يري الدكتور مصطفي كامل السيد, أستاذ العلوم السياسية جامعة القاهرة أن ما يحدث في سوريا يؤثر بكل تأكيد بشكل عام علي الأمن القومي العربي بصفة عامة لأن سوريا تمثل موقعا استراتيجيا مهما حيث تطل حدودها علي لبنان والعراق والأردن وفلسطين المحتلة( إسرائيل) وهذه الدول هي منطقة صراعين رئيسييين في الوطن العربي حيث الصراع العربي الإسرائيلي والوضع غير المستقر في العراق الذي كان طرفا في حربين مع إيران والكويت, وأصبح ضحية للاحتلال العسكري الأمريكي الذي لم ينته تماما فيه حتي الآن. كما أن سوريا دخلت في نمط من التحالفات له أبعاد علي الأمن القومي في كل الدول المحيطة بها فهي متحالفة مع إيران وحزب الله في لبنان ومع المنظمات الفلسطينية التي كانت تقف موقفا مناهضا لمساعي التسوية السلمية مع إسرائيل التي تقوم بها منظمة التحرير الفلسطينية وفضلا علي ذلك فإن التحالفات الدولية لسوريا تضعها في موقف مخالف للمعسكر الغربي الذي تميل إليه معظم الدول المحيطة باستثناء لبنان كما تميل إليه كل دول الخليج مثل تحالفها مع روسيا في مواجهة الغرب وأمريكا يضاف إلي هذا كله أن حزب البعث الذي يحكم سوريا وكان يحكم العراق سابقا ارتبط بالدعوة لتغيير نظم الحكم في العالم العربي علي نحو يتفق مع شعاراته المتمثلة في الوحدة والحرية والاشتراكية التي تدعو للوحدة العربية والتحرر من السيطرة الأجنبية وتوسيع دور الدولة في إدارة الاقتصاد وتحقيق العدل الاجتماعي. ويشير الدكتور مصطفي كامل السيد إلي أن اهتزاز الوضع في سوريا يضعف من قوة تحالفاتها الإقليمية والدولية كما أنه يضعف من الوجود الروسي في المنطقة العربية. ويمكن القول إن آثار ذلك علي الأمن القومي المصري مزدوجة فمن ناحية اهتزاز الوضع في سوريا قد يسمح لبعض الجماعات التي تتبني الكفاح المسلح أن تتخذ من سوريا مسرحا لنشاطها في المنطقة علي نحو يهدد الأمن في الدول المجاورة لسوريا خصوصا في العراق والأردن وبعض دول الخليج العربي ويمكن أن يمتد ذلك إلي بعض الجماعات المسلحة التي تنشط فيها خصوصا في ظل ضعف السيطرة الأمنية الحكومية علي سيناء واتساع نشاط هذه الجماعات في سيناء, ويمكن أن يزيد التوتر بين مصر وإسرائيل. وأظن أن دول الخليج سترحب بسقوط النظام السوري ولكن قضية الآثار السلبية والايجابية التي ستترتب علي سقوط النظام السوري يتوقف علي مدي استقرار النظام الجديد, وقدرته علي فرض السيطرة علي كل أنحاء سوريا. وهناك عامل آخر وهو أن سقوط النظام سيقترن بزياة نفوذ تركيا في مواجهة إيران ونفوذ تركيا داخل سوريا وربما ترحب الدولة المصرية ببروز تركيا كقوة سنية في الشرق الأوسط في مواجهة إيران مما يؤدي إلي توثيق العلاقات بين تركيا ومصر. ويري السفير عبدالرءوف الريدي أن ماحدث في سوريا يعد ضربة قاصمة للنظام السوري وهي ضربة غير متوقعة وستتوالي التبعات والانشقاقات والانهيارات وهذا سينعكس علي الساحة الدولية فمثلا الآن روسيا والصين وإيران وحزب الله سيبدأون في