فجأة تراجعت سخونة أخبار الانتخابات الرئاسية, وأصبحت الكلمة العليا للفراخ المجمدة التى تباع بالشوارع ( 4 فرخات ب50 جنيها). لا نحتاج دليلا جديدا على أننا شعب أكول تحركه معدته نحو وجهته صاغرا مستسلما,لا نتورع عن تأجيل أحلامنا السياسية ولو مؤقتا حتى نخمد أصوات أمعاء تتلوى جوعا, ولا مانع من إرجاء التفكير فى قائمة المطالب من الرئيس القادم مقابل تلبية رغبة عاجلة,محمومة فى التهام فرخة مشوية لا يمكن تفويت فرصة خفض سعرها لسبب لا يزال خافيا! الغريب أننا نثير ضجيجا ونشكو الحكومة لله عندما يرتفع سعر السلع وتصبح فوق مقدرتنا الشرائية,وبنفس العزم والإرادة أثار بعضنا نفس الصخب عندما انخفض سعر الفراخ بلا سبب وأصبح سعر الأربع منها بسعر فرخة,لتسيطر على هؤلاء نفس أعراض الحالة (صراخ وشكوى إلى الله) من الحكومة التى تطرح لنا فراخا فاسدة,اتساقا مع الموروث الاجتماعى الفاسد هو الآخر بأن (الغالى ثمنه فيه,والرخيص للرخيص)! ولأن البعض يحب ألا يضيع فرصة هذا الجدال المجنون لركوب الشهرة ولفت الأنظار,قفزت برامج ال (توك شو) المسائية على هوجة (الفراخ الرخيصة) وتنافست على طبخها فى فقرة الطبخ,وتسابق مقدمو البرامج على التهامها أمام الشاشات بلذة ونهم يثير لعاب المشاهد المذعور! ولم تفوت بالتأكيد الفرصة اللجان الإلكترونية الإخوانية, فأخذت تبث الأخبار المفبركة والخبيثة والمتضاربة أيضا عن الفراخ (المحسودة),فتارة تقول اللجان إنها رشوة حكومية فى وقت الإنتخابات,وتارة أخرى تحذر من أكلها بزعم أنها منتهية الصلاحية أو محقونة بمواد مسرطنة. موقعة (الفراخ) أثبتت أننا شعب مرهق يحتاج مراجعة سيكولوجية (نفسية) بعد أن أعيتنا عقود ماضية اتسمت بغموض المسار السياسى والفساد الاقتصادى وشيوع المتناقضات من حولنا وعدم الاطمئنان لأخذ الحقوق عبر القنوات الشرعية,وضعف الرقابة على حركة الأسواق,لكن كل ماسبق لم يمنع السؤال الهامس الذى دار بين المواطنين مؤخرا:(اشتريت الفراخ إياها ؟). [email protected] لمزيد من مقالات شريف عابدين