◄ الأهالى يدفنون شهداءهم فى مقابر جماعية ويؤكدون استمرارهم فى محاربة الإرهاب ◄60% فقدوا أطفال ورجال أسرهم بالكامل ولم يبق إلا السيدات
حالة من الحزن تخيم على قرية الروضة ومحيط المسجد.. الطرقات والشوارع تبكى على الضحايا الأبرياء كل البشر يتساءلون «بأى ذنب قتلوا» هؤلاء الأبرياء. النساء تتشحن بالسواد والموت كمدا يخنق صدورهن..مناظر الدماء لا تفارق عيونهن حسرة على الشهداء. قرية الروضة تحديداً واحدة من أهم قرى شمال سيناء، فهم يطلقون عليها قرية المجتمع الملائكى لما تتمتع به من أمن وأمان ولما يتميز به اهلها من حسن ودماثة أخلاقهم فى تعاملهم مع الناس، وفى مشهد حزين كفن أهالى القرية جثث ذويهم دون تغسيل باعتبارهم شهداء وقاموا ليلاً بدفنهم فى مقابر جماعية بالقرية . القرية تبعد عن مدينة العريش 35 كيلو مترا ويعمل معظم سكانها فى تجارة الملح والزراعة، بها مسجد وحيد هو مسجد الروضة معظم أهلها ينتمون الى قبيلة الجرارات هذه القبيلة فقدت نصف رجالها فى هذه القرية فقط، ولكن باقى افراد القبيلة منتشرون وبشكل كبير فى كل ربوع سيناء والتى اجتمعت أمس بالكامل فى قرية الروضة ومن داخل قرية الروضة .. عدد كبير من رجال القرية يعيشون فى حالة شرود ذهنى من هَول المجزرة، ومن نجا يتحدث بصعوبة عن الثأر للدماء فى كل مكان داخل وخارج المسجد، وفوارغ طلقات الرصاص الذى قتل المصلين فى كل ناحية، ومتعلقات القتلى المتناثرة خارج وداخل المسجد، رجال الأمن يحيطون بالقرية من كل جانب ورائحة الدماء تزكم الأنوف، السيدات فى منازلهن فى حالة حزن عميق الرجال بالديوان الأساسى للقرية لا يتكلمون عن الواقعة الحديث كله عن كيفية دحر الإرهاب الأسود اجتماعات مغلقة على مدار الساعة بين شباب القبائل، قبائل سيناء بالكامل تجتمع بقرية الروضة للتخفيف عن الأهالى وبيانات من اتحاد القبائل تصدر بأن القبائل لن تأخذ العزاء حتى تثأر لدماء الشهداء لا بكاء ولا صراخ ولا نواح داخل القرية الألم فقط وخاصة على الأطفال الذين قتلوا بدماء باردة ومنهم من يتحدث عن ان الارهاب كان مصرا على قتل الاطفال ، وبعض الأهالى يتحدثون عن مبادرة رجل الأعمال فريد خميس فى بناء المسجد وإعادة ترميمه. فى البداية يقول عبد القادر مبارك من قبيلة الجرايرات والذى فقد 50 شخصا من ابناء عائلته ان القبيلة واهالى سيناء جميعا لن يتركوا ثأرهم ضد الخونة المرتزقة العملاء واشار الى ان قرية الروضة فقدت 60 % من رجالها واطفالها وان جميع منازل القرية اصبحت سيدات فقط حتى الأطفال قتلوهم ولم يرحموهم ومنهم أطفال لم تتجاوز أعمارهم الست سنوات وكعادة أهالى القرية فإن الأب يأخذ ابنه معه إلى المسجد لكى يعوده على الصلاة ولهذا ارتفع عدد الضحايا من الاطفال والذين تجاوز عددهم 25 طفلا بريئاً لم يرتكبوا اى ذنب يأتى ذلك فى الوقت الذى قام فيه اتحاد قبائل سيناء بإعلان بيان على لسان الشيخ المنيعى نعى فيه شهداء عملية الإجرام الارهابية الفاشى الذى استهدف المصلين من أبناء سيناء فى بقعة من أطهر بقاع سيناء «مسجد الروضة» التى استهدفت فيها قطعان التكفيريين الارهابيين بالعبوات الناسفة المصلين فى المسجد فى صلاة الجمعة وهم يؤدون الركعة الثانية وذلك بعد تحضيراتهم للاحتفال بمولد رسول الرحمة صلى الله عليه وسلم وإقفال ابواب المسجد وقتل جميع المصلين ويتم اطلاق النار عليهم بأقصى درجات الجبن والكراهية لأهالى القرية الذين قاطعوهم وطردوهم وطاردوهم انتقاماً لأبنائهم ممن قتلوا على ايدى الغدر والخيانة وبعد حضور