التفكير في التعامل مع هذا الحدث وستؤدي هذه التداعيات بالضرورة لسقوط النظام السوري واستبعد أي تأثير سلبي لما حدث في سوريا علي الأمن القومي المصري بل سينعكي ذلك سلبا علي لبنان وإضعاف حزب الله وبالتأكيد علي غزة. ويقول السفير فتحي الشاذلي, مساعد وزير الخارجية السابق, بداية مصر يجب ألا تصمت إزاء الإجرام والقتل الممنهج الذي يقوم به النظام السوري ضد شعبه, سوريا ليست مهمة ومتحكمة في ملفات إقليمية مهمة فقط ولكن كانت أيضا الإقليم الشمالي ومصر إقليمها الجنوبي لدولة الوحدة وهي أهم تجارب الوحدة العربية, فسوريا طرف مهمة في النزاع العربي الإسرائيلي, وطرف مازال لديه تأثير علي الساحة اللبنانية التي طالما وصفتها بمعمل التجريب والتحضير الإقليمي في الشرق الأوسط. والاقتتال الذي وقع في لبنان بين مؤيدين أو معارضين لنظام بشار عرض علي التأثير في لبنان. سوريا أيضا لديها أوراق تتصل بالأبعاد المختلفة للقضية الفلسطينية ومنهج التحرك في تسويتها سواء كان المنهج قتاليا أو كان سلميا. دمشق تأوي كما هو معروف فصائل فلسطينية وتستطيع أن تحشد قدرا كبيرا من التأثير علي أطراف فلسطينية مهمة في مقدمتها حماس. وما يحدث في سوريا مهم من حيث أن التركيبة العرقية والطائفية فيها تمتد عبر الحدود إلي العراق ولبنان وبالتالي تداعيات ما يحدث داخل سوريا يمكن أن تلتهم كل المشرق العربي وترمز إلي شيعة وسنة علي وجه الخصوص في وقت يوجد فيه موقف بالنسبة لإيران الظهير الدولي للشيعة في الخليج وفي غير الخليج. هذه الاعتبارات إذا وضعت علي خلفية صورة تقف فيها مصر موقف القلب من الأمة العربية تحتم علي مصر أن تتحرك في اتجاه التعامل مع الأزمة في سوريا بقدر كبير من وضوح الرؤية وأيضا مراعاة اعتبارات إقليمية متعددة وداخلية شديدة الأهمية. ويضيف السفير فتحي الشاذلي قائلا إن الأمن القومي المصري متصل بقدرة مصر علي التأثير هل ستنتظر مصر أن تأتي المبادرة من طرف خليجي أو غير خليجي؟ السيناريو الموجود علي الأرض الآن ينبئ بإمكان تكرار ما حدث في ليبيا هل من المطلوب والمسموح به مصريا أن يتدخل حلف الأطلنطي لضرب مقدرات الجيش السوري وإخراج سوريا من القدرة علي أن تكون طرفا في التوازن الاستراتيجي في المنطقة. هل تحييد الجيش السوري في المواجهة مع إسرائيل وبالتالي تكريس احتلال الجولان وتكريس السيادة الإسرائيلية علي المستوي الاستراتيجي في الجبهة الشرقية في مصلحة أي طرف عربي تأثير القضاء علي المقدرات العسكرية السورية بدعوي حماية الشعب من بطش الجيش,, يصب في مصلحة أي طرف عربي؟( لابد من العمل العربي المشترك). ولابد من أن تدعو مصر لعقد اجتماع طارئ علي مستوي القمة للجامعة العربية لاتخاذ قرارات حازمة وفرض حصار بري وبحري وجوي عربي علي سوريا وتجميد كل المصالح السورية في المنطقة العربية والتدارس فيما يمكن عمله فعليا لدعم انتقال السلطة من النظام الغاصب الموجود في دمشق إلي نظام منتخب يقوم علي احترام الأعراف الديمقراطية.