أيضا الي تشطيب ومجهود كبيرين فسألتها وما الفرق بين الشقتين إذا كانتا تقعان في منطقتين شعبيتين؟ فردت علي بأن خالتها تسكن في المنطقة التي تقع فيها الشقة التي أكملت تشطيبها ولا ترتاح إليها حيث تلجأ دائما الي الدجالين والمشعوذين.. فجلست معها طويلا وأقنعتها بالشقة التي جهزناها وأقمنا الخطبة علي هذا الأساس, وبعدها بأيام ذهبت والدتي إليهم وتحدثت مع والدتها في أمرنا, وما يفعلونه معي وحدثت مشادات بينهما, ففوجئت بخطيبتي تتصل بي وتقول لي: أنت ابن أمك.. تعال خذ الشبكة.. فلن نكمل مشوار الزواج وسوف أترك العمل بسببك فحاولت تهدئتها لكنها رفضت مقابلتي وبالفعل استقالت من العمل وفشلت كل محاولات الصلح, في ظل إصرار كل طرف علي موقفه.. أسرتها بكل تعنتها وأسرتي التي تعيش أوضاعا غريبة ولا يربطها رابط فأبي في حاله, وأمي دائمة الخلاف معه وحدث ما كنت أخشاه بالفعل اذ تم فسخ الخطبة واعادت لي أسرة فتاتي شبكتي.. وهكذا وجدتني أعود الي نقطة الصفر, ولا أدري إن كان الخطأ من ناحيتي أم من ناحيتها؟.
والحقيقة أنني أحسست بأن هناك سرا ما خطيرا يخفيه أبي عنا فعلاقته مع أمي غريبة ولا يتوقف الشجار والخلاف بينهما, وتأكد إحساسي عندما ذهبت لاستخراج قيد عائلي من السجل المدني لأقدمه الي منطقة التجنيد بأنني الولد الوحيد لأبي لتحديد موقفي من الخدمة العسكرية, إذ اكتشفت أن أبي متزوج منذ عشر سنوات من سيدة تصغره بعشرين عاما, وعندما أبلغتني موظفة مصلحة الأحوال المدنية بذلك نزل الخبر علي كالصاعقة, وكتمت هذا السر في نفسي, فلم يكن ممكنا أن افضي به الي أمي التي قد يحدث لها مكروه من هول الصدمة.. ولا أن أفاتح أبي الذي يتصف بالعناد والمكابرة وآثرت أن أحافظ علي الوضع القائم الي أن تتكشف هذه الحقيقة القاسية بشكل طبيعي, وربما وقتها تكون أختي قد تزوجت, فالترابط الأسري عامل مهم في تشجيع الشباب علي الارتباط ببنات الأسر المستقرة وربما لو أشيع أن أبي متزوج من أخري غير أمي تتغير نظرة الآخرين لنا.
وبدا أن اللحظة الحاسمة في علاقتهما قد اقتربت, إذ فكرت أمي في طلب الطلاق ولما عرف أبي بما اعتزمته رفض تطليقها, فلجأت الي طلب الخلع وكلفت محاميا لها بإنهاء الاجراءات في المحكمة وبعد بحث وتحر كشف لها السر الذي كتمته عن الجميع وهو أن أبي متزوج من أخري ولديه منها ابنة عمرها تسع سنوات وما أن علمت أمي بذلك حتي انتفضت واقفة, وطلبت مني أن أتصل بأبي لانهاء اجراءات الطلاق بهدوء وكفاه ما فعله بها وأقنعت والدي ورجوته أن ينهي الموضوع دون شوشرة حتي لا يعلم أحد عنا شيئا.. وجاء المأذون وتم الطلاق الذي شهدت عليه ولك أن تتخيل ابنا يشهد علي طلاق أبويه.. موقف صعب, ولكن ما باليد حيلة وقطعت اختي علاقتها به, وتولت أمي كل مصاريف البيت وساعدتها فيها وفي الوقت نفسه لم أقطع علاقني بأبي من باب صلة الرحم وحرصت علي زيارته في العمل الخاص الذي يعمل به بعد خروجه إلي المعاش وشيئا فشيئا عرفت أنه ليس مرتاحا في حياته إذ إن زوجته تعيش مع أمها وأخيها شبه العاطل في بيت يقع بالقرب من عمله, وتعجبت كثيرا من أنه وهو في سن كبيرة يعيش مع أسرة يشكو منها ويري أنها غير مناسبة له وإذا كان الأمر كذلك فما الذي دفعه للزواج من ابنتهم؟!.
وأعود الي أختي فأقول لك إن كراهيتها لأبي بلغت حدا كبيرا, وخاصة بعد رفضه العديد من العرسان الذين تقدموا لها دون إبداء الأسباب.. أو قل إنه كان يحب الزواج لنفسه ويمنعه عنا.. ومنذ أسابيع بعت شقتي البعيدة واشتريت شقة بالقرب من المكان الذي نسكن فيه وقد عادت خطيبتي السابقة إلي عمل آخر يقع مقره في نفس المبني الذي أعمل به, وأقابلها كثيرا ولكن لا حديث يدور بيننا وأكتفي بالقاء السلام عليها, وهي ترد باقتضاب شديد ومنذ وقت قريب كان عيد ميلادها, وفكرت في أن أهديها باقة ورد ثم اشتريت هدية لم أستطع أن أعطيها لها ومازالت موجودة لدي في الشقة التي لم أنتقل إليها بعد واكتفيت برسالة إليها علي الفيس بوك.. ولم ترد علي.. فانطويت علي نفسي.. ولاحظت أمي حالتي فألحت علي بالزواج وحكت لي عن فتاة تعرفها في مجال عملها, وهي من نفس المستوي المادي والاجتماعي وقابلتها ولكني لم أحس تجاهها بأي شيء.. ولا تعرف أن أبي وأمي منفصلان, ومازلت أفكر في خطيبتي الأولي التي لم أستطع أن انساها, وأنا الآن مشتت الذهن ولا أستطيع أن أتخذ أي قرار, فهل تري حلا لما أعانيه من متاعب وآلام علي المستويين الشخصي والأسري؟.
