الترويج للشائعات والمعلومات المغلوطة أو المنقوصة أو المجتزأة، هواية وصنعة تجيدها وسائل الإعلام الغربية المعادية لمصر، لا تمل من تكرارها فى معظم الأخبار والتقارير التى تبثها عن الشأن المصري، حتى وإن كان ذلك يحدث مع أخبار وأحداث تبدو صغيرة أو شديدة المحلية. ظهر ذلك مثلا من خلال ترويج وكالتى «رويترز» و»أسوشييتدبرس» للأنباء شائعات عن توقيع مصر اتفاقا مع ألمانيا لمكافحة الهجرة غير المشروعة، وهو ما نفته مصر لاحقا بشكل رسمي، موضحة أن الأمر مجرد «مذكرة تفاهم» توصل إليها الجانبان فى هذا الشأن. ومن ذلك أيضا ادعاء أسوشييتدبرس تعرض أوتوبيس «سياحي» لحادث تصادم مع سيارة نصف نقل بكوبرى بنى سويف، ثم تبين بعد ذلك أن الأوتوبيس لا يقل أى سائحين، فضلا عن أن الوكالة حرصت على ربط الحادث بنبذة - من جانبها - عن سوء أوضاع حالة الطرق ونظم المرور فى مصر، فى إطار محاولتها لتصوير مصر على أنها دولة «مفزعة» و«مخيفة» ولا تصلح للعيش فيها، لا للمصريين ولا للأجانب، حتى وإن كانت هناك بالفعل مشكلة طرق وارتفاع كبير فى نسب حوادث المرور، وهو أمر لا ينكره أحد. واستمرارا لهذا النهج، بثت وكالة أسوشييتدبرس خبرا بتاريخ 28 أغسطس 2017 بعنوان «مصر تعتقل مسئولة كبيرة فى قضية فساد»، حول اعتقال نائبة محافظ الإسكندرية، والتى وصفتها الوكالة خطأ بأنها أكبر مسئولة يتم القبض عليها فى قضية فساد، وهى معلومة غير صحيحة الهدف منها الترويج لأن مصر لم تبدأ فى محاربة الفساد إلا الآن، فى حين سبق القبض على عدد هائل من كبار المسئولين بتهم الفساد منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى مهام الرئاسة، ومنهم على سبيل المثال وزير الزراعة سابقا، والذى كان بطلا لقضية فساد شهيرة. ومن بين الأمثلة على ألاعيب إخفاء المعلومات والحقيقة والتلاعب بها، واجتزاء الأخبار، بثت هيئة الإذاعة البريطانية «بي.بي.سي.» خبرا يوم 31 أغسطس 2017 بعنوان «مصر .. ارتفاع عدد المواقع والمدونات المحجوبة إلى 407»، مشيرة إلى بيان صادر عن المجلس العالمى لحقوق الإنسان يقول فيه إن قرارات حجب المواقع المشار إليها يمثل اعتداء مستمرا على حريات التعبير، ولكن دون أن تجرؤ الشبكة البريطانية على الإفصاح عن مضمون ورسائل هذه المواقع التى تم حجبها، وما إذا كان بإمكان هذه المواقع العمل بنفس اللغة ونفس المحتوى ونفس التجاوزات فى دول تتمتع بالحريات الكاملة، أم أنها هى الأخرى ستخضع للقانون ولاعتبارات الأمن القومي. أما شبكة «سي.إن.إن.» الإخبارية الأمريكية، فكانت - شأنها كشأن باقى وسائل الإعلام الغربية - لسان حال لقطر فى أزمتها الأخيرة مع الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب، خاصة عندما نشرت تقريرا بتاريخ 28 أغسطس 2017 بعنوان «قطر .. لا علاقة بيننا وبين الإخوان المسلمين .. والحل يبدأ برفع الحصار»، حول تصريحات المدعو سيف أحمد بن سيف آل ثانى مدير مكتب الاتصال الحكومى بقطر التى نفى فيها صلة حكومته بجماعة الإخوان، مستنكرا ما وصفه بالادعاءات المصرية التى تؤكد صحة ذلك. كما بثت الشبكة نفسها تقريرا فى اليوم نفسه يتضمن هجوم المدعو أحمد الرميحى مدير المكتب الإعلامى بوزارة الخارجية القطرية على إعلامى مصرى بارز، واصفا إياه بأنه «نكرة»، إثر تأكيد الإعلامى أن الحجاج القطريين طالبوا تميم بن حمد ب«الرحيل». كما بثت الشبكة نفسها تصريحا للمسئول القطرى نفسه فى يوم 26 أغسطس بعنوان «دول الحصار تصرف الملايين على حملة تشويه، ونحن ننفق على مصلحة الوطن». ولا ندرى هنا لماذا وصل الحال بشبكة عملاقة مثل سى إن إن لكى تضع نفسها موضع الدفاع عن الموقف القطري، والناقل لكل ما يقوله من اتهامات وعبارات غير لائقة ضد خصوم الدوحة، وكيف ترتضى الشبكة الأمريكية لنفسها بالقيام بهذا الدور، وبهذه الطريقة، مهما كانت الأسباب والمغريات، ومن أين جاءتها الجرأة لاستخدام هذه اللهجة «القطرية» الخالصة فى عناوينها، دون أن تتبع النهج نفسه مع المواقف المصرية والسعودية والإماراتية والبحرينية، والتى لم تهتم الشبكة بعرضها بنفس القدر من الاهتمام، مع التأكيد على أن أحدا لا يطالب الشبكة بالانحياز للجانب الآخر بنفس هذه الفجاجة! أما آخر هذه الأمثلة، فهو ما بثته «رويترز» يوم 23 أغسطس 2017 بعنوان «البورصة المصرية الأسوأ أداء فى المنطقة»، حول أداء البورصة المصرية الذى يعد الأسوأ فى المنطقة، بحسب وصف الوكالة، بالتزامن مع القرار الأمريكى بخفض المساعدات عن مصر، وهى معلومة لا ندرى من أين جاءت بها الوكالة، ومن هو الخبير الاقتصادى العبقرى الذى قدم لها هذا الربط، وأوقعها فى هذا الموقف المحرج، ومن الذى أوحى لها أن مصر كلها فى حالة «حداد» بسبب قرار خفض المساعدات، التى لا تساوى فى مجملها تقريبا حصيلة مكالمات المصريين على المحمول فى أقل من عام!