أنا شاب في سن الثلاثين, وقد تخرجت في إحدي الكليات النظرية والتحقت بإحدي الشركات الكبري, وكنت قد ارتبطت عاطفيا بزميلة لي في الكلية طوال سنوات الدراسة, وجمعنا الحب والتفاهم وقررنا أن نكمل مشوار الحياة معا, وبعد أن استقررت في عملي اتصلت بوالدها لكي أزورهم وأطلب يدها منه, لكنه رفض أن يتكلم معي أو يقابلني لأنني أحادثه من تلقاء نفسي وليس معي من أهلي رجل كبير يمكن أن يتفاهم معه, فقلت له: إنني رب الأسرة لأن والدي متوفي, لكنه أصر علي موقفه, وبعد ستة أشهر توفي والدها فقدمت واجب التعازي فيه, ومرت أشهر وطرقت باب فتاتي من جديد لكن الرفض جاء هذه المرة من والدتها, فحاولت أن أشرح لها ظروفي بأنني أشغل وظيفة متميزة وأتقاضي أجرا مناسبا, ولدي شقة, والأهم من ذلك كله أنني وفتاتي متفاهمان, وأحسست في نهاية اللقاء أنها علي استعداد لمقابلة أسرتي, فأخذتهم في زيارة تعارف, لكن والدة فتاتي قابلتهم مقابلة سيئة جدا, وعشت يومها موقفا عصيبا, وأنا أري نظرات الاستعلاء منها, في الوقت الذي تصبب فيه أهلي عرقا, وبعد أن غادرنا البيت عنفوني بشدة, فلم أنم ليلتها, واتخذت قرارا بالابتعاد عن فتاتي, فاتصلت بها وأبلغتها بذلك, فانهارت باكية ورجعت إلي أمها وتوسلت إليها أن توافق علي الارتباط بي, وبذلت محاولات عديدة لإثنائها عن موقفها فتظاهرت أمها بالموافقة وقالت لها: أنا موافقة لكن انت المسئولة عن هذا الزواج, ففرحت فتاتي وأبلغتني بموافقتها في الصباح الباكر. وذهبت إلي عملي فإذا بسيدة تطلب مديري علي الهاتف وتخبره بأنني نصاب وأنني أخذت من ابنها وأصحابه مبالغ كبيرة نظير تعيينهم في الشركة التي أعمل بها, فأقسمت للمدير بأن هذا لم يحدث, وأن والدة فتاتي تفتعل أي شيء لتشويه صورتي, فابنها الذي تتحدث عنه يعمل مهندسا في شركة معروفة ولا أعرف له أي أصدقاء, وهنا أدركت أنني أسير في الطريق الخطأ وأن علي أن أبتعد عن فتاتي بعد قصة حب دامت خمس سنوات. وركزت اهتمامي في عملي لكن خيالها لم يفارقني لحظة, إذ لا ذنب لها فيما يفعله أهلها, ومر عام كامل وأنا أعيش حياتي بلا هدف, ولم تعرف البسمة طريقها إلي, وغيرت أرقام تليفوني لكي أقطع كل صلة بالماضي الحزين, ووجدتني أنشغل بزميلة لي في الشركة, ونمت علاقتنا وقررنا الارتباط, وبالفعل خطبتها منذ ثلاثة أشهر. ولا أدري ما الذي جذبني إلي فتاتي الأولي من جديد, فلقد أمسكت بسماعة التليفون واتصلت بها, وتحدثت معها فيما حدث لنا, وأحسست بمشاعري تتدفق إليها من جديد, وأخشي أن تؤثر علاقتي بها علي زواجي من فتاتي التي ارتبطت بها, فهل أتعامل معها علي أنها ذكري جميلة وأكمل مشواري مع فتاتي الجديدة؟ إن الحيرة تقتلني فبماذا تشير علي؟ ولكاتب هذه الرسالة أقول: أنت تعيش حالة تخبط واضحة, وتطلق العنان لتصرفاتك دون أن تحسب ما قد يترتب عليها من نتائج سلبية تنعكس عليك شخصيا, فإذا تتبعت مسيرتك منذ البداية تجد أنك لم تستقر علي حال, والواضح أنك كنت تتخذ الأمور دائما من باب جس النبض واللعب بالعواطف دون أن تكون محددا وحاسما في أي أمر منها, لذلك كان من الطبيعي أن يتوجس والد فتاتك الأولي خيفة منك, وأن يرفض ارتباط ابنته بمن ليس أهلا لقيام حياة زوجية مستقرة. ولو أنك وضعت نقاط الحروف من البداية واتخذت لنفسك مسارا عاقلا, لما حدث كل ذلك, وحتي بعد أن ابتعدت عنها عاما كاملا, بل وارتبطت بفتاة أخري, إذا بك تحاول من جديد أن تنكأ الجراح القديمة, وتخون الثقة التي وضعتها فيك فتاتك الثانية التي ليست لها جريرة فيما فعلته. أيها الشاب المتهور.. اقطع صلتك بفتاتك الأولي ودعها وشأنها وكن صادقا مع فتاتك الثانية وتقرب منها وصارحها بكل ما في حياتك, وابنيا معا حياة هادئة مستقرة, فما تفعله الآن لن تجني منه سوي الحسرة والندم.