ولكاتب هذه الرسالة أقول:
العامل المشترك الذي يجمعك مع فتاتك هو التفكك الأسري, فوالدها رجل أجنبي يعيش في شرم الشيخ ويزور أسرته من حين الي آخر ويؤمن بأفكار تتصادم مع طبيعة مجتمعنا, في الوقت الذي تعتقد فيه زوجته في أعمال السحر فلقد حدثتك فتاتك عن أن خالتها تستخدم هذه الأعمال في تحقيق مآرب شخصية للانتقام من هذا أو القرب من ذاك, والحقيقة أنها وافقت عليك بعد خطبتيها الفاشلتين ليس حبا فيك, ولا رغبة في الارتباط بك, وانما لكي تحصل منك علي أكبر مكاسب مادية ممكنة, ونفذت لها ما أرادت فقمت بتشطيب شقة والدتها, ثم فاجأتك بأنها تريد شقة أخري, في الوقت الذي تملك فيه مسكنا لائقا حتي لو كان بعيدا عن العمل.. وهنا تبين أنها سعت لإبعادك عن طريقها بافتعال أسباب غير مقنعة للخلاص منك.. هذا بالنسبة لها.
أما بالنسبة بلك, فإن أباك هو الآخر فكر في نفسه, ولجأ إلي زواج ثان غير متكافئ أثمر طفلة عمرها تسع سنوات لا تعلمون عنها شيئا, وهو تصرف غريب من رجل عمل بالتربية والتعليم ويدرك تماما أن سره الخطير سوف ينكشف مهما يطل الزمن, وكان طبيعيا أن يثير ذلك حنق والدتك عليه ونبذه من حياتها, وأن تأخذ منه أختك موقفا رافضا له, ونسي أو تناسي أن الحل المثالي يكمن في مبدأ المصارحة والشفافية, فيعرض عليها موقفه ويبين لها حاجته لهذا الزواج الذي لن يؤثر عليها ولا علي أسرته, فربما وافقت عليه, واذا لم تقبل به, فيتزوج في العلن باعتبار أن من حقه الزواج شرعا مادامت لديه القدرة عليه, وسوف يعدل بين زوجتيه وفقا لما أوصانا به الحق تبارك وتعالي.. وسيكون باستطاعتها حينئذ إما أن تستمر في الحياة معه وإما أن تطلب الطلاق للضرر.. كما أن زواجه في العلن سوف يساعد علي تنشئة الأبناء بصورة طبيعية معا, هكذا يفعل العقلاء الذين يدركون تماما أنه لا يصح إلا الصحيح وأن عمر الخداع قصير, ومهماتباعدت السنوات فسوف تظهر الحقيقة, ولكن صورته وقتها سيكون قد أصابها التشويه, وانعدمت فيه الثقة, وتحولت حياته الي جحيم, وسوف يترك ذكري مؤلمة تتناقلها أجيال الأسرة كمثال لسوء التصرف.
ولا أتصور والحال كذلك, أن والدتك من الممكن أن تعود الي عصمته, وتقبل أن تكون له زوجة ثانية, ولا يعقل أن يتخلي عن زوجته الثانية بلا ذنب ولديه منها طفلة في حاجة إلي تنشئة سليمة بين أبويها, وربما يكون الحل المناسب هو أن تعرض الأمر علي والدتك من جديد بأن تقبل الأمر الواقع, وأن تسلم له بحقه في الزواج مادام انه لم يرتكب اثما ولا خطيئة, فإذا وافقت علي هذا المبدأ وأقرت به, يمكن لأبيك أن يعيد المياه بينهما الي مجاريها, وإلا فإن عليهما الاحتفاظ بذكريات طيبة وطي صفحتهما الزوجية الي الأبد, فيريح كل منهما الآخر ويستريح.
وعلي كل إنسان أن يكون قويا لا تهزه الرياح ولا تثبط عزيمته العقبات التي تعترض طريقه, وأتذكر هنا قول أبوالقاسم الشابي:
سر مع الدهر, لا تصدنك الأهوال, أو تفزعنك الأحداث.
سر مع الدهر, كيفما شاءت الدنيا, ولا يخدعنك النفاث
فالذي يرهب الحياة شقي, سخرت من مصيره الأجداث
فلا ترهب شيئا, وواجه مشكلاتك بشجاعة, وتذكر دائما قول سقراط: الحياة بدون تحديات, حياة يجب ألا نحياها, من منطلق أن الشدائد تصنع الرجال.. فامسك بزمام الأمور, وأعد حساباتك بدقة, وضع والديك أمام مسئوليتهما, واعطهما الفرصة لاتخاذ القرار المناسب, واما بالنسبة لفتاتك فليكن هناك لقاء أخير بينكما تضعان فيه النقاط علي الحروف, بالارتباط, أو بأن يذهب كل منكما إلي حاله.. أسأل الله لك التوفيق والسداد.. إنه علي كل شيء قدير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.