سيارات الاسعاف والطوارئ للمنطقة اطلقت مجموعة من الارهابيين عليها وابلاً من الرصاص ولاذت بالفرار. ويضيف عبد القادر: ما حدث مجزرة لم تحدث على مدى التاريخ بهذه الوحشية، قائلاً: حتى لو قدمنا كل أطفالنا ورجالنا لن نتوقف عن محاربة الإرهاب الجبان، وأن كل قبائل سيناء جاهزون لتقديم يد العون لذوى الضحايا والمنكوبين بكل ما نملك لتجاوز أثر هذه الجريمة البشعة وهذا ما أكده اتحاد القبائل ونحن هنا فى سيناء نطالب السلطات بأن تزيد من اهتمامها فى سبيل سرعة التحرك على الأرض مما يساعد على الاستقرار وانقاذ ما يمكن انقاذه وتدارك الموقف بما يخدم الأمن والاستقرار فى سيناء الحبيبة . واضاف أن أراضى سيناء يجب ان تكون خالية من العنف المضاد ولن نسمح لأى يد خارجية بأن تتطاول على ابنائها وأهلها وسندعم اى حراك يساعد على استقرار بلادنا ويجنب المدنيين الأبرياء وعن استهداف الارهابيين مسجد الروضة، قالت شيماء مشالى من اهالى القرية وباحثة فى شئون سيناء : إن الارهابيين قاموا منذ عشرة ايام بالهجوم على القرية وطلبوا منهم الحماية ولكن أهالى القرية رفضوا وأبلغوا عنهم، فقالوا لهم «أنتم كفرة ومرتدون ومشركون بالله» لأنكم - على حسب وصفهم - تتبعون طرق الشيعة واننا سنقتلكم جميعا وتركوهم وتم إبلاغ الأجهزة الأمنية بما حدث وفى هذا اليوم المشئوم كان اهالى القرية يجتمعون كعادتهم قبل صلاة الجمعة فى مجلس معد خصيصا لابناء القرية بجوار المسجد لترتيبات الاحتفال بالمولد النبوى الشريف. واضافت شيماء انه من الغريب الإصرار الكبير من قبل الارهابيين على قتل الاطفال الصغار بطريقة وحشية ولم يتركوا احدا. ومن داخل قرية الروضة حيث الحزن والخراب وآثار الدماء التقينا السيدة هناء إسماعيل وهى تعمل بالقرية كرائدة لمشروع الرائدات الريفيات وبصوت مملوء بالحزن تقول لقد فقدت زوجى وابنى ووالدى الجميع رحلوا فى غمضة عين وكأنه حلم ولا أستطيع أن أصدق حتى الآن ما حدث وقالت تطيب زوجى ونجلى يوم الجمعة كالمعتاد وذهب قبل الصلاة بساعة كاملة كعادة أهل القرية أن يجلسوا مع بعضهم قبل الصلاة للتشاور فيما يخص أهالى القرية، وأضافت: أثناء الصلاة سمعنا صوت الرصاص وبشكل كبير فخرجنا من منازلنا لنجد الدماء فى كل اركان المسجد وتحول السجاد الاخضر الى اللون الاحمر بدأت ابحث عن زوجى فوجدته بجوار نجلى والدماء تسيل فى كل مكان بالمسجد والجميع يصرخ طالبا الاسعاف حتى هذه اللحظة لا نصدق ما حدث. وعجزت هناء عن الكلام وانخرطت فى البكاء فيما تحدث آخرون عن «ملاك المسجد» أو الشيخ فتحى الطنانى مؤذن المسجد هكذا عليه يطلق اهالى القرية وبئر العبد فى سيناء، نظرا لأخلاقه العالية وحبه لخدمة الجميع، وقد شيد المسجد مع اهالى القرية فى فترة سابقة ودائما تجده يمد يد العون للجميع بالخير، خاصة فى شهر رمضان فالجميع يعلم من هو الشيخ فتحى الطنانى لأنه كان دائما فى شهر رمضان المبارك يقف على الطريق السريع لإيقاف المسافرين للافطار بالقرية ولهذا اشتهر عنه فى هذه المنطقة اسم الملاك، فجميع اهالى سيناء يعرفونه لا يفطر فى رمضان قبل ان يفطر الصائمون الذين تضطرهم ظروفهم للسفر فى رمضان فى هذا التوقيت، وكان يقول: المكان بعيد وطريق السفر طويل والمسافر يحتاج إلى من يساعده ويقدم له الإفطار رحمة الله عليه. حاولت الحديث مع أهالى القرية لكن الحالة النفسية وحجم المأساة جعلاهم يتكلمون كلمات قصيرة، وكأنهم هم الموتى والشهداء أحياء.. عيونهم زائغة وقلوبهم حائرة وأجسادهم أصبحت هزيلة من البكاء والأسي.