زادت معدلات الطلاق بشكل غير مسبوق، وقد تناولنا فى بريد الجمعة الماضى عددا من التجارب التى روى فيها كاتبوها ما حدث معهم فيما يتعلق برؤية أبناء الطلاق، ومن بين ما تلقيته من آراء ومواقف حول هذه القضية ما يلى: { د. أحمد محمود يسرى أحمد الأستاذ بجامعة حلوان: أحب أن أوضح أن السَبب الرئيسى فى الزيادة الرهيبة لمعدلات الطلاق بمصر هو العوار الشَديد فى قانون الأحوال الشَخصية الحالي وانحيازه التَام للزوجة بالمخالفة للشرع على حساب أهم وأبسط حقوق الزوج، وذلك حتى لو أن الزوجة هى من ترغب وتصر على الانفصال، ولأسباب غير قوية على الإطلاق، وهو الحادث للأسف بالنسبة الساحقة من حالات الطلاق..هل تعرفون لماذا تٌصر الزوجات على الطلاق، حتى ولو بدون أى سبب حقيقي؟.. إن السبب هو أن الزوجة تعلم جيداً أن الطلاق سيكون أكبر وأقوى إنتقام رهيب ومُستمر طول العُمر من مطلقها، فالقانون الحالى يعطى الزوجة المٌطلقة حضانة آبدية للأولاد «الصبى حتى 15 سنة، وبعدها يُخَيرّ، وبالطبع سيختار أمه لأنها مصدر الدلع والتساهل، والبنت حتى تتزوج، حتى لو تزوجت فى أواخر الثلاثينات، وتأخذ الزوجة أيضاً مسكن الزوجية بكل متعلقاته وللآبد حتى زواج أخر بنت، وستأخذ مؤخر الطلاق بآلاف الجٌنيهات، و ستأخذ نفقة مٌتعة بآلاف الجٌنيهات حتى لو كانت قد أمعنت فى عدم إمتاع زوجها طوال فترة زواجهما، وتأخذ الزوجة أيضاً نفقة شهرية ضخمة للغاية تصل إلى ثلاثة أرباع دخل زوجها لمدة عشرات السنوات بعد الطلاق حتى زواج أخر بناتها، وبالتالى أصبح الطلاق هو سلاح «الانتقام الرهيب» للزوجات، وأصبح الطلاق هو «السبوبة» الدائمة الآبدية التى تأخذ بها المطلقة أموال طليقها دون تكبد عناء تحمل حياتها معه، وأصبح الرجل يٌلقى به إلى الشارع ويحرم من شقى عٌمره بالكامل، بل ويٌحرم من أى أموال تسمح له بتكرار تجربة الزواج من إنسانة أٌخرى تراعى ربها فيه. هل يُعقل أن يكون ترتيب حضانة الأب لأولاده بقانون الأحوال الشخصية المصرى الحالى هو رقم 16 فى حين أن ترتيبه فى كل قوانين دول العالم «اسلامية وغير إسلامية» هو التالى بعد الأم مباشرة إذا توفيت لا قدر الله أو تزوجت بآخر، وهل يُعقل أن يَكون سن إنتقال الحضانة فى كل قوانين دول العالم هو 7 سنوات للصبى و9 سنوات للبنت، وفى مصر تكون الحضانة آبدية للأم دون الأب؟، وهل يعقل ألا يسمح للأب إلا برؤية ابنه (دون لمسه) لمدة 32 يوما طوال 18 عاما، لأن القانون يسمح للأم بالتغيب عن موعد الرؤية - 3 ساعات إسبوعياً - كما يحلو لها بأى عذر، وإذا انتقلت الحضانة منها تذهب إلى والدتها، وتعود لها مرة اخرى بعد 3 أشهر، و لا عزاء للأب المكلوم الذى يتمنى رؤية وتقبيل ابنه؟.. ما هذا القانون شديد العوار الذى جعل الشباب فى مصر يهربون من الزواج وبلغ عدد الفتيات اللاتى لم يتزوجن تسعة ملايين فتاة؟ إن الرجوع بسن انتقال الحضانة إلى 7 سنوات للصبى و9 سنوات للبنت هو البند الذى يجب فوراً تغييره بقانون الأحوال الشخصية، لأنه ببساطة البند الوحيد الذى سيجعل ملايين الزوجات يندفعن صبيحة اليوم الذى يَلى التَعديل نحو المحاكم ليسحبن قضايا الطلاق للضرر، وقضايا الخُلع ضد أزواجهن خاصة أن غالبيتها العُظمى بدون أى سبب قوى.. أرجوكم إنقذوا الأسرة المَصرية من الانهيار التَام. { حبيب توماس: أشكرك على نشر رسالتى عما حدث مع حفيدى من ابنتى، من أب مجحف حضر الرؤية لمدة 3 شهور سنة 2011 وتغيب بناء على تعليمات والدته امام عينى.. أب لم يدفع نفقة سوى 1000 جنيه آخر سنتين، وقدم هذا المبلغ الهزيل بأوراق نقدية لا تصلح للتداول.. أب ليست له شخصية، واخته أهم شئ فى حياته، أما زوجته فهى الخادمة، والمرة الوحيدة التى أحضر فيها هدية لابنه كانت بالونة، وعند الانصراف أخذها معه.. زوج لم يشتر لزوجته طوال 17 سنة هى الفترة التى قضتها معه سوى طقم ملابس واحد للخروج، وفى كل مناسبة أعياد او خلافه يقول لها: «روحى لأهلك يجيبوا لك».. زوج دخله 6500 جنيه بمستندات رسمية من جهة عمله، ويرفض أن يصرف على زوجته وابنه، ويرفض دفع النفقة. هل هذا الأب من حقه رؤية، أو استضافة، أو أن يشارك فى تربية ابنه؟، وهل من المفروض أن يذهب الطفل الى أهل أبيه، وهم لم يفكروا ولو مرة واحدة أن يسألوا من بعيد عن طفلهم؟ لقد أردت اطلاعك على جانب آخر مما يفعله بعض المطلقين، ومن باعدوا بينهم وبين زوجاتهم، والضحايا فى النهاية هم الأطفال.. أسأل الله أن يقويك ويجعلك سندا للمظلومات من أمهات مطلقات، وأقول لك: إذا زرت مكان الرؤية سترى العجب! ولكاتبى هاتين الرسالتين أقول: لاشك أن الطلاق أكبر تهديد يواجه الأسرة، ويؤثر فى مستقبل الأبناء، فهو النهاية المؤكدة لعلاقة أسرية لم يحالفها النجاح، والآثار السلبية المترتبة عليه يتسع نطاقها فى حالة وجود أطفال، ويجب على الأبوين المنفصلين إدراك هذا الأمر بشكل واضح، وأن يتحملا المسئولية المترتبة عليه. إن الانتقال للمعيشة بين منزلى الأم والأب، يكرس الشعور لدى الطفل بعدم الاستقرار،ويؤثر ذلك فى سلوكياته، ويصبح أكثر عرضة للمشكلات السلوكية، والأمراض الصحية، والاضطرابات النفسية، والشعور بالحرمان، ونقص الإشباع العاطفي، بما ينعكس على تحصيله العلمي، ويؤدى إلى تراجعه دراسياً، لافتقاره الأجواء الأسرية الصحية، ومن هنا يجب على الآباء والأمهات التواصل بشكل فعال مع أطفالهم بعد الطلاق، وإدراك أن الانفصال ربما يكون أسهل على الأطفال حينما يتم التمهيد له بشكل صحيح، عن طريق مناقشتهم فيه، ومشاركتهم الأمر بهدوء، والتأكيد على أنهم لا علاقة لهم به، ويجب على الوالدين مراعاة الاحترام المتبادل فيما بينهما، وعدم تقليل طرف من شأن الآخر، وإخفاء الخلافات والمشاكل العالقة بينهما أمام الأبناء، حتى لا يكونا سببا فى شقائهم، وتدمير حياتهم. ومن المهم التواصل الدائم والمستمر مع الأبناء، بحيث تسود لقاءاتهم أجواء إيجابية مفعمة بالحنان، ومراعاة تجنب استجواب الأطفال عما يحدث فى المنزل الآخر، كما أنه من الضرورى اتباع الوالدين «سياسة متزنة» فى التفاهم على معاملة أبنائهما سواء كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر، وتجنب الدخول فى المقارنات مع الطرف الآخر. إن الوعى والإدراك والاهتمام والحرص على مصلحة الأبناء من الطرفين، أمور لا غنى عنها للصغار، ويجب تغليب مصلحتهم على أى مصالح أخرى حتى يشعروا بالاستقرار، ويتأقلموا مع التغيير المفاجئ الذى طرأ على حياتهم دون ذنب، ولا أبالغ إذا قلت أن الطلاق من الممكن أن يكون تحولاً إيجابياً فى حياة الأطفال إذا جرى بطريقة صحية وتربوية من خلال التمهيد له بشكل صحيح، عن طريق مناقشتهم ومشاركتهم الأمر بهدوء.