تحولت قرية مطش التابعة لمركز كفر صقر بالشرقية إلى سرادق عزاء مفتوح، و كان المشهد أكثر مأساوية بعد فقد أسرة لعائلها وابنها الأكبر فى الحادث الارهابى الغادر حيث مازالت تفاصيل المذبحة تسيطر على الأم وبناتها وشهادات المصابين التى ترددت عن استعطافه للإرهابيين ورجائه لهم ترك ابنه يعود ليرعى والدته وأشقاءه من بعده دون أن يهتز لهم جفن. داخل منزل العائلة الذى امتلأت طرقاته وواجهاته بالمعزين الرجال، جلست الأم المكلومة هناء تسترجع بداية سفرها للروضة، والدموع تنهمر على وجنتيها قائلة» نعيش منذ 20 عاما فى القرية الهادئة حيث اصطحبنى زوجى محمد ابراهيم شعيشع ويعمل بالوحدة المحلية بالقرية دون أن نشهد أى أحداث إرهابية أو انفجارات كما يحدث فى العريش وبعض المناطق الأخري. وتروى الأم المكلومة قائلة: كنت وابنتي بالمنزل نستمع لشعائر الصلاة، وفجأة بدأنا نسمع صوت انفجارات ومن بعدها طلقات رصاص قبل ان يتجاوز المصلون سجدتهم الأولي، هرعنا للنوافذ والأسطح علنا نرى شيئا نستوضح منه الأمر لنفاجأ بالسيارات مشتعلة وأصوات الرجال وصرخات الألم والشهادة تتوالى عبر ميكروفونات المسجد التى توقفت عنه أصوات الخشوع، وحلت بدلا منها أصوات الألم وطلب النجدة. وسارعنا للاتصال بالاسعاف والشرطة والجيش، وحينما حاولنا الذهاب للمسجد للحاق بأزواجنا منعنا الشباب ممن تأخروا عن الصلاة ووصلوا بعد الإقامة، ومع وفود الاسعاف والقوات سارعنا للدخول لتحرى ذوينا وكنت ابحث عن نجلى وزوجى كالمجنونة وكانوا أمامى ولم أرهم من كثرة ما غطتهم الدماء، وكنت قد استغثت بأسرتى فى الشرقية فعاودنا البحث فى المستشفى وهناك ابنى وزوجى وقد فاضت روحاهما، وأصررت على اصطحابهما للدفن بمسقط رأسنا ببلدتنا. وتستطرد فى لوعة كمدا على ابنها «كان نفسى أفرح به». فيما تروى الابنة الكبرى وهى تحترق حزنا على والدها وشقيقها أن شقيقها الطالب بالصف الثالث الثانوى كان نموذجا للهدوء ودماثة الخلق، حتى ان كل من يعرفه أو سمع عنه بكى حزنا عليه، وأنها مازالت غير مصدقة لما حدث وما رأته بعينها من ويلات واشلاء وهى تبحث عن أبيها وشقيقها بين الضحايا ولا تصدق انها لن تراهما مرة أخري.